الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿واللَّهُ يُرِيدُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْكم ويُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ فِيهِ مَسْألَتانِ: المَسْألَةُ الأُولى: قِيلَ: المَجُوسُ كانُوا يُحِلُّونَ الأخَواتِ وبَناتِ الإخْوَةِ والأخَواتِ، فَلَمّا حَرَّمَهُنَّ اللَّهُ تَعالى قالُوا: إنَّكم تُحِلُّونَ بِنْتَ الخالَةِ والعَمَّةِ، والخالَةُ والعَمَّةُ عَلَيْكم حَرامٌ، فانْكِحُوا أيْضًا بَناتِ الأخِ والأُخْتِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَتِ المُعْتَزِلَةُ: قَوْلُهُ: ﴿واللَّهُ يُرِيدُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ تَعالى يُرِيدُ التَّوْبَةَ مِنَ الكُلِّ، والطّاعَةَ مِنَ الكُلِّ. قالَ أصْحابُنا: هَذا مُحالٌ؛ لِأنَّهُ تَعالى عَلِمَ مِنَ الفاسِقِ أنَّهُ لا يَتُوبُ، وعِلْمُهُ بِأنَّهُ لا يَتُوبُ مَعَ تَوْبَتِهِ ضِدّانِ، وذَلِكَ العِلْمُ مُمْتَنِعُ الزَّوالِ، ومَعَ وُجُوبِ أحَدِ الضِّدَّيْنِ كانَتْ إرادَةُ الضِّدِّ الآخَرِ إرادَةً لِما عَلِمَ كَوْنَهُ مُحالًا، وذَلِكَ مُحالٌ، وأيْضًا إذا كانَ هو تَعالى يُرِيدُ التَّوْبَةَ مِنَ الكُلِّ ويُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا، ثُمَّ يَحْصُلُ مُرادُ الشَّيْطانِ لا مُرادُ الرَّحْمَنِ، فَحِينَئِذٍ نَفاذُ الشَّيْطانِ في مُلْكِ الرَّحْمَنِ أتَمُّ مِن نَفاذِ الرَّحْمَنِ في مُلْكِ نَفْسِهِ وذَلِكَ مُحالٌ، فَثَبَتَ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿واللَّهُ يُرِيدُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ خِطابٌ مَعَ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ حَصَلَتْ هَذِهِ التَّوْبَةُ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب