الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكم في الكِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها ويُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهم حَتّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ .
قالَ المُفَسِّرُونَ: إنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا في مَجالِسِهِمْ يَخُوضُونَ في ذِكْرِ القُرْآنِ ويَسْتَهْزِءُونَ بِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وإذا رَأيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأعْرِضْ عَنْهم حَتّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [الأنْعامِ: ٦٨] . وهَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، ثُمَّ إنَّ أحْبارَ اليَهُودِ بِالمَدِينَةِ كانُوا يَفْعَلُونَ مِثْلَ فِعْلِ المُشْرِكِينَ، والقاعِدُونَ مَعَهم والمُوافِقُونَ لَهم عَلى ذَلِكَ الكَلامِ هُمُ المُنافِقُونَ، فَقالَ تَعالى مُخاطِبًا لِلْمُنافِقِينَ إنَّهُ: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكم فِي﴾ (p-٦٥)﴿الكِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها ويُسْتَهْزَأُ بِها﴾ والمَعْنى: إذا سَمِعْتُمُ الكُفْرَ بِآياتِ اللَّهِ والِاسْتِهْزاءَ بِها، ولَكِنْ أوْقَعَ فِعْلَ السَّماعِ عَلى الآياتِ، والمُرادُ بِهِ سَماعُ الِاسْتِهْزاءِ. قالَ الكِسائِيُّ: وهو كَما يُقالُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يُلامُ.
وعِنْدِي فِيهِ وجْهٌ آخَرُ وهو أنْ يَكُونَ المَعْنى: إذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ حالَ ما يُكْفَرُ بِها ويُسْتَهْزَأُ بِها، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ فَلا حاجَةَ إلى ما قالَ الكِسائِيُّ، فَلا تَقْعُدُوا مَعَهم حَتّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِ الكُفْرِ والِاسْتِهْزاءِ.
* * *
ثُمَّ قالَ: ﴿إنَّكم إذًا مِثْلُهُمْ﴾ .
والمَعْنى: أيُّها المُنافِقُونَ أنْتُمْ مِثْلُ أُولَئِكَ الأحْبارِ في الكُفْرِ. قالَ أهْلُ العِلْمِ: هَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ مَن رَضِيَ بِالكُفْرِ فَهو كافِرٌ، ومَن رَضِيَ بِمُنْكَرٍ يَراهُ وخالَطَ أهْلَهُ وإنْ لَمْ يُباشِرْ كانَ في الإثْمِ بِمَنزِلَةِ المُباشِرِ بِدَلِيلِ أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ لَفْظَ المِثْلِ هَهُنا، هَذا إذا كانَ الجالِسُ راضِيًا بِذَلِكَ الجُلُوسِ، فَأمّا إذا كانَ ساخِطًا لِقَوْلِهِمْ وإنَّما جَلَسَ عَلى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ والخَوْفِ فالأمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ، ولِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ قُلْنا بِأنَّ المُنافِقِينَ الَّذِينَ كانُوا يُجالِسُونَ اليَهُودَ، وكانُوا يَطْعَنُونَ في القُرْآنِ والرَّسُولِ كانُوا كافِرِينَ مِثْلَ أُولَئِكَ اليَهُودِ، والمُسْلِمُونَ الَّذِينَ كانُوا بِالمَدِينَةِ كانُوا بِمَكَّةَ يُجالِسُونَ الكُفّارَ الَّذِينَ كانُوا يَطْعَنُونَ في القُرْآنِ فَإنَّهم كانُوا باقِينَ عَلى الإيمانِ، والفَرْقُ أنَّ المُنافِقِينَ كانُوا يُجالِسُونَ اليَهُودَ مَعَ الِاخْتِيارِ، والمُسْلِمِينَ كانُوا يُجالِسُونَ الكُفّارَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
ثُمَّ إنَّهُ تَعالى حَقَّقَ كَوْنَ المُنافِقِينَ مِثْلَ الكافِرِينَ في الكُفْرِ، فَقالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ جامِعُ المُنافِقِينَ والكافِرِينَ في جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ .
يُرِيدُ كَما أنَّهُمُ اجْتَمَعُوا عَلى الِاسْتِهْزاءِ بِآياتِ اللَّهِ في الدُّنْيا فَكَذَلِكَ يَجْتَمِعُونَ في عَذابِ جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيامَةِ، وأرادَ ”جامِعٌ“ بِالتَّنْوِينِ لِأنَّهُ بَعْدُ ما جَمَعَهم، ولَكِنْ حَذَفَ التَّنْوِينَ اسْتِخْفافًا مِنَ اللَّفْظِ وهو مُرادٌ في الحَقِيقَةِ.
{"ayah":"وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ یُكۡفَرُ بِهَا وَیُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُوا۟ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ یَخُوضُوا۟ فِی حَدِیثٍ غَیۡرِهِۦۤ إِنَّكُمۡ إِذࣰا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡكَـٰفِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











