الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نارًا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ . اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى أكَّدَ الوَعِيدَ في أكْلِ مالِ اليَتِيمِ ظُلْمًا، وقَدْ كَثُرَ الوَعِيدُ في هَذِهِ الآياتِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى عَلى مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ولا تَأْكُلُوا أمْوالَهم إلى أمْوالِكم إنَّهُ كانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾، ﴿ولْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِن خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافًا﴾ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَها هَذِهِ الآيَةَ مُفْرَدَةً في وعِيدِ مَن يَأْكُلُ أمْوالَهم، وذَلِكَ كُلُّهُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى بِاليَتامى؛ لِأنَّهم لِكَمالِ ضَعْفِهِمْ وعَجْزِهِمُ اسْتَحَقُّوا مِنَ اللَّهِ مَزِيدَ العِنايَةِ والكَرامَةِ، وما أشَدَّ دَلالَةَ هَذا الوَعِيدِ عَلى سَعَةِ رَحْمَتِهِ وكَثْرَةِ عَفْوِهِ وفَضْلِهِ؛ لِأنَّ اليَتامى لَمّا بَلَغُوا في الضَّعْفِ إلى الغايَةِ القُصْوى بَلَغَتْ عِنايَةُ اللَّهِ بِهِمْ إلى الغايَةِ القُصْوى. وفي الآيَةِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: دَلَّتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى أنَّ مالَ اليَتِيمِ قَدْ يُؤْكَلُ غَيْرَ ظُلْمٍ، وإلّا لَمْ يَكُنْ لِهَذا التَّخْصِيصِ فائِدَةٌ، وذَلِكَ ما ذَكَرْناهُ فِيما تَقَدَّمَ أنَّ لِلْوَلِيِّ المُحْتاجِ أنْ يَأْكُلَ مِن مالِهِ بِالمَعْرُوفِ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿إنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نارًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: الأوَّلُ: أنْ يُجْرى ذَلِكَ عَلى ظاهِرِهِ قالَ السُّدِّيُّ: إذا أكَلَ الرَّجُلُ مالَ اليَتِيمِ ظُلْمًا يُبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ ولَهَبُ النّارِ يَخْرُجُ مِن فِيهِ ومَسامِعِهِ وأُذُنَيْهِ (p-١٦٣)وعَيْنَيْهِ، يَعْرِفُ كُلُّ مَن رَآهُ أنَّهُ أكَلَ مالَ اليَتِيمِ. وعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ”«لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رَأيْتُ قَوْمًا لَهم مَشافِرُ كَمَشافِرِ الإبِلِ وقَدْ وُكِّلَ بِهِمْ مَن يَأْخُذُ بِمَشافِرِهِمْ ثُمَّ يَجْعَلُ في أفْواهِهِمْ صَخْرًا مِنَ النّارِ يَخْرُجُ مِن أسافِلِهِمْ، فَقُلْتُ يا جِبْرِيلُ مَن هَؤُلاءِ: فَقالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا» “ . والقَوْلُ الثّانِي: إنَّ ذَلِكَ تَوَسُّعٌ، والمُرادُ: إنَّ أكْلَ مالِ اليَتِيمِ جارٍ مَجْرى أكْلِ النّارِ مِن حَيْثُ إنَّهُ يُفْضِي إلَيْهِ ويَسْتَلْزِمُهُ، وقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ أحَدِ المُتَلازِمَيْنِ عَلى الآخَرِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها﴾ [الشورى: ٤٠] قالَ القاضِي: وهَذا أوْلى مِنَ الأوَّلِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نارًا﴾ الإشارَةُ فِيهِ إلى كُلِّ واحِدٍ، فَكانَ حَمْلُهُ عَلى التَّوَسُّعِ الَّذِي ذَكَرْناهُ أوْلى. المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: الأكْلُ لا يَكُونُ إلّا في البَطْنِ فَما فائِدَةُ قَوْلِهِ: ﴿إنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نارًا﴾ . وجَوابُهُ: أنَّهُ كَقَوْلِهِ: ﴿يَقُولُونَ بِأفْواهِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: ٦٧] والقَوْلُ لا يَكُونُ إلّا بِالفَمِ، وقالَ: ﴿ولَكِنْ تَعْمى القُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦] والقَلْبُ لا يَكُونُ إلّا في الصَّدْرِ، وقالَ: ﴿ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ﴾ [الأنعام: ٣٨] والطَّيَرانُ لا يَكُونُ إلّا بِالجَناحِ، والغَرَضُ مِن كُلِّ ذَلِكَ التَّأْكِيدُ والمُبالَغَةُ. المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: أنَّهُ تَعالى وإنْ ذَكَرَ الأكْلَ إلّا أنَّ المُرادَ مِنهُ كُلُّ أنْواعِ الإتْلافاتِ، فَإنَّ ضَرَرَ اليَتِيمِ لا يَخْتَلِفُ بِأنْ يَكُونَ إتْلافُ مالِهِ بِالأكْلِ، أوْ بِطْرِيقٍ آخَرَ، وإنَّما ذَكَرَ الأكْلَ وأرادَ بِهِ كُلَّ التَّصَرُّفاتِ المُتْلِفَةِ لِوُجُوهٍ: أحَدُها: أنَّ عامَّةَ مالِ اليَتِيمِ في ذَلِكَ الوَقْتِ هو الأنْعامُ الَّتِي يَأْكُلُ لُحُومَها ويَشْرَبُ ألْبانَها. فَخَرَجَ الكَلامُ عَلى عادَتِهِمْ. وثانِيها: أنَّهُ جَرَتِ العادَةُ فِيمَن أنْفَقَ مالَهُ في وُجُوهِ مُراداتِهِ خَيْرًا كانَتْ أوْ شَرًّا، أنَّهُ يُقالُ: إنَّهُ أكَلَ مالَهُ. وثالِثُها: أنَّ الأكْلَ هو المُعَظَّمُ فِيما يُبْتَغى مِنَ التَّصَرُّفاتِ. المَسْألَةُ الخامِسَةُ: قالَتِ المُعْتَزِلَةُ: الآيَةُ دالَّةٌ عَلى وعِيدِ كُلِّ مَن فَعَلَ هَذا الفِعْلَ، سَواءً كانَ مُسْلِمًا أوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا﴾ عامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الكُلُّ فَهَذا يَدُلُّ عَلى القَطْعِ بِالوَعِيدِ وقَوْلُهُ: ﴿وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ يُوجِبُ القَطْعَ عَلى أنَّهم إذا ماتُوا عَلى غَيْرِ تَوْبَةٍ يَصْلَوْنَ هَذا السَّعِيرَ لا مَحالَةَ، والجَوابُ عَنْهُ قَدْ ذَكَرْناهُ مُسْتَقْصًى في سُورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ نَقُولُ: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ هَذا الوَعِيدُ مَخْصُوصًا بِالكُفّارِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٤] ثُمَّ قالَتِ المُعْتَزِلَةُ: ولا يَجُوزُ أنْ يَدْخُلَ تَحْتَ هَذا الوَعِيدِ أكْلُ اليَسِيرِ مِن مالِهِ؛ لِأنَّ الوَعِيدَ مَشْرُوطٌ بِأنْ لا يَكُونَ مَعَهُ تَوْبَةٌ ولا طاعَةٌ أعْظَمُ مِن تِلْكَ المَعْصِيَةِ، وإذا كانَ كَذَلِكَ، فالَّذِي يَقْطَعُ عَلى أنَّهُ مِن أهْلِ الوَعِيدِ مَن تَكُونُ مَعْصِيَتُهُ كَبِيرَةً ولا يَكُونُ مَعَها تَوْبَةٌ، فَلا جَرَمَ وجَبَ أنْ يَطْلُبَ قَدْرَ ما يَكُونُ كَثِيرًا مَن أُكِلَ مالُهُ، فَقالَ أبُو عَلِيٍّ الجُبّائِيُّ: قَدْرُهُ خَمْسَةُ دَراهِمَ؛ لِأنَّهُ هو القَدْرُ الَّذِي وقَعَ الوَعِيدُ عَلَيْهِ في آيَةِ الكَنْزِ في مَنعِ الزَّكاةِ، هَذا جُمْلَةُ ما ذَكَرَهُ القاضِي، فَيُقالُ لَهُ: فَأنْتَ قَدْ خالَفْتَ ظاهِرَ هَذا العُمُومِ مِن وجْهَيْنِ. أحَدُهُما: أنَّكَ زِدْتَ فِيهِ شَرْطَ عَدَمِ التَّوْبَةِ. والثّانِي: أنَّكَ زِدْتَ فِيهِ عَدَمَ كَوْنِهِ صَغِيرًا، وإذا جازَ ذَلِكَ فَلِمَ لا يَجُوزُ لَنا أنْ نَزِيدَ فِيهِ شَرْطَ عَدَمِ العَفْوِ ؟ أقْصى ما في البابِ أنْ يُقالَ: ما وجَدْنا دَلِيلًا يَدُلُّ عَلى حُصُولِ العَفْوِ، لَكِنّا نُجِيبُ عَنْهُ مِن وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنّا لا نُسَلِّمُ عَدَمَ دَلائِلَ العَفْوِ، بَلْ هي كَثِيرَةٌ عَلى ما قَرَّرْناهُ في سُورَةِ البَقَرَةِ. والثّانِي: هَبْ أنَّكم ما وجَدْتُمُوها لَكِنَّ عَدَمَ الوِجْدانِ لا (p-١٦٤)يُفِيدُ القَطْعَ بِعَدَمِ الوُجُودِ، بَلْ يَبْقى الِاحْتِمالُ، وحِينَئِذٍ يَخْرُجُ التَّمَسُّكُ بِهَذِهِ الآيَةِ مِن إفادَةِ القَطْعِ والجَزْمِ. . واللَّهُ أعْلَمُ. المَسْألَةُ السّادِسَةُ: أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ وعِيدَ مانِعِي الزَّكاةِ بِالكَيِّ فَقالَ: ﴿يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها في نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهم وجُنُوبُهم وظُهُورُهُمْ﴾ [التوبة: ٣٥] وذَكَرَ وعِيدَ آكِلِ مالِ اليَتِيمِ بِامْتِلاءِ البَطْنِ مِنَ النّارِ، ولا شَكَّ أنَّ هَذا الوَعِيدَ أشَدُّ، والسَّبَبُ فِيهِ أنَّ في بابِ الزَّكاةِ الفَقِيرَ غَيْرُ مالِكٍ لِجُزْءٍ مِنَ النِّصابِ، بَلْ يَجِبُ عَلى المالِكِ أنْ يُمَلِّكَهُ جُزْءًا مِن مالِهِ، أمّا هَهُنا اليَتِيمُ مالِكٌ لِذَلِكَ المالِ فَكانَ مَنعُهُ مِنَ اليَتِيمِ أقْبَحَ، فَكانَ الوَعِيدُ أشَدَّ، ولِأنَّ الفَقِيرَ قَدْ يَكُونُ كَبِيرًا فَيَقْدِرُ عَلى الِاكْتِسابِ، أمّا اليَتِيمُ فَإنَّهُ لِصِغَرِهِ وضَعْفِهِ عاجِزٌ فَكانَ الوَعِيدُ في إتْلافِ مالِهِ أشَدَّ. * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ وفِيهِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ ابْنُ عامِرٍ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ (وسَيُصْلَوْنَ) بِضَمِّ الياءِ، أيْ يُدْخَلُونَ النّارَ عَلى ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والباقُونَ بِفَتْحِ الياءِ قالَ أبُو زَيْدٍ يُقالُ: صَلِيَ الرَّجُلُ النّارَ يَصْلاها صَلًى وصِلاءً، وهو صالِي النّارِ، وقَوْمٌ صالُونَ وصَلاءٌ قالَ تَعالى: ﴿إلّا مَن هو صالِي الجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣] وقالَ: ﴿أوْلى بِها صِلِيًّا﴾ (مَرْيَمَ: ٧٠ ] وقالَ: ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها﴾ ( إبْراهِيمَ: ٢٩ ] قالَ الفَرّاءُ: الصَّلى: اسْمُ الوَقُودِ وهو الصِّلاءُ إذا كَسَرْتَ مَدَتَّ، وإذا فَتَحْتَ قَصَرْتَ، ومَن ضَمَّ الياءَ فَهو مِن قَوْلِهِمْ: أصْلاهُ اللَّهُ حَرَّ النّارِ إصْلاءً. قالَ: ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نارًا﴾ [النساء: ٣٠] وقالَ تَعالى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر: ٢٦] قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: قُرِئَ ( سَيُصْلَوْنَ) بِضَمِّ الياءِ وتَخْفِيفِ اللّامِ وتَشْدِيدِها. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: السَّعِيرُ: هو النّارُ المُسْتَعِرَةُ يُقالُ: سَعَرْتُ النّارَ أسْعَرُها سَعْرًا فَهِي مَسْعُورَةٌ وسَعِيرٌ، والسَّعِيرُ مَعْدُولٌ عَنْ مَسْعُورَةٍ كَما عُدِلَ كَفٌّ خَضِيبٌ عَنْ مَخْضُوبَةٍ، وإنَّما قالَ: (سَعِيرًا)؛ لِأنَّ المُرادَ نارٌ مِنَ النِّيرانِ مُبْهَمَةٌ لا يَعْرِفُ غايَةَ شِدَّتِها إلّا اللَّهُ تَعالى. المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: رُوِيَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ثَقُلَ ذَلِكَ عَلى النّاسِ فاحْتَرَزُوا عَنْ مُخالَطَةِ اليَتامى بِالكُلِّيَّةِ، فَصَعُبَ الأمْرُ عَلى اليَتامى فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنْ تُخالِطُوهم فَإخْوانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠] ومِنَ الجُهّالِ مَن قالَ: صارَتْ هَذِهِ الآيَةُ مَنسُوخَةً بِتِلْكَ، وهو بَعِيدٌ؛ لِأنَّ هَذِهِ الآيَةَ في المَنعِ مِنَ الظُّلْمِ وهَذا لا يَصِيرُ مَنسُوخًا، بَلِ المَقْصُودُ أنَّ مُخالَطَةَ أمْوالِ اليَتامى إنْ كانَ عَلى سَبِيلِ الظُّلْمِ فَهو مِن أعْظَمِ أبْوابِ الإثْمِ كَما في هَذِهِ الآيَةِ، وإنْ كانَ عَلى سَبِيلِ التَّرْبِيَةِ والإحْسانِ فَهو مِن أعْظَمِ أبْوابِ البِرِّ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُخالِطُوهم فَإخْوانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠] . واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب