الباحث القرآني
(p-٩٣)ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿لِيُنْذِرَ مَن كانَ حَيًّا ويَحِقَّ القَوْلُ عَلى الكافِرِينَ﴾ .
قُرِئَ بِالتّاءِ والياءِ، خِطابًا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وبِالياءِ عَلى وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ المُنْذِرُ هو النَّبِيَّ ﷺ حَيْثُ سَبَقَ ذِكْرُهُ في قَوْلِهِ: ﴿وما عَلَّمْناهُ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿وما يَنْبَغِي لَهُ﴾ .
وثانِيهِما: أنْ يَكُونَ المُرادُ أنَّ القُرْآنَ يُنْذِرُ، والأوَّلُ أقْرَبُ إلى المَعْنى، والثّانِي أقْرَبُ إلى اللَّفْظِ؛ أمّا الأوَّلُ فَلِأنَّ المُنْذِرَ صِفَةً لِلرُّسُلِ أكْثَرُ وُرُودًا مِنَ المُنْذِرِ صِفَةً لِلْكُتُبِ، وأمّا الثّانِي فَلِأنَّ القُرْآنَ أقْرَبُ المَذْكُورِينَ إلى قَوْلِهِ: ﴿لِيُنْذِرَ﴾ .
وقَوْلُهُ: ﴿مَن كانَ حَيًّا﴾ أيْ: مَن كانَ حَيَّ القَلْبِ، ويَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ المُرادُ مَن كانَ حَيًّا في عِلْمِ اللَّهِ فَيُنْذِرُهُ بِهِ فَيُؤْمِنُ.
الثّانِي: أنْ يَكُونَ المُرادُ لِيُنْذِرَ بِهِ مَن كانَ حَيًّا في نَفْسِ الأمْرِ، أيْ: مَن آمَنَ فَيَنْذُرُهُ بِما عَلى المَعاصِي مِنَ العِقابِ وبِما عَلى الطّاعَةِ مِنَ الثَّوابِ ﴿ويَحِقَّ القَوْلُ عَلى الكافِرِينَ﴾ أمّا قَوْلُ العَذابِ وكَلِمَتُهُ كَما قالَ تَعالى: ﴿ولَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لَأمْلَأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَقَّتْ كَلِمَةُ العَذابِ﴾ [الزمر: ٧١] وذَلِكَ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ: ﴿وما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥] فَإذا جاءَ حَقَّ التَّعْذِيبُ عَلى مَن وُجِدَ مِنهُ التَّكْذِيبُ، وأمّا القَوْلُ المَقُولُ في الوَحْدانِيَّةِ والرِّسالَةِ والحَشْرِ وسائِرِ المَسائِلِ الأُصُولِيَّةِ الدِّينِيَّةِ فَإنَّ القُرْآنَ فِيهِ ذِكْرُ الدَّلائِلِ الَّتِي بِها تَثْبُتُ المَطالِبُ.
ثُمَّ إنَّهُ تَعالى أعادَ الوَحْدانِيَّةَ ودَلائِلَ دالَّةً عَلَيْها فَقالَ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا خَلَقْنا لَهم مِمّا عَمِلَتْ أيْدِينا أنْعامًا﴾ .
أيْ: مِن جُمْلَةِ ما عَمِلَتْ أيْدِينا أيْ: ما عَمِلْناهُ مِن غَيْرِ مُعِينٍ ولا ظَهِيرٍ بَلْ عَمِلْناهُ بِقُدْرَتِنا وإرادَتِنا.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهم لَها مالِكُونَ﴾ إشارَةٌ إلى إتْمامِ الإنْعامِ في خَلْقِ الأنْعامِ، فَإنَّهُ تَعالى لَوْ خَلَقَها ولَمْ يُمَلِّكْها الإنْسانَ ما كانَ يَنْتَفِعُ بِها.
وقَوْلُهُ: ﴿وذَلَّلْناها لَهُمْ﴾ زِيادَةُ إنْعامٍ فَإنَّ المَمْلُوكَ إذا كانَ آبِيًا مُتَمَرِّدًا لا يَنْفَعُ، فَلَوْ كانَ الإنْسانُ يَمْلِكُ الأنْعامَ وهي نادَّةٌ صادَّةٌ لَما تَمَّ الإنْعامُ الَّذِي في الرُّكُوبِ وإنْ كانَ يَحْصُلُ الأكْلُ كَما في الحَيَواناتِ الوَحْشِيَّةِ، بَلْ ما كانَ يَكْمُلُ نِعْمَةُ الأكْلِ أيْضًا إلّا بِالتَّعَبِ الَّذِي في الِاصْطِيادِ، ولَعَلَّ ذَلِكَ لا يَتَهَيَّأُ [ إلّا ] لِلْبَعْضِ وفي البَعْضِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمِنها رَكُوبُهم ومِنها يَأْكُلُونَ﴾ بَيانٌ لِمَنفَعَةِ التَّذْلِيلِ إذْ لَوْلا التَّذْلِيلُ لَما وُجِدَتْ إحْدى المَنفَعَتَيْنِ وكانَتِ الأُخْرى قَلِيلَةَ الوُجُودِ.
ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى غَيْرَ الرُّكُوبِ والأكْلِ مِنَ الفَوائِدِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَهم فِيها مَنافِعُ ومَشارِبُ﴾ وذَلِكَ لِأنَّ مِنَ الحَيَواناتِ ما لا يُرْكَبُ كالغَنَمِ فَقالَ: مَنافِعُ لِتَعُمَّها، والمَشارِبُ كَذَلِكَ عامَّةٌ، إنْ قُلْنا بِأنَّ المُرادَ جَمْعُ مِشْرَبٍ وهو الآنِيَةُ، فَإنَّ مِنَ الجُلُودِ ما يُتَّخَذُ أوانِيَ لِلشُّرْبِ والأدَواتِ مِنَ القِرَبِ [ وغَيْرِها ]، وإنْ قُلْنا: إنَّ المُرادَ المَشْرُوبُ وهو الألْبانُ والأسْمانُ فَهي مُخْتَصَّةٌ بِالإناثِ ولَكِنْ بِسَبَبِ الذُّكُورِ فَإنَّ ذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلى الحَمْلِ وهو بِالذُّكُورِ والإناثِ.
(p-٩٤)ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿أفَلا يَشْكُرُونَ﴾ هَذِهِ النِّعَمُ الَّتِي تُوجِبُ العِبادَةَ شُكْرًا، ولَوْ شَكَرْتُمْ لَزادَكم مِن فَضْلِهِ، ولَوْ كَفَرْتُمْ لَسَلَبَها مِنكم، فَما قَوْلُكم، أفَلا تَشْكُرُونَ اسْتِدامَةً لَها واسْتِزادَةً فِيها ؟ .
{"ayahs_start":71,"ayahs":["أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَیۡدِینَاۤ أَنۡعَـٰمࣰا فَهُمۡ لَهَا مَـٰلِكُونَ","وَذَلَّلۡنَـٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا یَأۡكُلُونَ","وَلَهُمۡ فِیهَا مَنَـٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا یَشۡكُرُونَ","وَٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةࣰ لَّعَلَّهُمۡ یُنصَرُونَ"],"ayah":"وَذَلَّلۡنَـٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا یَأۡكُلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











