الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ سَعَوْا في آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهم عَذابٌ مِن رِجْزٍ ألِيمٌ﴾ .
لَمّا بَيَّنَ حالَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيامَةِ بَيَّنَ حالَ الكافِرِينَ، وقَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ سَعَوْا في آياتِنا﴾ أيْ بِالإبْطالِ، ويَكُونُ مَعْناهُ: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا، وحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذا في مُقابَلَةِ ما تَقَدَّمَ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿آمَنُوا﴾ مَعْناهُ صَدَّقُوا وهَذا مَعْناهُ كَذَّبُوا فَإنْ قِيلَ مِن أيْنَ عُلِمَ كَوْنُ سَعْيِهِمْ في الإبْطالِ مَعَ أنَّ المَذْكُورَ مُطْلَقُ السَّعْيِ ؟ فَنَقُولُ: فُهِمَ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مُعاجِزِينَ﴾ وذَلِكَ لِأنَّهُ حالٌ مَعْناهُ سَعَوْا فِيها وهم يُرِيدُونَ التَّعْجِيزَ وبِالسَّعْيِ في التَّقْرِيرِ والتَّبْلِيغِ لا يَكُونُ السّاعِي مُعاجِزًا لِأنَّ القُرْآنَ وآياتِ اللَّهِ مُعْجِزَةٌ في نَفْسِها لا حاجَةَ لَها إلى أحَدٍ، وأمّا المُكَذِّبُ فَهو آتٍ بِإخْفاءِ آياتٍ بَيِّناتٍ فَيَحْتاجُ إلى السَّعْيِ العَظِيمِ والجَدِّ البَلِيغِ لِيُرَوِّجَ كَذِبَهُ لَعَلَّهُ يُعْجِزُ المُتَمَسِّكَ بِهِ، وقِيلَ بِأنَّ المُرادَ مِن قَوْلِهِ: ﴿مُعاجِزِينَ﴾ أيْ ظانِّينَ أنَّهم يُفَوِّتُونَ اللَّهَ، وعَلى هَذا يَكُونُ كَوْنُ السّاعِي ساعِيًا بِالباطِلِ في (p-٢١٠)غايَةِ الظُّهُورِ، ولَهم عَذابٌ في مُقابَلَةِ ﴿لَهم رِزْقٌ﴾، وفي الآيَةِ لَطائِفُ: الأُولى: قالَ هَهُنا: ﴿لَهم عَذابٌ﴾ ولَمْ يَقُلْ: يَجْزِيهِمُ اللَّهُ، وقَدْ تَقَدَّمَ القَوْلُ مِنّا أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ اللَّهُ يَجْزِيهِمْ بِشَيْءٍ آخَرَ، وقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ لَهم مَغْفِرَةٌ﴾ إخْبارٌ عَنْ مُسْتَحَقِّهِمُ المُعَدِّ لَهم، وعَلى الجُمْلَةِ فاحْتِمالُ الزِّيادَةِ هُناكَ قائِمٌ نَظَرًا إلى قَوْلِهِ: ﴿لِيَجْزِيَ﴾ وهَهُنا لَمْ يَقُلْ لِيُجازِيَهم، فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ.
الثّانِيَةُ: قالَ هُناكَ: لَهم مَغْفِرَةٌ، ثُمَّ زادَهم فَقالَ: ﴿ورِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ وهَهُنا لَمْ يَقُلْ إلّا لَهم عَذابٌ مِن رِجْزٍ ألِيمٌ، والجَوابُ تَقَدَّمَ في مِثْلِهِ.
الثّالِثَةُ: قالَ هُناكَ: ﴿لَهم مَغْفِرَةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ ولَمْ يُقَلِّلْهُ بِمِنَ التَّبْعِيضِيَّةِ فَلَمْ يَقُلْ لَهم نَصِيبٌ مِن رِزْقٍ، ولا رِزْقٌ مِن جِنْسٍ كَرِيمٍ، وقالَ هَهُنا: ﴿لَهم عَذابٌ مِن رِجْزٍ ألِيمٌ﴾ بِلَفْظَةٍ صالِحَةٍ لِلتَّبْعِيضِ وكُلُّ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى سَعَةِ الرَّحْمَةِ وقِلَّةِ الغَضَبِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْها والرِّجْزُ قِيلَ: أسْوَأُ العَذابِ، وعَلى هَذا ”مِن“ لِبَيانِ الجِنْسِ كَقَوْلِ القائِلِ: خاتَمٌ مِن فِضَّةٍ، وفي الألِيمِ قِراءَتانِ الجَرُّ والرَّفْعُ، فالرَّفْعُ عَلى أنَّ الألِيمَ وصْفُ العَذابِ كَأنَّهُ قالَ: عَذابٌ ألِيمٌ مِن أسْوَأِ العَذابِ والجَرُّ عَلى أنَّهُ وصْفٌ لِلرِّجْزِ والرَّفْعُ أقْرَبُ نَظَرًا إلى المَعْنى، والجَرُّ نَظَرًا إلى اللَّفْظِ، فَإنْ قِيلَ: فَلِمَ تَنْحَصِرُ الأقْسامُ في المُؤْمِنِ الصّالِحِ عَمَلُهُ والمُكَذِّبِ السّاعِي المُعَجِّزِ لِجَوازِ أنْ يَكُونَ أحَدٌ مُؤْمِنًا لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ صالِحٌ أوْ كافِرٌ مُتَوَقِّفٌ، فَنَقُولُ إذا عُلِمَ حالُ الفَرِيقَيْنِ المَذْكُورَيْنِ يُعْلَمُ أنَّ المُؤْمِنَ قَرِيبُ الدَّرَجَةِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ أمْرُهُ، والكافِرُ قَرِيبُ الدَّرَجَةِ مِمَّنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ ولِلْمُؤْمِنِ مَغْفِرَةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ، وإنْ لَمْ يَكُنْ في الكَرامَةِ مِثْلَ رِزْقِ الَّذِي عَمِلَ صالِحًا ولِلْكافِرِ غَيْرِ المُعانِدِ عَذابٌ وإنْ لَمْ يَكُنْ مِن أسْوَأِ الأنْواعِ الَّتِي لِلْمُكَذِّبِينَ المُعانِدِينَ.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ سَعَوۡ فِیۤ ءَایَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِینَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابࣱ مِّن رِّجۡزٍ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











