الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿قُلْ لا تُسْألُونَ عَمّا أجْرَمْنا ولا نُسْألُ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ أضافَ الإجْرامَ إلى النَّفْسِ وقالَ في حَقِّهِمْ: ﴿ولا نُسْألُ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ ذَكَرَ بِلَفْظِ العَمَلِ لِئَلّا يَحْصُلَ الإغْضابُ المانِعُ مِنَ الفَهْمِ، وقَوْلُهُ: ﴿لا تُسْألُونَ﴾ ﴿ولا نُسْألُ﴾ زِيادَةُ حَثٍّ عَلى النَّظَرِ وذَلِكَ لِأنَّ كُلَّ أحَدٍ إذا كانَ مُؤاخَذًا بِجُرْمِهِ فَإذا احْتَرَزَ نَجا، ولَوْ كانَ البَرِيءُ يُؤاخَذُ بِالجُرْمِ لَما كَفى النَّظَرُ. ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالحَقِّ وهو الفَتّاحُ العَلِيمُ﴾ * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالحَقِّ وهو الفَتّاحُ العَلِيمُ﴾ أكَّدَ ما يُوجِبُ النَّظَرَ والتَّفَكُّرَ، فَإنَّ مُجَرَّدَ الخَطَأِ والضَّلالِ واجِبُ الِاجْتِنابِ، فَكَيْفَ إذا كانَ يَوْمَ عَرْضٍ وحِسابٍ وثَوابٍ وعَذابٍ، وقَوْلُهُ: ﴿يَفْتَحُ﴾ قِيلَ: مَعْناهُ يَحْكُمُ، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ بِأنَّ الفَتْحَ هَهُنا مَجازٌ، وذَلِكَ لِأنَّ البابَ المُغْلَقَ والمَنفَذَ المَسْدُودَ يُقالُ فِيهِ فَتَحَهُ عَلى طَرِيقِ الحَقِيقَةِ. ثُمَّ إنَّ الأمْرَ إذا كانَ فِيهِ انْغِلاقٌ وعَدَمُ وُصُولٍ إلَيْهِ فَإذا بَيَّنَهُ أحَدٌ يَكُونُ قَدْ فَتَحَهُ وقَوْلُهُ: ﴿وهُوَ الفَتّاحُ العَلِيمُ﴾ إشارَةٌ إلى أنَّ حُكْمَهُ يَكُونُ مَعَ العِلْمِ لا مِثْلَ حُكْمِ مَن يَحْكُمُ بِما يَتَّفِقُ لَهُ بِمُجَرَّدِ هَواهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب