الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وإذْ أخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنكَ ومِن نُوحٍ وإبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ وأخَذْنا مِنهم مِيثاقًا غَلِيظًا﴾
وجْهُ تَعَلُّقِ الآيَةِ بِما قَبْلَها هو أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا أمَرَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِالِاتِّقاءِ بِقَوْلِهِ: ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ وأكَّدَهُ بِالحِكايَةِ الَّتِي خَشِيَ فِيها النّاسَ لِكَيْ لا يَخْشى فِيها أحَدًا غَيْرَهُ وبَيَّنَ أنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ أمْرًا يُوجِبُ الخَشْيَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أنْفُسِهِمْ﴾ أكَّدَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ وقالَ: ﴿وإذْ أخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ﴾ كَأنَّهُ قالَ اتَّقِ اللَّهَ ولا تَخَفْ أحَدًا واذْكُرْ أنَّ اللَّهَ أخَذَ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ في أنَّهم يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ ولا يَمْنَعُهم مِن ذَلِكَ خَوْفٌ ولا طَمَعٌ، وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: المُرادُ مِنَ المِيثاقِ المَأْخُوذِ مِنَ النَّبِيِّينَ إرْسالُهم وأمْرُهم بِالتَّبْلِيغِ.
(p-١٧١)المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: خَصَّ بِالذِّكْرِ أرْبَعَةً مِنَ الأنْبِياءِ وهم: نُوحٌ وإبْراهِيمُ ومُوسى وعِيسى؛ لِأنَّ مُوسى وعِيسى كانَ لَهُما في زَمانِ نَبِيِّنا قَوْمٌ وأُمَّةٌ فَذَكَرَهُما احْتِجاجًا عَلى قَوْمِهِما، وإبْراهِيمَ كانَ العَرَبُ يَقُولُونَ بِفَضْلِهِ وكانُوا يَتْبَعُونَهُ في الشَّعائِرِ بَعْضِها، ونُوحًا لِأنَّهُ كانَ أصْلًا ثانِيًا لِلنّاسِ حَيْثُ وُجِدَ الخَلْقُ مِنهُ بَعْدَ الطُّوفانِ، وعَلى هَذا لَوْ قالَ قائِلٌ: فَآدَمُ كانَ أوْلى بِالذِّكْرِ مِن نُوحٍ. فَنَقُولُ: خَلْقُ آدَمَ كانَ لِلْعِمارَةِ ونُبُوَّتُهُ كانَتْ مِثْلَ الإرْشادِ لِلْأوْلادِ ولِهَذا لَمْ يَكُنْ في زَمانِهِ إهْلاكُ قَوْمٍ ولا تَعْذِيبٌ، وأمّا نُوحٌ فَكانَ مَخْلُوقًا لِلنُّبُوَّةِ وأُرْسِلَ لِلْإنْذارِ، ولِهَذا أُهْلِكَ قَوْمُهُ وأُغْرِقُوا.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: في كَثِيرٍ مِنَ المَواضِعِ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ﴾، ﴿المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ إشارَةً إلى أنَّهُ لا أبَ لَهُ إذْ لَوْ كانَ لَوَقَعَ التَّعْرِيفُ بِهِ، وقَوْلُهُ: ﴿وأخَذْنا مِنهم مِيثاقًا غَلِيظًا﴾ غِلَظُ المِيثاقِ هو سُؤالُهم عَمّا فَعَلُوا في الإرْسالِ كَما قالَ تَعالى: ﴿ولَنَسْألَنَّ المُرْسَلِينَ﴾ [الأعراف: ٦] وهَذا لِأنَّ المَلِكَ إذا أرْسَلَ رَسُولًا وأمَرَهُ بِشَيْءٍ وقَبِلَهُ فَهو مِيثاقٌ، فَإذا أعْلَمَهُ بِأنَّهُ يَسْألُ عَنْ حالِهِ في أفْعالِهِ وأقْوالِهِ يَكُونُ ذَلِكَ تَغْلِيظًا لِلْمِيثاقِ عَلَيْهِ حَتّى لا يَزِيدَ ولا يَنْقُصَ في الرِّسالَةِ، وعَلى هَذا يُمْكِنُ أنْ يُقالَ: بِأنَّ المُرادَ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وقَدْ أفْضى بَعْضُكم إلى بَعْضٍ وأخَذْنَ مِنكم مِيثاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: ٢١] هو الإخْبارُ بِأنَّهم مَسْئُولُونَ عَنْها، كَما قالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: “ «كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مَسْئُولٌ» “، وكَما أنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ الرِّجالَ قَوّامِينَ عَلى النِّساءِ جَعَلَ الأنْبِياءَ قائِمِينَ بِأُمُورِ أُمَّتِهِمْ وإرْشادِهِمْ إلى سَبِيلِ الرَّشادِ.
{"ayah":"وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مِیثَـٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحࣲ وَإِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّیثَـٰقًا غَلِیظࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











