الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وقالُوا أئِذا ضَلَلْنا في الأرْضِ أئِنّا لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هم بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ﴾
لَمّا قالَ: ﴿قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ بَيَّنَ عَدَمَ شُكْرِهِمْ بِإتْيانِهِمْ بِضِدِّهِ وهو الكُفْرُ وإنْكارُ قُدْرَتِهِ عَلى إحْياءِ المَوْتى، وقَدْ ذَكَرْنا أنَّ اللَّهَ تَعالى في كَلامِهِ القَدِيمِ كُلَّما ذَكَرَ أصْلَيْنِ مِنَ الأُصُولِ الثَّلاثَةِ لَمْ يَتْرُكِ الأصْلَ الثّالِثَ، وهاهُنا كَذَلِكَ لَمّا ذَكَرَ الرِّسالَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ﴾ [السجدة: ٢] إلى قَوْلِهِ: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أتاهم مِن نَذِيرٍ مِن قَبْلِكَ﴾ [السجدة: ٣] وذَكَرَ الوَحْدانِيَّةَ بِقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ﴾ [السجدة: ٤] إلى قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأبْصارَ﴾ ذَكَرَ الأصْلَ الثّالِثَ وهو الحَشْرُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وقالُوا أئِذا ضَلَلْنا في الأرْضِ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: الواوُ لِلْعَطْفِ عَلى ما سَبَقَ مِنهم، فَإنَّهم قالُوا: مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِرَسُولٍ، واللَّهُ لَيْسَ بِواحِدٍ، وقالُوا: الحَشْرُ لَيْسَ بِمُمْكِنٍ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: أنَّهُ تَعالى قالَ في تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ في الرِّسالَةِ: ﴿أمْ يَقُولُونَ﴾ بِلَفْظِ المُسْتَقْبَلِ، وقالَ في تَكْذِيبِهِمْ إيّاهُ في الحَشْرِ: ﴿وقالُوا﴾ بِلَفْظِ الماضِي؛ وذَلِكَ لِأنَّ تَكْذِيبَهم إيّاهُ في رِسالَتِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ وُجُودِهِ، وإنَّما كانَ ذَلِكَ حالَةَ وُجُودِهِ فَقالَ: ﴿يَقُولُونَ﴾ يَعْنِي هم فِيهِ، وأمّا إنْكارُهم لِلْحَشْرِ كانَ سابِقًا صادِرًا مِنهم ومِن آبائِهِمْ فَقالَ: ﴿وقالُوا﴾ .
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: أنَّهُ تَعالى صَرَّحَ بِذِكْرِ قَوْلِهِمْ في الرِّسالَةِ حَيْثُ قالَ: ﴿أمْ يَقُولُونَ﴾ وفي الحَشْرِ حَيْثُ قالَ: ﴿وقالُوا أئِذا﴾ ولَمْ يُصَرِّحْ بِذِكْرِ قَوْلِهِمْ في الوَحْدانِيَّةِ، وذَلِكَ لِأنَّهم كانُوا مُصِرِّينَ في جَمِيعِ الأحْوالِ عَلى إنْكارِ الحَشْرِ والرَّسُولِ، وأمّا الوَحْدانِيَّةُ فَكانُوا يَعْتَرِفُونَ بِها في المَعْنى، ألا تَرى أنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ: ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: ٢٥] فَلَمْ يَقُلْ: قالُوا إنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِواحِدٍ، وإنْ كانُوا قالُوهُ في الظّاهِرِ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: لَوْ قالَ قائِلٌ: لَمّا ذَكَرَ الرِّسالَةَ ذَكَرَ مِن قَبْلُ دَلِيلَها وهو التَّنْزِيلُ الَّذِي لا رَيْبَ فِيهِ، ولَمّا ذَكَرَ الوَحْدانِيَّةَ ذَكَرَ دَلِيلَها وهو خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ وخَلْقُ الإنْسانِ مَن طِينٍ، ولَمّا ذَكَرَ إنْكارَهُمُ الحَشْرَ لَمْ يَذْكُرِ الدَّلِيلَ. نَقُولُ في الجَوابِ: ذَكَرَ دَلِيلَهُ أيْضًا؛ وذَلِكَ لِأنَّ خَلْقَ الإنْسانِ ابْتِداءً دَلِيلٌ عَلى قُدْرَتِهِ عَلى إعادَتِهِ، (p-١٥٤)ولِهَذا اسْتَدَلَّ اللَّهُ عَلى إمْكانِ الحَشْرِ بِالخَلْقِ الأوَّلِ كَما قالَ: ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ وهو أهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] وقَوْلُهُ: ﴿قُلْ يُحْيِيها الَّذِي أنْشَأها أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس: ٧٩] وكَذَلِكَ خَلْقُ السَّماواتِ كَما قالَ تَعالى: ﴿أوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ بِقادِرٍ عَلى أنْ يَخْلُقَ مِثْلَهم بَلى﴾ [يس: ٨١] .
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أئِنّا لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أيْ أئِنّا كائِنُونَ في خَلْقٍ جَدِيدٍ أوْ واقِعُونَ فِيهِ ﴿بَلْ هم بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ﴾ إضْرابٌ عَنِ الأوَّلِ؛ يَعْنِي لَيْسَ إنْكارُهم لِمُجَرَّدِ الخَلْقِ ثانِيًا بَلْ يَكْفُرُونَ بِجَمِيعِ أحْوالِ الآخِرَةِ حَتّى لَوْ صَدَّقُوا بِالخَلْقِ؛ الثّانِي لَمّا اعْتَرَفُوا بِالعَذابِ والثَّوابِ، أوْ نَقُولُ: مَعْناهُ لَمْ يُنْكِرُوا البَعْثَ لِنَفْسِهِ بَلْ لِكُفْرِهِمْ، فَإنَّهم أنْكَرُوهُ فَأنْكَرُوا المُفْضِيَ إلَيْهِ، ثُمَّ بَيَّنَ ما يَكُونُ لَهم مِنَ المَوْتِ إلى العَذابِ.
{"ayah":"وَقَالُوۤا۟ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِی ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِی خَلۡقࣲ جَدِیدِۭۚ بَلۡ هُم بِلِقَاۤءِ رَبِّهِمۡ كَـٰفِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











