الباحث القرآني
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ وأنَّ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطِلُ وأنَّ اللَّهَ هو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾
ولَمّا ذَكَرَ تَعالى أوْصافَ الكَمالِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾، وقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ وأشارَ إلى الإرادَةِ والكَمالِ بِقَوْلِهِ: ﴿ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ﴾ وبِقَوْلِهِ: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ﴾ وعَلى الجُمْلَةِ فَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ الغَنِيُّ﴾ إشارَةٌ إلى كُلِّ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ فَإنَّهُ إذا كانَ غَنِيًّا لا يَكُونُ عَرَضًا مُحْتاجًا إلى الجَوْهَرِ في القَوامِ، ولا جِسْمًا مُحْتاجًا إلى الحَيِّزِ في الدَّوامِ، ولا شَيْئًا مِنَ المُمْكِناتِ المُحْتاجَةِ إلى (p-١٤١)المُوجِدِ، وذَكَرَ بَعْدَهُ جَمِيعَ الأوْصافِ الثُّبُوتِيَّةِ صَرِيحًا وتَضَمُّنًا، فَإنَّ الحَياةَ في ضِمْنِ العِلْمِ والقُدْرَةِ، قالَ ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ أيْ ذَلِكَ الِاتِّصافُ بِأنَّهُ هو الحَقُّ، والحَقُّ هو الثُّبُوتُ والثّابِتُ اللَّهُ، وهو الثّابِتُ المُطْلَقُ الَّذِي لا زَوالَ لَهُ وهو الثُّبُوتُ، فَإنَّ المَذْهَبَ الصَّحِيحَ أنَّ وُجُودَهُ غَيْرُ حَقِيقَتِهِ فَكُلُّ ما عَداهُ فَلَهُ زَوالٌ نَظَرًا إلَيْهِ، واللَّهُ لَهُ الثُّبُوتُ والوُجُودُ نَظَرًا إلَيْهِ، فَهو الحَقُّ وما عَداهُ الباطِلُ؛ لِأنَّ الباطِلَ هو الزّائِلُ يُقالُ: بَطَلَ ظِلُّهُ إذا زالَ. وإذا كانَ لَهُ الثُّبُوتُ مِن كُلِّ وجْهٍ يَكُونُ تامًّا لا نَقْصَ فِيهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أنَّ الحُكَماءَ قالُوا: اللَّهُ تامٌّ وفَوْقَ التَّمامِ، وجَعَلُوا الأشْياءَ عَلى أرْبَعَةِ أقْسامٍ: ناقِصٌ ومُكْتَفٍ وتامٌّ وفَوْقَ التَّمامِ. فالنّاقِصُ: ما لَيْسَ لَهُ ما يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ لَهُ كالصَّبِيِّ والمَرِيضِ والأعْمى. والمُكْتَفِي: وهو الَّذِي أُعْطِيَ ما يَدْفَعُ بِهِ حاجَتَهُ في وقْتِهِ كالإنْسانِ والحَيَوانِ الَّذِي لَهُ مِنَ الآلاتِ ما يَدْفَعُ بِهِ حاجَتَهُ في وقْتِها، لَكِنَّها في التَّحَلُّلِ والزَّوالِ. والتّامُّ: ما حَصَلَ لَهُ كُلُّ ما جازَ لَهُ، وإنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ كالمَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ لَهم دَرَجاتٌ لا تَزْدادُ ولا يَنْقُصُ اللَّهُ مِنها لَهم شَيْئًا كَما «قالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ “ لَوْ دَنَوْتُ أُنْمُلَةً لاحْتَرَقْتَ» “ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما مِنّا إلّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤] .
وفَوْقَ التَّمامِ: هو الَّذِي حَصَلَ لَهُ ما جازَ لَهُ، وحَصَلَ لِما عَداهُ ما جازَ لَهُ أوِ احْتاجَ إلَيْهِ لَكِنَّ اللَّهَ تَعالى حاصِلٌ لَهُ كُلَّ ما يَجُوزُ لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ ونُعُوتِ الجَلالِ، فَهو تامٌّ، وحَصَلَ لِغَيْرِهِ كُلُّ ما جازَ لَهُ أوِ احْتاجَ إلَيْهِ فَهو فَوْقُ التَّمامِ.
إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: ﴿هُوَ الحَقُّ﴾ إشارَةٌ إلى التَّمامِ، وقَوْلُهُ: ﴿وأنَّ اللَّهَ هو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ أيْ فَوْقَ التَّمامِ، وقَوْلُهُ: ﴿هُوَ العَلِيُّ﴾ أيْ في صِفاتِهِ، وقَوْلُهُ: ﴿الكَبِيرُ﴾ أيْ في ذاتِهِ، وذَلِكَ يُنافِي أنْ يَكُونَ جِسْمًا في مَكانٍ؛ لِأنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ جَسَدًا مُقَدَّرًا بِمِقْدارٍ، فَيُمْكِنُ فَرْضُ ما هو أكْبَرُ مِنهُ، فَيَكُونُ صَغِيرًا بِالنِّسْبَةِ إلى المَفْرُوضِ، لَكِنَّهُ كَبِيرٌ مُطْلَقًا أكْبَرُ مِن كُلِّ ما يُتَصَوَّرُ.
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَـٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











