الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وما آتَيْتُمْ مِن رِبًا لِيَرْبُوَ في أمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وما آتَيْتُمْ مِن زَكاةٍ تُرِيدُونَ وجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ﴾ ذَكَرَ هَذا تَحْرِيضًا، يَعْنِي أنَّكم إذا طُلِبَ مِنكم واحِدٌ بِاثْنَيْنِ تَرْغَبُونَ فِيهِ وتُؤْتُونَهُ، وذَلِكَ لا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ، والزَّكاةُ تَنْمُو عِنْدَ اللَّهِ كَما أخْبَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”«إنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ في يَدِ الرَّحْمَنِ فَتَرْبُو حَتّى تَصِيرَ مِثْلَ الجَبَلِ» “ فَيَنْبَغِي أنْ يَكُونَ إقْدامُكم عَلى الزَّكاةِ أكْثَرَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما آتَيْتُمْ مِن زَكاةٍ تُرِيدُونَ وجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ﴾ أيْ أُولَئِكَ ذَوُو الأضْعافِ كالمُوسِرِ لِذِي اليَسارِ، وأقَلُّ مِن ذَلِكَ عَشَرَةُ أضْعافٍ، كُلٌّ مَثَلٌ لِما آتى في كَوْنِهِ حَسَنَةً لا في المِقْدارِ، فَلا يُفْهَمُ أنَّ مَن أعْطى رَغِيفًا يُعْطِيهِ اللَّهُ عَشَرَةَ أرْغِفَةٍ، بَلْ مَعْناهُ أنَّ ما يَقْتَضِيهِ فِعْلُهُ مِنَ الثَّوابِ عَلى وجْهِ الرَّحْمَةِ يُضاعِفُهُ اللَّهُ عَشَرَةَ مَرّاتٍ عَلى وجْهِ التَّفَضُّلِ، فَبِالرَّغِيفِ الواحِدِ يَكُونُ لَهُ قَصْرٌ في الجَنَّةِ فِيهِ مِن كُلِّ شَيْءٍ ثَوابًا نَظَرًا إلى الرَّحْمَةِ، وعَشْرُ قُصُورٍ مِثْلِهِ نَظَرًا إلى الفَضْلِ. مِثالُهُ في الشّاهِدِ: مَلِكٌ عَظِيمٌ قَبِلَ مِن عَبْدِهِ هَدِيَّةً قِيمَتُها دِرْهَمٌ، لَوْ عَوَّضَهُ بِعَشَرَةِ دَراهِمَ لا يَكُونُ كَرَمًا، بَلْ إذا جَرَتْ عادَتُهُ بِأنَّهُ يُعْطِي عَلى مِثْلِ ذَلِكَ ألْفًا، فَإذا أعْطى لَهُ عَشَرَةَ آلافٍ فَقَدْ ضاعَفَ لَهُ الثَّوابَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب