الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَتْ رَبِّ أنّى يَكُونُ لِي ولَدٌ ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إذا قَضى أمْرًا فَإنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ﴿ويُعَلِّمُهُ الكِتابَ والحِكْمَةَ والتَّوْراةَ والإنْجِيلَ﴾
قالَ المُفَسِّرُونَ: إنَّها إنَّما قالَتْ ذَلِكَ لِأنَّ التَّبْشِيرَ بِهِ يَقْتَضِي التَّعَجُّبَ مِمّا وقَعَ عَلى خِلافِ العادَةِ، وقَدْ قَرَّرْنا مِثْلَهُ في قِصَّةِ زَكَرِيّا - عَلَيْهِ السَّلامُ -، وقَوْلُهُ: ﴿إذا قَضى أمْرًا فَإنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويُعَلِّمُهُ الكِتابَ والحِكْمَةَ والتَّوْراةَ والإنْجِيلَ﴾ فَفِيهِ مَسْألَتانِ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ نافِعٌ، وعاصِمٌ ”ويُعَلِّمُهُ“ بِالياءِ والباقُونَ بِالنُّونِ، أمّا الياءُ فَعُطِفَ عَلى قَوْلِهِ: (ما يَشاءُ) وقالَ المُبَرِّدُ: عُطِفَ عَلى يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ، وكَذا وكَذا ﴿ويُعَلِّمُهُ الكِتابَ﴾ ومَن قَرَأ بِالنُّونِ قالَ تَقْدِيرُ الآيَةِ أنَّها: قالَتْ رَبِّ أنّى يَكُونُ لِي ولَدٌ فَقالَ لَها اللَّهُ: ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إذا قَضى أمْرًا فَإنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ فَهَذا وإنْ كانَ إخْبارًا عَلى وجْهِ المُغايَبَةِ، فَقالَ ”ونُعَلِّمُهُ“؛ لِأنَّ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ﴾ مَعْناهُ: كَذَلِكَ نَحْنُ نَخْلُقُ ما نَشاءُ ”ونُعَلِّمُهُ الكِتابَ والحِكْمَةَ“ واللَّهُ أعْلَمُ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: في هَذِهِ الآيَةِ أُمُورٌ أرْبَعَةٌ مَعْطُوفٌ بَعْضُها عَلى بَعْضٍ بِواوِ العَطْفِ، والأقْرَبُ عِنْدِي أنْ يُقالَ: المُرادُ مِنَ الكِتابِ تَعْلِيمُ الخَطِّ والكِتابَةِ، ثُمَّ المُرادُ بِالحِكْمَةِ تَعْلِيمُ العُلُومِ وتَهْذِيبُ الأخْلاقِ؛ لِأنَّ كَمالَ الإنْسانِ في أنْ يَعْرِفَ الحَقَّ لِذاتِهِ، والخَيْرَ لِأجْلِ العَمَلِ بِهِ، ومَجْمُوعُهُما هو المُسَمّى بِالحِكْمَةِ، ثُمَّ بَعْدَ أنْ صارَ (p-٤٨)عالِمًا بِالخَطِّ والكِتابَةِ، ومُحِيطًا بِالعُلُومِ العَقْلِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ، يُعَلِّمُهُ التَّوْراةَ، وإنَّما أُخِّرَ تَعْلِيمُ التَّوْراةِ عَنْ تَعْلِيمِ الخَطِّ والحِكْمَةِ؛ لِأنَّ التَّوْراةَ كِتابٌ إلَهِيٌّ، وفِيهِ أسْرارٌ عَظِيمَةٌ، والإنْسانُ ما لَمْ يَتَعَلَّمِ العُلُومَ الكَثِيرَةَ لا يُمْكِنُهُ أنْ يَخُوضَ في البَحْثِ عَلى أسْرارِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ، ثُمَّ قالَ في المَرْتَبَةِ الرّابِعَةِ ”والإنْجِيلَ“ وإنَّما أُخِّرَ ذِكْرُ الإنْجِيلِ عَنْ ذِكْرِ التَّوْراةِ؛ لِأنَّ مَن تَعَلَّمَ الخَطَّ، ثُمَّ تَعَلَّمَ عُلُومَ الحَقِّ، ثُمَّ أحاطَ بِأسْرارِ الكِتابِ الَّذِي أنْزَلَهُ اللَّهُ تَعالى عَلى مَن قَبْلَهُ مِنَ الأنْبِياءِ فَقَدْ عَظُمَتْ دَرَجَتُهُ في العِلْمِ فَإذا أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كِتابًا آخَرَ وأوْقَفَهُ عَلى أسْرارِهِ فَذَلِكَ هو الغايَةُ القُصْوى، والمَرْتَبَةُ العُلْيا في العِلْمِ والفَهْمِ والإحاطَةِ بِالأسْرارِ العَقْلِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ، والِاطْلاعِ عَلى الحِكَمِ العُلْوِيَّةِ والسُّفْلِيَّةِ، فَهَذا ما عِنْدِي في تَرْتِيبِ هَذِهِ الألْفاظِ الأرْبَعَةِ.
{"ayahs_start":47,"ayahs":["قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ یَكُونُ لِی وَلَدࣱ وَلَمۡ یَمۡسَسۡنِی بَشَرࣱۖ قَالَ كَذَ ٰلِكِ ٱللَّهُ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ إِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ","وَیُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ"],"ayah":"وَیُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق