الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهم لَهم جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِن عِنْدِ اللَّهِ وما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأبْرارِ﴾ (p-١٢٥)اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ الوَعِيدَ أتْبَعَهُ بِالوَعْدِ بِالنُّزُلِ، والنُّزُلُ ما يُهَيَّأُ لِلضَّيْفِ. وقَوْلُهُ: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ يَتَناوَلُ جَمِيعَ الطّاعاتِ، لِأنَّهُ يَدْخُلُ في التَّقْوى الِاحْتِرازُ عَنِ المَنهِيّاتِ، وعَنْ تَرْكِ المَأْمُوراتِ. واحْتَجَّ أصْحابُنا بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى الرُّؤْيَةِ لِأنَّهُ لَمّا كانَتِ الجَنَّةُ بِكُلِّيَّتِها نُزُلًا، فَلا بُدَّ مِنَ الرُّؤْيَةِ لِتَكُونَ خِلْعَةً، ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَتْ لَهم جَنّاتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلًا﴾ [الكهف: ١٠٧] وقَوْلُهُ ﴿نُزُلًا﴾ نُصِبَ عَلى الحالِ مِن ”جَنّاتٍ“ لِتَخْصِيصِها بِالوَصْفِ، والعامِلُ اللّامُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى مَصْدَرٍ مُؤَكَّدٍ، لِأنَّ خُلُودَهم فِيها إنْزالُهم فِيها أوْ نُزُولُهم، وقالَ الفَرّاءُ: هو نُصِبَ عَلى التَّفْسِيرِ كَما تَقُولُ: هو لَكَ هِبَةً وبَيْعًا وصَدَقَةً. ثُمَّ قالَ: ﴿وما عِنْدَ اللَّهِ﴾ مِنَ الكَثِيرِ الدّائِمِ ﴿خَيْرٌ لِلْأبْرارِ﴾ مِمّا يَتَقَلَّبُ فِيهِ الفُجّارُ مِنَ القَلِيلِ الزّائِلِ، وقَرَأ مَسْلَمَةُ بْنُ مُحارِبٍ والأعْمَشُ (نُزْلًا) بِسُكُونِ الزّايِ، وقَرَأ يَزِيدُ بْنُ القَعْقاعِ ”لَكِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا“ بِالتَّشْدِيدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب