الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ومَأْواهُ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المَصِيرُ﴾
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ﴾ أتْبَعَهُ بِتَفْصِيلِ هَذِهِ الجُمْلَةِ، وبَيَّنَ أنَّ جَزاءَ (p-٦١)المُطِيعِينَ ما هو، وجَزاءَ المُسِيئِينَ ما هو، فَقالَ: ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ﴾ وفي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: لِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ﴾ في تَرْكِ الغُلُولِ ﴿كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ في فِعْلِ الغُلُولِ، وهو قَوْلُ الكَلْبِيِّ والضَّحّاكِ.
الثّانِي: أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ بِالإيمانِ بِهِ والعَمَلِ بِطاعَتِهِ، كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ بِالكُفْرِ بِهِ والِاشْتِغالِ بِمَعْصِيَتِهِ.
الثّالِثُ: ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ﴾ وهُمُ المُهاجِرُونَ، ﴿كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ وهُمُ المُنافِقُونَ.
الرّابِعُ: قالَ الزَّجّاجُ: لَمّا حَمَلَ المُشْرِكُونَ عَلى المُسْلِمِينَ دَعا النَّبِيُّ ﷺ أصْحابَهُ إلى أنْ يَحْمِلُوا عَلى المُشْرِكِينَ، فَفَعَلَهُ بَعْضُهم وتَرَكَهُ آخَرُونَ. فَقالَ: ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ﴾ وهُمُ الَّذِينَ امْتَثَلُوا أمْرَهُ ﴿كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ وهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَقْبَلُوا قَوْلَهُ، وقالَ القاضِي: كُلُّ واحِدٍ مِن هَذِهِ الوُجُوهِ صَحِيحٌ، ولَكِنْ لا يَجُوزُ قَصْرُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ﴾ وكُلُّ مَن أخْلَدَ إلى مُتابَعَةِ النَّفْسِ والشَّهْوَةِ فَهو داخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ: ﴿كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ أقْصى ما في البابِ أنَّ الآيَةَ نازِلَةٌ في واقِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، لَكِنَّكَ تَعْلَمُ أنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ لا يَبْطُلُ لِأجْلِ خُصُوصِ السَّبَبِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿أفَمَنِ اتَّبَعَ﴾ الهَمْزَةُ فِيهِ لِلْإنْكارِ، والفاءُ لِلْعَطْفِ عَلى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: أمِنَ اتَّقى فاتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿باءَ بِسَخَطٍ﴾ أيِ احْتَمَلَهُ ورَجَعَ بِهِ، وقَدْ ذَكَرْناهُ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: قَرَأ عاصِمٌ في إحْدى الرِّوايَتَيْنِ عَنْهُ: (رُضْوانَ اللَّهِ) بِضَمِّ الرّاءِ، والباقُونَ بِالكَسْرِ وهُما مَصْدَرانِ، فالضَّمُّ كالكُفْرانِ، والكَسْرُ كالحِسْبانِ.
المَسْألَةُ الخامِسَةُ: قَوْلُهُ: ﴿ومَأْواهُ جَهَنَّمُ﴾ مِن صِلَةِ ما قَبْلَهُ والتَّقْدِيرُ: كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وكانَ مَأْواهُ جَهَنَّمَ، فَأمّا قَوْلُهُ: ﴿وبِئْسَ المَصِيرُ﴾ فَمُنْقَطِعٌ عَمّا قَبْلَهُ وهو كَلامٌ مُبْتَدَأٌ، كَأنَّهُ لَمّا ذَكَرَ جَهَنَّمَ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ صِفَتِها.
المَسْألَةُ السّادِسَةُ: نَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أنْ نَجْعَلَهم كالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَواءً مَحْياهم ومَماتُهُمْ﴾ [الجاثِيَةِ: ٢١] وقَوْلُهُ: ﴿أفَمَن كانَ مُؤْمِنًا كَمَن كانَ فاسِقًا لا يَسْتَوُونَ﴾ [السَّجْدَةِ: ١٨] وقَوْلُهُ: ﴿أمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ كالمُفْسِدِينَ في الأرْضِ أمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كالفُجّارِ﴾ [ص: ٢٨] واحْتَجَّ القَوْمُ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّهُ لا يَجُوزُ مِنَ اللَّهِ تَعالى أنْ يُدْخِلَ المُطِيعِينَ في النّارِ، وأنْ يُدْخِلَ المُذْنِبِينَ الجَنَّةَ، وقالُوا: إنَّهُ تَعالى ذَكَرَ ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِبْعادِ، ولَوْلا أنَّهُ مُمْتَنِعٌ في العُقُولِ، وإلّا لَما حَسُنَ هَذا الِاسْتِبْعادُ، وأكَّدَ القَفّالُ ذَلِكَ فَقالَ: لا يَجُوزُ في الحِكْمَةِ أنْ يُسَوّى المُسِيءُ بِالمُحْسِنِ، فَإنَّ فِيهِ إغْراءً بِالمَعاصِي وإباحَةً لَها وإهْمالًا لِلطّاعاتِ.
{"ayah":"أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَاۤءَ بِسَخَطࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق