الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَكُلًّا أخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنهم مَن أرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا ومِنهم مَن أخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ومِنهم مَن خَسَفْنا بِهِ الأرْضَ ومِنهم مَن أغْرَقْنا وما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهم ولَكِنْ كانُوا أنْفُسَهم يَظْلِمُونَ﴾ ذَكَرَ اللَّهُ أرْبَعَةَ أشْياءَ: العَذابُ بِالحاصِبِ، وقِيلَ إنَّهُ كانَ بِحِجارَةٍ مُحْماةٍ يَقَعُ عَلى واحِدٍ مِنهم ويَنْفُذُ مِنَ الجانِبِ الآخَرِ، وفِيهِ إشارَةٌ إلى النّارِ، والعَذابُ بِالصَّيْحَةِ وهو هَواءٌ مُتَمَوِّجٌ، فَإنَّ الصَّوْتَ قِيلَ سَبَبُهُ تَمَوُّجُ الهَواءِ (p-٦٠)ووُصُولُهُ إلى الغِشاءِ الَّذِي عَلى مَنفَذِ الأُذُنِ وهو الصِّماخُ فَيَقْرَعُهُ فَيُحِسُّ، والعَذابُ بِالخَسْفِ وهو الغَمْرُ في التُّرابِ، والعَذابُ بِالإغْراقِ وهو بِالماءِ، فَحَصَلَ العَذابُ بِالعَناصِرِ الأرْبَعَةِ والإنْسانُ مُرَكَّبٌ مِنها وبِها قِوامُهُ وبِسَبَبِها بَقاؤُهُ ودَوامُهُ، فَإذا أرادَ اللَّهُ هَلاكَ الإنْسانِ جَعَلَ ما مِنهُ وجُودُهُ سَبَبًا لِعَدَمِهِ، وما بِهِ بَقاؤُهُ سَبَبًا لِفَنائِهِ، ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهم ولَكِنْ كانُوا أنْفُسَهم يَظْلِمُونَ﴾ يَعْنِي لَمْ يَظْلِمْهم بِالهَلاكِ، وإنَّما هم ظَلَمُوا أنْفُسَهم بِالإشْراكِ وفِيهِ وجْهٌ آخَرُ ألْطَفُ وهو أنَّ اللَّهَ ما كانَ يَظْلِمُهم أيْ ما كانَ يَضَعُهم في غَيْرِ مَوْضِعِهِمْ فَإنَّ مَوْضِعَهُمُ الكَرامَةُ كَما قالَ تَعالى: ﴿ولَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ﴾ (الإسْراءِ: ٧٠ ) لَكِنَّهم ظَلَمُوا أنْفُسَهم حَيْثُ وضَعُوها مَعَ شَرَفِهِمْ في عِبادَةِ الوَثَنِ مَعَ خِسَّتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب