الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ ﴿ولَمّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ وجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ﴾ (p-٢٠٤)﴿وأبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ ﴿فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلّى إلى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إنِّي لِما أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ ﴿فَجاءَتْهُ إحْداهُما تَمْشِي عَلى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إنَّ أبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمّا جاءَهُ وقَصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ ﴿قالَتْ إحْداهُما ياأبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأمِينُ﴾ ﴿قالَ إنِّي أُرِيدُ أنْ أُنْكِحَكَ إحْدى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإنْ أتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِن عِنْدِكَ وما أُرِيدُ أنْ أشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ ﴿قالَ ذَلِكَ بَيْنِي وبَيْنَكَ أيَّما الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ واللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وكِيلٌ﴾
اعْلَمْ أنَّ النّاسَ اخْتَلَفُوا في قَوْلِهِ: ﴿ولَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ﴾ قالَ بَعْضُهم: إنَّهُ خَرَجَ وما قَصَدَ مَدْيَنَ، ولَكِنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلى اللَّهِ تَعالى، وأخَذَ يَمْشِي مِن غَيْرِ مَعْرِفَةٍ، فَأوْصَلَهُ اللَّهُ تَعالى إلى مَدْيَنَ، وهَذا قَوْلُ ابْنُ عَبّاسٍ. وقالَ آخَرُونَ: لَمّا خَرَجَ قَصَدَ مَدْيَنَ؛ لِأنَّهُ وقَعَ في نَفْسِهِ أنَّ بَيْنَهم وبَيْنَهُ قَرابَةً؛ لِأنَّهم مِن ولَدِ مَدْيَنَ بْنِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وهو كانَ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالطَّرِيقِ، بَلِ اعْتَمَدَ عَلى فَضْلِ اللَّهِ تَعالى، ومِنَ النّاسِ مَن قالَ: بَلْ جاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وعَلَّمَهُ الطَّرِيقَ. وذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ لَمّا أخَذَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ في المَسِيرِ جاءَهُ مَلَكٌ عَلى فَرَسٍ، فَسَجَدَ لَهُ مُوسى مِنَ الفَرَحِ، فَقالَ: لا تَفْعَلْ واتَّبِعْنِي، فاتَّبَعَهُ نَحْوَ مَدْيَنَ. واحْتَجَّ مَن قالَ: إنَّهُ خَرَجَ وما قَصَدَ مَدْيَنَ بِأمْرَيْنِ:
أحَدُهُما: قَوْلُهُ: ﴿ولَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ﴾ ولَوْ كانَ قاصِدًا لِلذَّهابِ إلى مَدْيَنَ لَقالَ، ولَمّا تَوَجَّهَ إلى مَدْيَنَ، فَلَمّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، بَلْ قالَ: ﴿تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ﴾ عَلِمْنا أنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلّا إلى ذَلِكَ الجانِبِ مِن غَيْرِ أنْ يَعْلَمَ أنَّ ذَلِكَ الجانِبَ إلى أيْنَ يَنْتَهِي.
والثّانِي: قَوْلُهُ: ﴿عَسى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ وهَذا كَلامُ شاكٍّ لا عالِمٍ، والأقْرَبُ أنْ يُقالَ: إنَّهُ قَصَدَ الذَّهابَ إلى مَدْيَنَ، وما كانَ عالِمًا بِالطَّرِيقِ. ثُمَّ إنَّهُ كانَ يَسْألُ النّاسَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الطَّرِيقِ؛ لِأنَّهُ يَبْعُدُ مِن مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ في عَقْلِهِ وذَكائِهِ أنْ لا يَسْألَ، ثم قال ابْنُ إسْحاقَ: خَرَجَ مِن مِصْرَ إلى مَدْيَنَ بِغَيْرِ زادٍ ولا ظَهْرٍ، وبَيْنَهُما مَسِيرَةُ ثَمانِيَةِ أيّامٍ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ طَعامٌ إلّا ورَقَ الشَّجَرِ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿عَسى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ فَهو نَظِيرُ قَوْلِ جَدِّهُ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿إنِّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (الصّافّاتِ: ٩٩) ومُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ قَلَّما يَذْكُرُ كَلامًا في الِاسْتِدْلالِ والجَوابِ والدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ إلّا ما ذَكَرَهُ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وهَكَذا الخَلَفُ الصِّدْقُ لِلسَّلَفِ الصّالِحِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وعَلى جَمِيعِ الطَّيِّبِينَ المُطَهَّرِينَ ﴿ولَمّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ﴾ وهو الماءُ الَّذِي يَسْقُونَ مِنهُ، وكانَ بِئْرًا فِيما رُوِيَ، ووُرُودُهُ مَجِيئُهُ والوُصُولُ إلَيْهِ ﴿وجَدَ عَلَيْهِ﴾ أيْ فَوْقَ شَفِيرِهِ ومُسْتَقاهُ ﴿أُمَّةً﴾ جَماعَةً كَثِيرَةَ العَدَدِ ﴿مِنَ النّاسِ﴾ مِن أُناسٍ مُخْتَلِفِينَ ﴿ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ﴾ في مَكانٍ أسْفَلَ مِن مَكانِهِمْ ﴿امْرَأتَيْنِ تَذُودانِ﴾ والذَّوْدُ الدَّفْعُ والطَّرْدُ، فَقَوْلُهُ: تَذُودانِ أيْ تَحْبِسانِ، ثُمَّ فِيهِ أقْوالٌ:
الأوَّلُ: تَحْبِسانِ أغْنامَهُما، واخْتَلَفُوا في عِلَّةِ ذَلِكَ الحَبْسِ عَلى وُجُوهٍ:
أحَدُها: قالَ الزَّجّاجُ: لِأنَّ عَلى الماءِ مَن كانَ أقْوى مِنهُما، فَلا يَتَمَكَّنانِ مِنَ السَّقْيِ.
وثانِيها: كانَتا تَكْرَهانِ المُزاحِمَةَ عَلى الماءِ.
وثالِثُها: لِئَلّا تَخْتَلِطَ أغْنامُهُما بِأغْنامِهِمْ.
ورابِعُها: لِئَلّا تَخْتَلِطا بِالرِّجالِ.
القَوْلُ الثّانِي: كانَتا تَذُودانِ عَنْ وُجُوهِهِما نَظَرَ النّاظِرِ لِيَراهُما.
والقَوْلُ الثّالِثُ: تَذُودانِ النّاسَ عَنْ غَنَمِهِما.
القَوْلُ الرّابِعُ: قالَ الفَرّاءُ: تَحْبِسانِها عَنْ أنْ تَتَفَرَّقَ وتَتَسَرَّبَ. ﴿قالَ ما خَطْبُكُما﴾ أيْ ما شَأْنُكُما وحَقِيقَتُهُ ما مَخْطُوبُكُما أيْ مَطْلُوبُكُما مِنَ الذِّيادِ، فَسُمِّيَ المَخْطُوبُ خَطْبًا، كَما يُسَمّى المَشْئُونُ شَأْنًا، في قَوْلِكَ: ما شَأْنُكَ ﴿قالَتا لا نَسْقِي﴾ (p-٢٠٥)﴿حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وأبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى ضَعْفِهِما عَنِ السَّقْيِ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: أنَّ العادَةَ في السَّقْيِ لِلرِّجالِ، والنِّساءُ يَضْعُفْنَ عَنْ ذَلِكَ.
وثانِيها: ما ظَهَرَ مِن ذَوْدِهِما الماشِيَةَ عَلى طَرِيقِ التَّأْخِيرِ.
وثالِثُها: قَوْلُهُما: حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ.
ورابِعُها: انْتِظارُهُما لِما يَبْقى مِنَ القَوْمِ مِنَ الماءِ.
وخامِسُها: قَوْلُهُما: ﴿وأبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ ودَلالَةُ ذَلِكَ عَلى أنَّهُ لَوْ كانَ قَوِيًّا حَضَرَ ولَوْ حَضَرَ لَمْ يَتَأخَّرِ السَّقْيُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ سَقى لَهُما قَبْلَ صَدْرِ الرِّعاءِ، وعادَتا إلى أبِيهِما قَبْلَ الوَقْتِ المُعْتادِ. قَرَأ أبُو عَمْرٍو وابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الدّالِ، وقَرَأ الباقُونَ بِضَمِّ الياءِ، وكَسْرِ الدّالِ؛ فالمَعْنى في القِراءَةِ الأُولى: حَتّى يَنْصَرِفُوا عَنِ الماءِ ويَرْجِعُوا عَنْ سَقْيِهِمْ، وصَدَرَ ضِدُّ ورَدَ، ومَن قَرَأ بِضَمِّ الياءِ، فالمَعْنى في القِراءَةِ: حَتّى يُصْدِرَ القَوْمُ مَواشِيهمْ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿فَسَقى لَهُما﴾ أيْ سَقى غَنَمَهُما لِأجْلِهِما، وفي كَيْفِيَّةِ السَّقْيِ أقْوالٌ:
أحَدُها: أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ سَألَ القَوْمَ أنْ يَسْمَحُوا فَسَمَحُوا.
وثانِيهِما: قالَ قَوْمٌ: عَمَدَ إلى بِئْرٍ عَلى رَأْسِهِ صَخْرَةٌ لا يُقِلُّها إلّا عَشَرَةٌ، وقِيلَ: أرْبَعُونَ، وقِيلَ: مِائَةٌ فَنَحّاها بِنَفْسِهِ واسْتَقى الماءَ مِن ذَلِكَ البِئْرِ.
وثالِثُها: أنَّ القَوْمَ لَمّا زاحَمَهم مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ تَعَمَّدُوا إلْقاءَ ذَلِكَ الحَجَرِ عَلى رَأْسِ البِئْرِ، فَهو عَلَيْهِ السَّلامُ رَمى ذَلِكَ الحَجَرَ، وسَقى لَهُما ولَيْسَ بَيانُ ذَلِكَ في القُرْآنِ، واللَّهُ أعْلَمُ بِالصَّحِيحِ مِنهُ.
لَكِنَّ المَرْأةَ وصَفَتْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بِالقُوَّةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّها شاهَدَتْ مِنهُ ما يَدُلُّ عَلى فَضْلِ قُوَّتِهِ، وقالَ تَعالى: ﴿ثُمَّ تَوَلّى إلى الظِّلِّ﴾ وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ سَقى لَهُما في شَمْسٍ وحَرٍّ، وفِيهِ دَلالَةٌ أيْضًا عَلى كَمالِ قُوَّةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ. قالَ الكَلْبِيُّ: أتى مُوسى أهْلَ الماءَ، فَسَألَهم دَلْوًا مِن ماءٍ، فَقالُوا لَهُ: إنْ شِئْتَ ائْتِ الدَّلْوَ فاسْتَقِ لَهُما، قالَ: نَعَمْ، وكانَ يَجْتَمِعُ عَلى الدَّلْوِ أرْبَعُونَ رَجُلًا حَتّى يُخْرِجُوهُ مِنَ البِئْرِ، فَأخَذَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ الدَّلْوَ، فاسْتَقى بِهِ وحْدَهُ، وصَبَّ في الحَوْضِ، ودَعا بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ قَرَّبَ غَنَمَهُما، فَشَرِبَتْ حَتّى رَوِيَتْ، ثُمَّ سَرَّحَهُما مَعَ غَنَمِهِما.
فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ ساغَ لِنَبِيِّ اللَّهِ الَّذِي هو شُعَيْبٌ أنْ يَرْضى لِابْنَتَيْهِ بِسَقْيِ الماشِيَةِ ؟ قُلْنا: لَيْسَ في القُرْآنِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ أباهُما كانَ شُعَيْبًا، والنّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: إنَّ أباهُما هو بَيْرُونُ ابْنُ أخِي شُعَيْبٍ، وشُعَيْبٌ ماتَ بَعْدَما عَمِيَ، وهو اخْتِيارُ أبِي عَبِيدٍ. وقالَ الحَسَنُ: إنَّهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَبِلَ الدِّينَ عَنْ شُعَيْبٍ. عَلى أنّا وإنْ سَلَّمْنا أنَّهُ كانَ شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلامُ لَكِنْ لا مَفْسَدَةَ فِيهِ؛ لِأنَّ الدِّينَ لا يَأْباهُ، وأمّا المُرُوءَةُ فالنّاسُ فِيها مُخْتَلِفُونَ، وأحْوالُ أهْلِ البادِيَةِ غَيْرُ أحْوالِ أهْلِ الحَضَرِ، لا سِيَّما إذا كانَتِ الحالَةُ حالَةَ الضَّرُورَةِ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿فَقالَ رَبِّ إنِّي لِما أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ فالمَعْنى: إنِّي لِأيِّ شَيْءٍ أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيْرٍ قَلِيلٍ أوْ كَثِيرٍ غَثٍّ أوْ سَمِينٍ لَفَقِيرٌ، وإنَّما عَدّى فَقِيرًا بِاللّامِ؛ لِأنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنى سائِلٍ وطالِبٍ.
واعْلَمْ أنَّ هَذا الكَلامَ يَدُلُّ عَلى الحاجَةِ، إمّا إلى الطَّعامِ أوْ إلى غَيْرِهِ، إلّا أنَّ المُفَسِّرِينَ حَمَلُوهُ عَلى الطَّعامِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ طَعامًا يَأْكُلُهُ، وقالَ الضَّحّاكُ: مَكَثَ سَبْعَةَ أيّامٍ لَمْ يَذُقْ فِيها طَعامًا إلّا بَقْلَ الأرْضِ. ورُوِيَ أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا قالَ ذَلِكَ رَفَعَ صَوْتَهُ لِيُسْمِعَ المَرْأتَيْنِ ذَلِكَ، فَإنْ قِيلَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا بَقِيَ مَعَهُ مِنَ القُوَّةِ ما قَدَرَ بِها عَلى حَمْلِ ذَلِكَ الدَّلْوِ العَظِيمِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِمَّتِهِ العالِيَةِ أنْ يَطْلُبَ الطَّعامَ، ألَيْسَ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: ”«لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ ولا لِذِي قُوَّةٍ سَوِيٍّ» “ ؟ قُلْنا: أمّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِذَلِكَ لِإسْماعِ المَرْأتَيْنِ وطَلَبِ الطَّعامِ، فَذاكَ لا يَلِيقُ بِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ البَتَّةَ، فَلا تُقْبَلُ تِلْكَ الرِّوايَةُ ولَكِنْ لَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ ذَلِكَ في نَفْسِهِ مَعَ رَبِّهِ تَعالى، وفي الآيَةِ وجْهٌ آخَرُ: كَأنَّهُ قالَ: رَبِّ إنِّي بِسَبَبِ ما أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيْرِ الدِّينِ صِرْتُ فَقِيرًا (p-٢٠٦)فِي الدُّنْيا لِأنَّهُ كانَ عِنْدَ فِرْعَوْنَ في مُلْكٍ وثَرْوَةٍ، فَقالَ ذَلِكَ رِضًى بِهَذا البَدَلِ وفَرَحًا بِهِ وشُكْرًا لَهُ، وهَذا التَّأْوِيلُ ألْيَقُ بِحالِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
{"ayahs_start":22,"ayahs":["وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَاۤءَ مَدۡیَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّیۤ أَن یَهۡدِیَنِی سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ","وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ","فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ"],"ayah":"وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق