الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتَرى الجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وهي تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ﴾ . اعْلَمْ أنَّ هَذا هو العَلامَةُ الثّالِثَةُ لِقِيامِ القِيامَةِ وهي تَسْيِيرُ الجِبالِ، والوجه في حُسْبانِهِمْ أنَّها جامِدَةٌ؛ فَلِأنَّ الأجْسامَ الكِبارَ إذا تَحَرَّكَتْ حَرَكَةً سَرِيعَةً عَلى نَهْجٍ واحِدٍ في السَّمْتِ والكَيْفِيَّةِ ظَنَّ النّاظِرُ إلَيْها أنَّها واقِفَةٌ مَعَ أنَّها تَمُرُّ مَرًّا حَثِيثًا. أمّا قَوْلُهُ: ﴿صُنْعَ اللَّهِ﴾ فَهو مِنَ المَصادِرِ المُؤَكَّدَةِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وعَدَ اللَّهُ﴾ (الفَتْحِ: ٢٩) و﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ (البَقَرَةِ: ١٣٨) إلّا أنَّ مُؤَكِّدَهُ مَحْذُوفٌ، وهو النّاصِبُ لِـ ﴿ويَوْمَ يُنْفَخُ﴾، والمَعْنى أنَّهُ لَمّا قَدَّمَ ذِكْرَ هَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي لا يَقْدِرُ عَلَيْها سِواهُ جَعَلَ هَذا الصُّنْعَ مِن جُمْلَةِ الأشْياءِ الَّتِي أتْقَنَها وأتى بِها عَلى الحِكْمَةِ والصَّوابِ. قالَ القاضِي عَبْدُ الجَبّارِ: فِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ القَبائِحَ لَيْسَتْ مِن خَلْقِهِ وإلّا وجَبَ وصْفُها بِأنَّها مُتْقَنَةٌ، ولَكِنَّ الإجْماعَ مانِعٌ مِنهُ. والجَوابُ أنَّ الإتْقانَ لا يَحْصُلُ إلّا في المُرَكَبّاتِ فَيَمْتَنِعُ وصْفُ الأعْراضِ بِها، واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب