الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأوْحَيْنا إلى مُوسى أنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ البَحْرَ فانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطَّوْدِ العَظِيمِ﴾ ﴿وأزْلَفْنا ثَمَّ الآخَرِينَ﴾ ﴿وأنْجَيْنا مُوسى ومَن مَعَهُ أجْمَعِينَ﴾ ﴿ثُمَّ أغْرَقْنا الآخَرِينَ﴾ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً وما كانَ أكْثَرُهم مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وإنَّ رَبَّكَ لَهو العَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ . اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا حَكى عَنْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ قَوْلَهُ: ﴿إنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ بَيَّنَ تَعالى بَعْدَهُ كَيْفَ هَداهُ ونَجّاهُ، وأهْلَكَ أعْداءَهُ بِذَلِكَ التَّدْبِيرِ الجامِعِ لِنِعَمِ الدِّينِ والدُّنْيا، فَقالَ: ﴿فَأوْحَيْنا إلى مُوسى أنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ البَحْرَ فانْفَلَقَ﴾ ولا شُبْهَةَ في أنَّ المُرادَ فَضَرَبَ فانْفَلَقَ لِأنَّهُ كالمَعْلُومِ مِنَ الكَلامِ إذْ لا يَجُوزُ أنْ يَنْفَلِقَ مِن غَيْرِ ضَرْبٍ ومَعَ ذَلِكَ يَأْمُرُهُ بِالضَّرْبِ لِأنَّهُ كالعَبَثِ ولِأنَّهُ تَعالى جَعَلَهُ مِن مُعْجِزاتِهِ الَّتِي ظَهَرَتْ بِالعَصا ولِأنَّ انْفِلاقَهُ بِضَرْبِهِ أعْظَمُ في النِّعْمَةِ عَلَيْهِ، وأقْوى لِعِلْمِهِمْ أنَّ ذَلِكَ إنَّما حَصَلَ لِمَكانِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، واخْتَلَفُوا في البَحْرِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ما أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا انْتَهى إلى البَحْرِ مَعَ بَنِي إسْرائِيلَ أمَرَهم أنْ يَخُوضُوا البَحْرَ فامْتَنَعُوا إلّا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَإنَّهُ ضَرَبَ دابَّتَهُ وخاضَ في البَحْرِ حَتّى عَبَرَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِمْ فَأبَوْا أنْ يَخُوضُوا فَقالَ مُوسى لِلْبَحْرِ: انْفَرِقْ لِي، فَقالَ: ما أُمِرْتُ بِذَلِكَ ولا يَعْبُرُ عَلَيَّ العُصاةُ، فَقالَ مُوسى: يا رَبِّ قَدْ أبى البَحْرُ أنْ يَنْفَرِقَ، فَقِيلَ لَهُ: اضْرِبْ بِعَصاكَ البَحْرَ فَضَرَبَهُ فانْفَرَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطَّوْدِ العَظِيمِ أيْ كالجَبَلِ العَظِيمِ وصارَ فِيهِ اثْنا عَشَرَ طَرِيقًا لِكُلِّ سِبْطٍ مِنهم طَرِيقٌ فَقالَ كُلُّ سِبْطٍ: قُتِلَ أصْحابُنا، فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعامُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ رَبَّهُ فَجَعَلَها مَناظِرَ كَهَيْئَةِ الطَّبَقاتِ حَتّى نَظَرَ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ عَلى أرْضٍ يابِسَةٍ، وعَنْ عَطاءِ بْنِ السّائِبِ أنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ بَيْنَ بَنِي إسْرائِيلَ وبَيْنَ آلِ فِرْعَوْنَ وكانَ يَقُولُ لِبَنِي إسْرائِيلَ لِيَلْحَقْ آخِرُكم بِأوَّلِكم، ويَسْتَقْبِلُ القِبْطَ فَيَقُولُ: رُوَيْدَكم لِيَلْحَقَ آخِرُكم، ورَوِيَ أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ عِنْدَ ذَلِكَ: ”يا مَن كانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ والمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيْءٍ والكائِنُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ“ . فَأمّا قَوْلُهُ: ﴿فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطَّوْدِ العَظِيمِ﴾ فالفِرْقُ الجُزْءُ المُنْفَرِقُ مِنهُ، وقُرِئَ ”كُلُّ فَلْقِ“ والمَعْنى واحِدٌ، والطَّوْدُ الجَبَلُ المُتَطاوِلُ أيِ المُرْتَفِعُ في السَّماءِ وهو مُعْجِزٌ مِن وُجُوهٍ: أحَدُها: أنَّ تَفَرُّقَ ذَلِكَ الماءِ مُعْجِزٌ. وثانِيها: أنَّ اجْتِماعَ ذَلِكَ الماءِ فَوْقَ كُلِّ طَرَفٍ مِنهُ حَتّى صارَ كالجَبَلِ مِنَ المُعْجِزاتِ أيْضًا؛ لِأنَّهُ كانَ لا يَمْتَنِعُ في الماءِ الَّذِي أُزِيلَ بِذَلِكَ التَّفْرِيقِ أنْ يُبَدِّدَهُ اللَّهُ تَعالى حَتّى يَصِيرَ كَأنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَلَمّا جُمِعَ عَلى الطَّرَفَيْنِ صارَ مُؤَكِّدًا لِهَذا الإعْجازِ. وثالِثُها: أنَّهُ إنْ ثَبَتَ ما رُوِيَ في الخَبَرِ أنَّهُ تَعالى أرْسَلَ عَلى فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ مِنَ الرِّياحِ والظُّلْمَةِ ما حَيَّرَهم فاحْتَبَسُوا القَدْرَ الَّذِي يَتَكامَلُ مَعَهُ عُبُورُ بَنِي إسْرائِيلَ فَهو مُعْجِزٌ ثالِثٌ. ورابِعُها: أنْ جَعَلَ اللَّهُ في تِلْكَ الجُدْرانِ المائِيَّةِ كُوًى يَنْظُرُ مِنها بَعْضُهم إلى بَعْضٍ فَهو مُعْجِزٌ رابِعٌ. وخامِسُها: أنْ أبْقى اللَّهُ تَعالى تِلْكَ المَسالِكَ حَتّى قَرُبَ مِنها آلُ فِرْعَوْنَ وطَمِعُوا أنْ يَتَخَلَّصُوا مِنَ البَحْرِ كَما تَخَلَّصَ قَوْمُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ فَهو مُعْجِزٌ خامِسٌ.(p-١٢١) أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأزْلَفْنا ثَمَّ الآخَرِينَ﴾ فَفِيهِ بَحْثانِ: البَحْثُ الأوَّلُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ جُرَيْجٍ وقَتادَةُ والسُّدِّيُّ (وأزْلَفْنا) أيْ وقَرَّبْنا (ثَمَّ) أيْ حَيْثُ انْفَلَقَ البَحْرُ لِلْآخَرِينَ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ثَمَّ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: قَرَّبْناهم مِن بَنِي إسْرائِيلَ. وثانِيها: قَرَّبْنا بَعْضَهم مِن بَعْضٍ وجَمَعْناهم حَتّى لا يَنْجُوَ مِنهم أحَدٌ. وثالِثُها: قَدَّمْناهم إلى البَحْرِ. ومِنَ النّاسِ مَن قالَ: ﴿وأزْلَفْنا﴾ أيْ حَبَسْنا فِرْعَوْنَ وقَوْمَهُ عِنْدَ طَلَبِهِمْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بِأنْ أظْلَمْنا عَلَيْهِمُ الدُّنْيا بِسَحابَةٍ وقَفَتْ عَلَيْهِمْ فَوَقَفُوا حَيارى، وقُرِئَ ”وأزْلَقْنا“ بِالقافِ أيْ أزْلَلْنا أقْدامَهم والمَعْنى: أذْهَبْنا عِزَّهم، ويُحْتَمَلُ أنْ يَجْعَلَ اللَّهُ طَرِيقَهم في البَحْرِ عَلى خِلافِ ما جَعَلَهُ لِبَنِي إسْرائِيلَ يَبَسًا وأزْلَقَهم. البَحْثُ الثّانِي: أنَّهُ تَعالى أضافَ ذَلِكَ الإزْلافَ إلى نَفْسِهِ مَعَ أنَّ اجْتِماعَهم هُنالِكَ في طَلَبِ مُوسى كُفْرٌ، أجابَ الجُبّائِيُّ عَنْهُ مِن وجْهَيْنِ: الأوَّلُ: أنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ تَبِعُوا بَنِي إسْرائِيلَ، وبَنُو إسْرائِيلَ إنَّما فَعَلُوا ذَلِكَ بِأمْرِ اللَّهِ تَعالى فَلَمّا كانَ مَسِيرُهم بِتَدْبِيرِهِ وهَؤُلاءِ تَبِعُوا ذَلِكَ أضافَهُ إلى نَفْسِهِ تَوَسُّعًا، وهَذا كَما يَتْعَبُ أحَدُنا في طَلَبِ غُلامٍ لَهُ فَيَجُوزُ أنْ يَقُولَ: أتْعَبَنِي الغُلامُ لَمّا حَدَثَ ذَلِكَ فَعَلَهُ. الثّانِي: قِيلَ: ﴿وأزْلَفْنا ثَمَّ الآخَرِينَ﴾ أيْ أزْلَفْناهم إلى المَوْتِ لِأجْلِ أنَّهم في ذَلِكَ الوَقْتِ قَرُبُوا مِن أجَلِهِمْ وأنْشَدَ: ؎وكُلُّ يَوْمٍ مَضى أوْ لَيْلَةٌ سَلَفَتْ فِيها النُّفُوسُ إلى الآجالِ تَزْدَلِفُ وأجابَ الكَعْبِيُّ عَنْهُ مِن وجْهَيْنِ: الأوَّلُ: أنَّهُ تَعالى لَمّا حَلُمَ عَنْهم، وتَرَكَ البَحْرَ لَهم يَبَسًا وطَمِعُوا في عُبُورِهِ جازَتِ الإضافَةُ كالرَّجُلِ يَسْفَهُ عَلَيْهِ صاحِبُهُ مِرارًا فَيَحْلُمُ عَنْهُ، فَإذا تَمادى في غَيِّهِ وأراهُ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ قالَ لَهُ: أنا أحْوَجْتُكَ إلى هَذا وصَيَّرْتُكَ إلَيْهِ بِحِلْمِي، لا يُرِيدُ بِذَلِكَ أنَّهُ أرادَ ما فَعَلَ. الثّانِي: يَحْتَمِلُ أنَّهُ أزْلَفَهم أيْ جَمْعَهم لِيُغْرِقَهم عِنْدَ ذَلِكَ ولِكَيْ لا يَصِلُوا إلى مُوسى وقَوْمِهِ. والجَوابُ عَنِ الأوَّلِ: أنَّ الَّذِي فَعَلَهُ بَنُو إسْرائِيلَ هَلْ لَهُ أثْرٌ في اسْتِجْلابِ داعِيَةِ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إلى الذَّهابِ خَلْفَهم أوْ لَيْسَ لَهُ أثَرٌ فِيهِ، فَإنْ كانَ الأوَّلُ فَقَدْ حَصَلَ المَقْصُودُ لِأنَّ لِفِعْلِ اللَّهِ تَعالى أثَرًا في حُصُولِ الدّاعِيَةِ المُسْتَلْزِمَةِ لِذَلِكَ الإزْلافِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أثَرٌ البَتَّةَ فَقَدْ زالَ التَّعَلُّقُ فَوَجَبَ أنْ لا تَحْسُنَ الإضافَةُ، وأمّا إذا تَعِبَ أحَدُنا في طَلَبِ غُلامٍ لَهُ، فَإنَّما يَجُوزُ أنْ يَقُولَ: أتْعَبَنِي ذَلِكَ الغُلامُ لِما أنَّ فِعْلَ ذَلِكَ الغُلامِ صارَ كالمُؤَثِّرِ في حُصُولِ ذَلِكَ التَّعَبِ لِأنَّهُ مَتى فَعَلَ ذَلِكَ الفِعْلَ فالظّاهِرُ أنَّهُ يَصِيرُ مَعْلُومًا لِلسَّيِّدِ، ومَتى عَلِمَهُ صارَ عِلْمُهُ داعِيًا لَهُ إلى ذَلِكَ التَّعَبِ ومُؤَثِّرًا فِيهِ فَصَحَّتِ الإضافَةُ. وبِالجُمْلَةِ فَعِنْدَنا القادِرُ لا يُمْكِنُهُ الفِعْلُ إلّا بِالدّاعِي، فالدّاعِي مُؤَثِّرٌ في صَيْرُورَةِ القادِرِ مُؤَثِّرًا في ذَلِكَ الفِعْلِ فَلا جَرَمَ حَسُنَتِ الإضافَةُ. والجَوابُ عَنِ الثّانِي: وهو أنَّهُ أزْلَفَهم لِيُغْرِقَهم فَهو أنَّهُ تَعالى ما أزْلَفَهم بَلْ هم بِأنْفُسِهِمُ ازْدَلَفُوا ثُمَّ حَصَلَ الغَرَقُ بَعْدَهُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ إضافَةُ هَذا الإزْلافِ إلى اللَّهِ تَعالى ؟ أمّا عَلى قَوْلِنا فَإنَّهُ جائِزٌ لِأنَّهُ تَعالى هو الَّذِي خَلَقَ الدّاعِيَةَ المُسْتَعْقِبَةَ لِذَلِكَ الِازْدِلافِ. والجَوابُ عَنِ الثّالِثِ: وهو أنَّ حِلْمَهُ تَعالى عَنْهم وحَمْلَهم عَلى ذَلِكَ، فَنَقُولُ: ذَلِكَ الحِلْمُ هَلْ لَهُ أثَرٌ في اسْتِجْلابِ هَذِهِ الدّاعِيَةِ أمْ لا ؟ وباقِي التَّقْرِيرِ كَما تَقَدَّمَ. والجَوابُ عَنِ الرّابِعِ هو بِعَيْنِهِ الجَوابُ عَنِ الثّانِي واللَّهُ أعْلَمُ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنْجَيْنا مُوسى ومَن مَعَهُ أجْمَعِينَ﴾ ﴿ثُمَّ أغْرَقْنا الآخَرِينَ﴾ فالمَعْنى أنَّهُ تَعالى جَعَلَ البَحْرَ يَبَسًا في حَقِّ مُوسى وقَوْمِهِ حَتّى خَرَجُوا مِنهُ وأغْرَقَ فِرْعَوْنَ وقَوْمَهُ لِأنَّهُ لَمّا تَكامَلَ دُخُولُهُمُ البَحْرَ انْطَبَقَ الماءُ عَلَيْهِمْ فَغَرِقُوا في ذَلِكَ الماءِ. (p-١٢٢)أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً﴾ فالمَعْنى أنَّ الَّذِي حَدَثَ في البَحْرِ آيَةٌ عَجِيبَةٌ مِنَ الآياتِ العِظامِ الدّالَّةِ عَلى قُدْرَتِهِ لِأنَّ أحَدًا مِنَ البَشَرِ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وعَلى حِكْمَتِهِ مِن حَيْثُ وقَعَ ما كانَ مَصْلَحَةً في الدِّينِ والدُّنْيا، وعَلى صِدْقِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن حَيْثُ كانَ مُعْجِزَةً لَهُ، وعَلى اعْتِبارِ المُعْتَبِرِينَ بِهِ أبَدًا فَيَصِيرُ تَحْذِيرًا مِنَ الإقْدامِ عَلى مُخالَفَةِ أمْرِ اللَّهِ تَعالى وأمْرِ رَسُولِهِ، ويَكُونُ فِيهِ اعْتِبارٌ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، فَإنَّهُ قالَ عَقِيبَ ذَلِكَ: ﴿وما كانَ أكْثَرُهم مُؤْمِنِينَ﴾ وفي ذَلِكَ تَسْلِيَةٌ لَهُ فَقَدْ كانَ يَغْتَمُّ بِتَكْذِيبِ قَوْمِهِ مَعَ ظُهُورِ المُعْجِزاتِ عَلَيْهِ فَنَبَّهَهُ اللَّهُ تَعالى بِهَذا الذِّكْرِ عَلى أنَّ لَهُ أُسْوَةً بِمُوسى وغَيْرِهِ، فَإنَّ الَّذِي ظَهَرَ عَلى مُوسى مِن هَذِهِ المُعْجِزاتِ العِظامِ الَّتِي تَبْهَرُ العُقُولَ لَمْ يَمْنَعْ مِن أنَّ أكْثَرَهم كَذَّبُوهُ وكَفَرُوا بِهِ مَعَ مُشاهَدَتِهِمْ لِما شاهَدُوهُ في البَحْرِ وغَيْرِهِ. فَكَذَلِكَ أنْتَ يا مُحَمَّدُ لا تَعْجَبْ مِن تَكْذِيبِ أكْثَرِهِمْ لَكَ واصْبِرْ عَلى إيذائِهِمْ فَلَعَلَّهم أنْ يُصْلِحُوا ويَكُونَ في هَذا الصَّبْرِ تَأْكِيدُ الحجة عَلَيْهِمْ. * * * وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وإنَّ رَبَّكَ لَهو العَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ فَتَعَلُّقُهُ بِما قَبْلَهُ أنَّ القَوْمَ مَعَ مُشاهَدَةِ هَذِهِ الآيَةِ الباهِرَةِ كَفَرُوا، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى كانَ عَزِيزًا قادِرًا عَلى أنْ يُهْلِكَهم، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى ما أهْلَكَهم بَلْ أفاضَ عَلَيْهِمْ أنْواعَ رَحْمَتِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى كَمالِ رَحْمَتِهِ وسَعَةِ جُودِهِ وفَضْلِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب