الباحث القرآني

أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَألْقَوْا حِبالَهم وعِصِيَّهُمْ﴾ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهم لَمّا ألْقَوْا حِبالَهم وعِصِيَّهم وقَدْ كانَتِ الحِبالُ مَطْلِيَّةً بِالزِّئْبَقِ والعِصِيُّ مُجَوَّفَةً مَمْلُوءَةً مِنَ الزِّئْبَقِ فَلَمّا حَمِيَتِ اشْتَدَّتْ حَرَكَتُها فَصارَتْ كَأنَّها حَيّاتٌ تَدِبُّ مِن كُلِّ جانِبٍ مِنَ الأرْضِ فَهابَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: ألْقِ ما في يَمِينِكَ ﴿فَألْقى عَصاهُ فَإذا هي ثُعْبانٌ مُبِينٌ﴾ ثُمَّ فَتَحَتْ فاها فابْتَلَعَتْ كُلَّ ما رَمَوْهُ مِن حِبالِهِمْ وعِصِيِّهِمْ حَتّى أكَلَتِ الكُلَّ ثُمَّ أخَذَ مُوسى عَصاهُ، فَإذا هي كَما كانَتْ، فَلَمّا رَأتِ السَّحَرَةُ ذَلِكَ قالَتْ لِفِرْعَوْنَ: كُنّا نُساحِرُ النّاسَ فَإذا غَلَبْناهم بَقِيَتِ الحِبالُ والعِصِيُّ، وكَذَلِكَ إنْ غَلَبُونا، ولَكِنَّ هَذا حَقٌّ فَسَجَدُوا وآمَنُوا بِرَبِّ العالَمِينَ. واعْلَمْ أنَّ في الآثارِ اخْتِلافًا فَمِنهم مَن كَثَّرَ الحِبالَ والعِصِيَّ، ومِنهم مَن تَوَسَّطَ واللَّهُ أعْلَمُ بِعَدَدِ ذَلِكَ، والَّذِي يَدُلُّ القُرْآنُ عَلَيْهِ أنَّها كَثِيرَةٌ مِن حَيْثُ حُشِرُوا مِن كُلِّ بَلَدٍ، ولِأنَّ الأمْرَ بَلَغَ عِنْدَ فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ في العِظَمِ مَبْلَغًا يَبْعُدُ أنْ يَدَّخِرَ عَنْهُ ما يُمْكِنُ مِن جَمْعِ السَّحَرَةِ. * * * وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إنّا لَنَحْنُ الغالِبُونَ﴾ فالمُرادُ أنَّهم أظْهَرُوا ما يَجْرِي مَجْرى القَطْعِ عَلى أنَّهم يَغْلِبُونَ، وكُلُّ ذَلِكَ لَمّا ظَهَرَ كانَ أقْوى لِأمْرِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب