الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ ﴿وقِيلَ لِلنّاسِ هَلْ أنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ﴾ ﴿لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إنْ كانُوا هُمُ الغالِبِينَ﴾ ﴿فَلَمّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أئِنَّ لَنا لَأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ ﴿قالَ نَعَمْ وإنَّكم إذًا لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ . وفِيهِ مَسْألَتانِ: المسألة الأُولى: اليَوْمُ المَعْلُومُ يَوْمُ الزِّينَةِ ومِيقاتُهُ وقْتُ الضُّحى، لِأنَّهُ الوَقْتُ الَّذِي وقَّتَهُ لَهم مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن يَوْمِ الزِّينَةِ في قَوْلِهِ: ﴿مَوْعِدُكم يَوْمُ الزِّينَةِ وأنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحًى﴾ [طه: ٥٩] والمِيقاتُ ما وُقِّتَ بِهِ أيْ حُدِّدَ مِن مَكانٍ وزَمانٍ ومِنهُ مَواقِيتُ الإحْرامِ. المسألة الثّانِيَةُ: اعْلَمْ أنَّ القَوْمَ لَمّا أشارُوا بِتَأْخِيرِ أمْرِهِ وبِأنْ يَجْمَعَ لَهُ السَّحَرَةَ لِيَظْهَرَ عِنْدَ حُضُورِهِمْ فَسادُ قَوْلِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، رَضِيَ فِرْعَوْنُ بِما قالُوهُ وعَمِيَ عَمّا شاهَدَهُ وحُبُّ الشَّيْءِ يُعْمِي ويُصِمُّ. فَجَمَعَ السَّحَرَةَ ثُمَّ أرادَ أنْ تَقَعَ تِلْكَ المُناظَرَةُ يَوْمَ عِيدٍ لَهم لِيَكُونَ ذَلِكَ بِمَحْضَرِ الخَلْقِ العَظِيمِ وكانَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ يَطْلُبُ ذَلِكَ لِتَظْهَرَ حُجَّتُهُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الخَلْقِ العَظِيمِ وكانَ هَذا أيْضًا مِن لُطْفِ اللَّهِ تَعالى في ظُهُورِ أمْرِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ. أمّا قَوْلُهُ: ﴿وقِيلَ لِلنّاسِ هَلْ أنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ﴾ فالمُرادُ أنَّهم بُعِثُوا عَلى الحُضُورِ لِيُشاهِدُوا ما يَكُونُ مِنَ الجانِبَيْنِ. * * * وأمّا قَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ﴾ فالمُرادُ إنّا نَرْجُو أنْ يَكُونَ الغَلَبَةُ لَهم فَنَتَّبِعُهم فَلَمّا جاءَ السَّحَرَةُ ابْتَدَأُوا بِطَلَبِ الجَزاءِ، وهو إمّا المالُ وإمّا الجاهُ فَبَذَلَ لَهم ذَلِكَ وأكَّدَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنَّكم إذًا لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ لِأنَّ نِهايَةَ مَطْلُوبِهِمْ مِنهُ البَذْلُ ورَفْعُ المَنزِلَةِ فَبَذَلَ كِلا الأمْرَيْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب