الباحث القرآني
النوع الثّانِي مِنَ الدَّلائِلِ: الِاسْتِدْلالُ بِخِلْقَةِ السَّماواتِ وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكم سَبْعَ طَرائِقَ وما كُنّا عَنِ الخَلْقِ غافِلِينَ﴾ .
فَقَوْلُهُ: ﴿سَبْعَ طَرائِقَ﴾ أيْ: سَبْعَ سَماواتٍ، وإنَّما قِيلَ لَها: طَرائِقُ، لِتَطارُقِها، بِمَعْنى كَوْنِ بَعْضِها فَوْقَ بَعْضٍ (p-٧٧)يُقالُ: طارَقَ الرَّجُلُ نَعْلَيْهِ: إذا أطْبَقَ نَعْلًا عَلى نَعْلٍ، وطارَقَ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ: إذا لَبِسَ ثَوْبًا فَوْقَ ثَوْبٍ؛ هَذا قَوْلُ الخَلِيلِ والزَّجّاجِ والفَرّاءِ، قالَ الزَّجّاجُ: هو كَقَوْلِهِ: ﴿سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا﴾ [المُلْكِ: ٣] وقالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسى: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها طَرائِقُ لِلْمَلائِكَةِ في العُرُوجِ والهُبُوطِ والطَّيَرانِ، وقالَ آخَرُونَ: لِأنَّها طَرائِقُ الكَواكِبِ فِيها مَسِيرُها. والوجه في إنْعامِهِ عَلَيْنا بِذَلِكَ أنَّهُ تَعالى جَعَلَها مَوْضِعًا لِأرْزاقِنا بِإنْزالِ الماءِ مِنها، وجَعَلَها مَقَرًّا لِلْمَلائِكَةِ، ولِأنَّها مَوْضِعُ الثَّوابِ، ولِأنَّها مَكانُ إرْسالِ الأنْبِياءِ ونُزُولِ الوَحْيِ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿وما كُنّا عَنِ الخَلْقِ غافِلِينَ﴾ فَفِيهِ وُجُوهٌ.
أحَدُها: ما كُنّا غافِلِينَ بَلْ كُنّا لِلْخَلْقِ حافِظِينَ مِن أنْ تَسْقُطَ عَلَيْهِمُ الطَّرائِقُ السَّبْعُ فَتُهْلِكَهم، وهَذا قَوْلُ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وهو كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ والأرْضَ أنْ تَزُولا﴾ [فاطِرٍ: ٤١].
وثانِيها: إنَّما خَلَقْناها فَوْقَهم لِنُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الأرْزاقَ والبَرَكاتِ مِنها، عَنِ الحَسَنِ.
وثالِثُها: أنّا خَلَقْنا هَذِهِ الأشْياءَ فَدَلَّ خَلْقُنا لَها عَلى كَمالِ قُدْرَتِنا، ثُمَّ بَيَّنَ كَمالَ العِلْمِ بِقَوْلِهِ: ﴿وما كُنّا عَنِ الخَلْقِ غافِلِينَ﴾ يَعْنِي عَنْ أعْمالِهِمْ وأقْوالِهِمْ وضَمائِرِهِمْ، وذَلِكَ يُفِيدُ نِهايَةَ الزَّجْرِ. ورابِعُها: وما كُنّا عَنْ خَلْقِ السَّماواتِ غافِلِينَ بَلْ نَحْنُ لَها حافِظُونَ؛ لِئَلّا تَخْرُجَ عَنِ التَّقْدِيرِ الَّذِي أرَدْنا كَوْنَها عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما تَرى في خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفاوُتٍ﴾ [المُلْكِ: ٣].
واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ دالَّةٌ عَلى كَثِيرٍ مِنَ المَسائِلِ، إحْداها: أنَّها دالَّةٌ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ؛ فَإنَّ انْقِلابَ هَذِهِ الأجْسامِ مِن صِفَةٍ إلى صِفَةٍ أُخْرى تُضادُّ الأُولى مَعَ إمْكانِ بَقائِها عَلى تِلْكَ الصِّفَةِ، يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لا بُدَّ مِن مُحَوِّلٍ ومُغَيِّرٍ. وثانِيَتُها: أنَّها تَدُلُّ عَلى فَسادِ القَوْلِ بِالطَّبِيعَةِ، فَإنَّ شَيْئًا مِن تِلْكَ الصِّفاتِ لَوْ حَصَلَ بِالطَّبِيعَةِ لَوَجَبَ بَقاؤُها وعَدَمُ تَغَيُّرِها، ولَوْ قُلْتَ: إنَّما تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الصِّفاتُ لِتَغَيُّرِ تِلْكَ الطَّبِيعَةِ، افْتَقَرَتْ تِلْكَ الطَّبِيعَةُ إلى خالِقٍ ومُوجِدٍ. وثالِثَتُها: تَدُلُّ عَلى أنَّ المُدَبِّرَ قادِرٌ عالِمٌ؛ لِأنَّ المُوجِبَ والجاهِلَ لا يَصْدُرُ عَنْهُ هَذِهِ الأفْعالُ العَجِيبَةُ. ورابِعَتُها: تَدُلُّ عَلى أنَّهُ عالِمٌ بِكُلِّ المَعْلُوماتِ قادِرٌ عَلى كُلِّ المُمْكِناتِ. وخامِسَتُها: تَدُلُّ عَلى جَوازِ الحَشْرِ والنَّشْرِ؛ نَظَرًا إلى صَرِيحِ الآيَةِ ونَظَرًا إلى أنَّ الفاعِلَ لَمّا كانَ قادِرًا عَلى كُلِّ المُمْكِناتِ وعالِمًا بِكُلِّ المَعْلُوماتِ وجَبَ أنْ يَكُونَ قادِرًا عَلى إعادَةِ التَّرْكِيبِ إلى تِلْكَ الأجْزاءِ كَما كانَتْ. وسادِسَتُها: أنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعالى يَجِبُ أنْ تَكُونَ اسْتِدْلالِيَّةً لا تَقْلِيدِيَّةً وإلّا لَكانَ ذِكْرُ هَذِهِ الدَّلائِلِ عَبَثًا.
النوع الثّالِثُ: الِاسْتِدْلالُ بِنُزُولِ الأمْطارِ وكَيْفِيَّةِ تَأْثِيراتِها في النَّباتِ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَاۤىِٕقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَـٰفِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق