الباحث القرآني

(p-٦١)أمّا قَوْلُهُ: ﴿ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ أيْ ما عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ، حَيْثُ جَعَلُوا هَذِهِ الأصْنامَ عَلى نِهايَةِ خَساسَتِها شَرِيكَةً لَهُ في المَعْبُودِيَّةِ، وهَذِهِ الكَلِمَةُ مُفَسَّرَةٌ في سُورَةِ الأنْعامِ، وهو ”قَوِيٌّ“ لا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ و”عَزِيزٌ“ لا يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى مُغالَبَتِهِ، فَأيُّ حاجَةٍ إلى القَوْلِ بِالشَّرِيكِ. قالَ الكَلْبِيُّ: في هَذِهِ الآيَةِ ونَظِيرِها في سُورَةِ الأنْعامِ: إنَّها نَزَلَتْ في جَماعَةٍ مِنَ اليَهُودِ وهم مالِكُ بْنُ الصَّيْفِ، وكَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ، وكَعْبُ بْنُ أسَدٍ وغَيْرُهم لَعَنَهُمُ اللَّهُ، حَيْثُ قالُوا: إنَّهُ سُبْحانَهُ لَمّا فَرَغَ مِن خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ أعْيا مِن خَلْقِها فاسْتَلْقى واسْتَراحَ ووَضَعَ إحْدى رِجْلَيْهِ عَلى الأُخْرى، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَكْذِيبًا لَهم ونَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما مَسَّنا مِن لُغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨] . واعْلَمْ أنَّ مَنشَأ هَذِهِ الشُّبُهاتِ هو القَوْلُ بِالتَّشْبِيهِ فَيَجِبُ تَنْزِيهُ ذاتِ اللَّهِ تَعالى عَنْ مُشابَهَةِ سائِرِ الذَّواتِ خِلافَ ما يَقُولُهُ المُشَبِّهَةُ، وتَنْزِيهُ صِفاتِهِ عَنْ مُشابَهَةِ سائِرِ الصِّفاتِ خِلافَ ما يَقُولُهُ الكَرّامِيَّةُ، وتَنْزِيهُ أفْعالِهِ عَنْ مُشابَهَةِ سائِرِ الأفْعالِ، أعْنِي الغَرَضَ والدّاعِيَ واسْتِحْقاقَ المَدْحِ والذَّمِّ خِلافَ ما تَقُولُهُ المُعْتَزِلَةُ، قالَ الإمامُ أبُو القاسِمِ الأنْصارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَهو سُبْحانَهُ جَبّارُ النَّعْتِ عَزِيزُ الوَصْفِ فالأوْهامُ لا تُصَوِّرُهُ والأفْكارُ لا تُقَدِّرُهُ والعُقُولُ لا تُمَثِّلُهُ والأزْمِنَةُ لا تُدْرِكُهُ والجِهاتُ لا تَحْوِيهِ ولا تَحُدُّهُ، صَمَدِيُّ الذّاتِ سَرْمَدِيُّ الصِّفاتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب