الباحث القرآني
(p-٣٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَكم فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيقِ﴾ ﴿ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهم مِن بَهِيمَةِ الأنْعامِ فَإلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فَلَهُ أسْلِمُوا وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهم والصّابِرِينَ عَلى ما أصابَهم والمُقِيمِي الصَّلاةِ ومِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ﴾ .
اعْلَمْ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿لَكم فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ لا يَلِيقُ إلّا بِأنْ تُحْمَلَ الشَّعائِرُ عَلى الهَدْيِ الَّذِي فِيهِ مَنافِعُ إلى وقْتِ النَّحْرِ، ومَن يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلى سائِرِ الواجِباتِ يَقُولُ: لَكم فِيها، أيْ في التَّمَسُّكِ بِها مَنافِعُ إلى أجَلٍ يَنْقَطِعُ التَّكْلِيفُ عِنْدَهُ، والأوَّلُ هو قَوْلُ جُمْهُورِ المُفَسِّرِينَ، ولا شَكَّ أنَّهُ أقْرَبُ. وعَلى هَذا القَوْلِ فالمَنافِعُ مُفَسَّرَةٌ بِالدَّرِّ والنَّسْلِ والأوْبارِ ورُكُوبِ ظُهُورِها، فَأمّا قَوْلُهُ إلى أجَلٍ مُسَمًّى فَفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ لَكم أنْ تَنْتَفِعُوا بِهَذِهِ البَهائِمِ إلى أنْ تُسَمُّوها ضَحِيَّةً وهَدْيًا، فَإذا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَكم أنْ تَنْتَفِعُوا بِها، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ وعَطاءٍ وقَتادَةَ والضَّحّاكِ، وقالَ آخَرُونَ: لَكم فِيها - أيْ في البُدْنِ - مَنافِعُ مَعَ تَسْمِيَتِها هَدْيًا بِأنْ تَرْكَبُوها إنِ احْتَجْتُمْ إلَيْها، وأنْ تَشْرَبُوا ألْبانَها إذا اضْطُرِرْتُمْ إلَيْها إلى أجَلٍ مُسَمًّى. يَعْنِي إلى أنْ تَنْحَرُوها، هَذِهِ هي الرِّوايَةُ الثّانِيَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما وهو اخْتِيارُ الشّافِعِيِّ، وهَذا القَوْلُ أوْلى؛ لِأنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿لَكم فِيها مَنافِعُ﴾ أيْ في الشَّعائِرِ، ولا تُسَمّى شَعائِرَ قَبْلَ أنْ تُسَمّى هَدْيًا، ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «مَرَّ بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً وهو في جُهْدٍ، فَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ارْكَبْها. فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّها هَدْيٌ. فَقالَ: ارْكَبْها ويْلَكَ»، ورَوى جابِرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «ارْكَبُوا الهَدْيَ بِالمَعْرُوفِ حَتّى تَجِدُوا ظَهْرًا» واحْتَجَّ أبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلى أنَّهُ لا يَمْلِكُ مَنافِعَها بِأنْ لا يَجُوزَ لَهُ أنْ يُؤَجِّرَها لِلرُّكُوبِ، فَلَوْ كانَ مالِكًا لِمَنافِعِها لِمِلْكِ عَقْدِ الإجارَةِ عَلَيْها كَمَنافِعِ سائِرِ المَمْلُوكاتِ، وهَذا ضَعِيفٌ؛ لِأنَّ أُمَّ الوَلَدِ لا يُمْكِنُهُ بَيْعُها، ويُمْكِنُهُ الِانْتِفاعُ بِها فَكَذا هاهُنا.
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيقِ﴾ فالمَعْنى أنَّ لَكم في الهَدايا مَنافِعَ كَثِيرَةً في دُنْياكم ودِينِكم، وأعْظَمُ هَذِهِ المَنافِعِ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيقِ أيْ وُجُوبُ نَحْرِها أوْ وقْتُ وُجُوبِ نَحْرِها مُنْتَهِيَةٌ إلى البَيْتِ، كَقَوْلِهِ: ﴿هَدْيًا بالِغَ الكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] وبِالجُمْلَةِ فَقَوْلُهُ: ﴿مَحِلُّها﴾ يَعْنِي حَيْثُ يَحِلُّ نَحْرُها، وأمّا البَيْتُ العَتِيقُ فالمُرادُ بِهِ الحَرَمُ كُلُّهُ، ودَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذا﴾ [التوبة: ٢٨] أيِ الحَرَمَ كُلَّهُ فالمَنحَرُ عَلى هَذا القَوْلِ كُلُّ مَكَّةَ، ولَكِنَّها تَنَزَّهَتْ عَنِ الدِّماءِ إلى مِنًى ومِنًى مِن مَكَّةَ، قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «كُلُّ فِجاجِ مَكَّةَ مَنحَرٌ وكُلُّ فِجاجِ مِنًى مَنحَرٌ» قالَ القَفّالُ: هَذا إنَّما يَخْتَصُّ بِالهَدايا الَّتِي بَلَغَتْ مِنًى، فَأمّا الهَدْيُ المُتَطَوَّعُ بِهِ إذا عَطَبَ قَبْلَ بُلُوغِ مَكَّةَ فَإنَّ مَحِلَّهُ مَوْضِعُهُ.
{"ayah":"لَكُمۡ فِیهَا مَنَـٰفِعُ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى ثُمَّ مَحِلُّهَاۤ إِلَى ٱلۡبَیۡتِ ٱلۡعَتِیقِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق