الباحث القرآني
(p-١٧)
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والصّابِئِينَ والنَّصارى والمَجُوسَ والَّذِينَ أشْرَكُوا إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ إنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ والجِبالُ والشَّجَرُ والدَّوابُّ وكَثِيرٌ مِنَ النّاسِ وكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذابُ ومَن يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُكْرِمٍ إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ﴾ .
القِراءَةُ: قُرِئَ ”حُقَّ“ بِالضَّمِّ، وقُرِئَ ”حَقًّا“ أيْ حَقَّ عَلَيْهِ العَذابُ حَقًّا، وقُرِئَ ”مُكْرَمٍ“ بِفَتْحِ الرّاءِ بِمَعْنى الإكْرامِ، واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿وأنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ﴾ أتْبَعَهُ في هَذِهِ الآيَةِ بِبَيانِ مَن يَهْدِيهِ ومَن لا يَهْدِيهِ، واعْلَمْ أنَّ المُسْلِمَ لا يُخالِفُهُ في المَسائِلِ الأُصُولِيَّةِ إلّا طَبَقاتٌ ثَلاثَةٌ: أحَدُها: الطَّبَقَةُ المُشارِكَةُ لَهُ في نُبُوَّةِ نَبِيِّهِ كالخِلافِ بَيْنَ الجَبْرِيَّةِ والقَدَرِيَّةِ في خَلْقِ الأفْعالِ البَشَرِيَّةِ، والخِلافِ بَيْنَ مُثْبِتِي الصِّفاتِ والرُّؤْيَةِ ونُفاتِها. وثانِيها: الَّذِينَ يُخالِفُونَهُ في النُّبُوَّةِ ولَكِنْ يُشارِكُونَهُ في الِاعْتِرافِ بِالفاعِلِ المُخْتارِ كالخِلافِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ واليَهُودِ والنَّصارى في نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وعِيسى ومُوسى عَلَيْهِما السَّلامُ. وثالِثُها: الَّذِينَ يُخالِفُونَهُ في الإلَهِ وهَؤُلاءِ هُمُ السُّوفِسْطائِيَّةُ المُتَوَقِّفُونَ في الحَقائِقِ، والدَّهْرِيَّةُ الَّذِينَ لا يَعْتَرِفُونَ بِوُجُودِ مُؤَثِّرٍ في العالَمِ، والفَلاسِفَةُ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ مُؤَثِّرًا مُوجَبًا لا مُخْتارًا. فَإذا كانَتْ الِاخْتِلافاتُ الواقِعَةُ في أُصُولِ الأدْيانِ مَحْصُورَةً في هَذِهِ الأقْسامِ الثَّلاثَةِ، ثُمَّ لا يُشَكُّ أنَّ أعْظَمَ جِهاتِ الخِلافِ هو مِن جِهَةِ القِسْمِ الأخِيرِ مِنها. وهَذا القِسْمُ الأخِيرُ بِأقْسامِهِ الثَّلاثَةِ لا يُوجَدُونَ في العالَمِ المُتَظاهِرِينَ بِعَقائِدِهِمْ ومَذاهِبِهِمْ بَلْ يَكُونُونَ مُسْتَتِرِينَ، أمّا القِسْمُ الثّانِي: وهو الِاخْتِلافُ الحاصِلُ بِسَبَبِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَتَقْسِيمُهُ أنْ يُقالَ: القائِلُونَ بِالفاعِلِ المُخْتارِ إمّا أنْ يَكُونُوا مُعْتَرِفِينَ بِوُجُودِ الأنْبِياءِ، أوْ لا يَكُونُوا مُعْتَرِفِينَ بِذَلِكَ، فَإمّا أنْ يَكُونُوا أتْباعًا لِمَن كانَ نَبِيًّا في الحَقِيقَةِ أوْ لِمَن كانَ مُتَنَبِّئًا، أمّا أتْباعُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَهُمُ المُسْلِمُونَ واليَهُودُ والنَّصارى، وفِرْقَةٌ أُخْرى بَيْنَ اليَهُودِ والنَّصارى وهُمُ الصّابِئُونَ، وأمّا أتْباعُ المُتَنَبِّئِ فَهُمُ المَجُوسُ، وأمّا المُنْكِرُونَ لِلْأنْبِياءِ عَلى الإطْلاقِ فَهم عَبْدَةُ الأصْنامِ والأوْثانِ، وهُمُ المُسَمَّوْنَ بِالمُشْرِكِينَ، ويَدْخُلُ فِيهِمُ البَراهِمَةُ عَلى اخْتِلافِ طَبَقاتِهِمْ. فَثَبَتَ أنَّ الأدْيانَ الحاصِلَةَ بِسَبَبِ الِاخْتِلافاتِ في الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ هي هَذِهِ السِّتَّةُ الَّتِي ذَكَرَها اللَّهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ، قالَ قَتادَةُ ومُقاتِلٌ: الأدْيانُ سِتَّةٌ: واحِدَةٌ لِلَّهِ تَعالى وهو الإسْلامُ، وخَمْسَةٌ لِلشَّيْطانِ، وتَمامُ الكَلامِ في هَذِهِ الآيَةِ قَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ﴾ فَفِيهِ مَسْألَتانِ:
المسألة الأُولى: قالَ الزَّجّاجُ: هَذا خَبَرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كَما تَقُولُ: إنَّ أخاكَ، إنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ لَكَثِيرٌ. قالَ جَرِيرٌ:
؎إنَّ الخَلِيفَةَ إنَّ اللَّهَ سَرْبَلَهُ سِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجى الخَواتِيمُ
المسألة الثّانِيَةُ: الفَصْلُ مُطْلَقٌ فَيُحْتَمَلُ الفَصْلُ بَيْنَهم في الأحْوالِ والأماكِنِ جَمِيعًا فَلا يُجازِيهِمْ جَزاءً واحِدًا بِغَيْرِ تَفاوُتٍ ولا يَجْمَعُهم في مَوْطِنٍ واحِدٍ، وقِيلَ: يَفْصِلُ بَيْنَهم: يَقْضِي بَيْنَهم.
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فالمُرادُ أنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَهم وهو عالِمٌ بِما يَسْتَحِقُّهُ كُلٌّ مِنهم فَلا يَجْرِي في ذَلِكَ الفَصْلِ ظُلْمٌ ولا حَيْفٌ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلصَّـٰبِـِٔینَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ یَفۡصِلُ بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق