الباحث القرآني

(p-١٦٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أعْيُنِ النّاسِ لَعَلَّهم يَشْهَدُونَ﴾ ﴿قالُوا أأنْتَ فَعَلْتَ هَذا بِآلِهَتِنا ياإبْراهِيمُ﴾ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم هَذا فاسْألُوهم إنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ﴿فَرَجَعُوا إلى أنْفُسِهِمْ فَقالُوا إنَّكم أنْتُمُ الظّالِمُونَ﴾ ﴿ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ﴾ ﴿قالَ أفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكم شَيْئًا ولا يَضُرُّكُمْ﴾ ﴿أُفٍّ لَكم ولِما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ اعْلَمْ أنَّ القَوْمَ لَمّا شاهَدُوا كَسْرَ الأصْنامِ، وقِيلَ: إنَّ فاعِلَهُ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ قالُوا فِيما بَيْنَهم: ﴿فَأْتُوا بِهِ عَلى أعْيُنِ النّاسِ﴾ قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: عَلى أعْيُنِ النّاسِ في مَحَلِّ الحالِ، أيْ فَأْتُوا بِهِ مُشاهَدًا، أيْ بِمَرْأًى مِنهم ومَنظَرٍ، فَإنْ قُلْتَ: ما مَعْنى الِاسْتِعْلاءِ في عَلى ؟ قُلْتُ: هو وارِدٌ عَلى طَرِيقِ المَثَلِ أيْ يَثْبُتُ إثْباتُهُ في الأعْيُنِ ثَباتَ الرّاكِبِ عَلى المَرْكُوبِ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَعَلَّهم يَشْهَدُونَ﴾ فَفِيهِ وجْهانِ؛ أحَدُهُما: أنَّهم كَرِهُوا أنْ يَأْخُذُوهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، فَأرادُوا أنْ يَجِيئُوا بِهِ عَلى أعْيُنِ النّاسِ لَعَلَّهم يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِما قالَهُ، فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ بِما فَعَلَ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ وقَتادَةَ والسُّدِّيِّ وعَطاءٍ وابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وثانِيهُما: وهو قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ أيْ يَحْضُرُونَ فَيُبْصِرُونَ ما يُصْنَعُ بِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ زاجِرًا لَهم عَنِ الإقْدامِ عَلى مِثْلِ فِعْلِهِ، وفِيهِ قَوْلٌ ثالِثٌ: وهو قَوْلُ مُقاتِلٍ والكَلْبِيِّ: أنَّ المُرادَ مَجْمُوعُ الوَجْهَيْنِ، فَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ ويَشْهَدُونَ عِقابَهُ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا أأنْتَ فَعَلْتَ هَذا﴾ فاعْلَمْ أنَّ في الكَلامِ حَذْفًا، وهو: فَأتَوْا بِهِ، وقالُوا: أأنْتَ فَعَلْتَ ؟ طَلَبُوا مِنهُ الِاعْتِرافَ بِذَلِكَ لِيُقْدِمُوا عَلى إيذائِهِ، فَظَهَرَ مِنهُ ما انْقَلَبَ الأمْرُ عَلَيْهِمْ حَتّى تَمَنَّوُا الخَلاصَ مِنهُ، فَقالَ: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم هَذا﴾ وقَدْ عَلَّقَ الفَأْسَ عَلى رَقَبَتِهِ لِكَيْ يُورِدَ هَذا القَوْلَ فَيَظْهَرَ جَهْلُهم في عِبادَةِ الأوْثانِ، فَإنْ قِيلَ قَوْلُهُ: بَلْ فَعَلُهُ كَبِيرُهم كَذِبٌ. والجَوابُ لِلنّاسِ فِيهِ قَوْلانِ؛ أحَدُهُما: وهو قَوْلُ كافَّةِ المُحَقِّقِينَ: أنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبٍ، وذَكَرُوا في الِاعْتِذارِ عَنْهُ وُجُوهًا. أحَدُها: أنَّ قَصْدَ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَكُنْ إلى أنْ يَنْسُبَ الفِعْلَ الصّادِرَ عَنْهُ إلى الصَّنَمِ، إنَّما قَصَدَ تَقْرِيرَهُ لِنَفْسِهِ وإثْباتَهُ لَها عَلى أُسْلُوبٍ تَعْرِيضِيٍّ يُبَلِّغُ فِيهِ غَرَضَهُ مِن إلْزامِهِمُ الحُجَّةَ وتَبْكِيتِهِمْ، وهَذا كَما لَوْ قالَ لَكَ صاحِبُكَ وقَدْ كَتَبْتَ كِتابًا بِخَطٍّ رَشِيقٍ، وأنْتَ شَهِيرٌ بِحُسْنِ الخَطِّ، أأنْتَ كَتَبْتَ هَذا ؟ وصاحِبُكَ أُمِّيٌّ لا يُحْسِنُ الخَطَّ، ولا يَقْدِرُ إلّا عَلى خَرْمَشَةٍ فاسِدَةٍ، فَقُلْتَ لَهُ: بَلْ كَتَبْتَهُ أنْتَ، كَأنَّ قَصْدَكَ بِهَذا الجَوابِ تَقْرِيرُ ذَلِكَ مَعَ الِاسْتِهْزاءِ بِهِ، لا نَفْيُهُ عَنْكَ وإثْباتُهُ لِلْأُمِّيِّ أوِ المُخَرْمِشِ؛ لِأنَّ إثْباتَهُ والأمْرُ دائِرٌ بَيْنَهُما لِلْعاجِزِ مِنهُما اسْتِهْزاءٌ بِهِ وإثْباتٌ لِلْقادِرِ. وثانِيها: أنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ غاظَتْهُ تِلْكَ الأصْنامُ حِينَ أبْصَرَها مُصْطَفَّةً مُزَيَّنَةً؛ وكانَ غَيْظُهُ مِن كَبِيرِها أشَدَّ لِما رَأى مِن زِيادَةِ تَعْظِيمِهِمْ لَهُ، فَأسْنَدَ الفِعْلَ إلَيْهِ؛ لِأنَّهُ هو السَّبَبُ في اسْتِهانَتِهِ بِها وحَطْمِهِ لَها، والفِعْلُ كَما يُسْنَدُ إلى مُباشِرِهِ يُسْنَدُ إلى الحامِلِ عَلَيْهِ. وثالِثُها: أنْ يَكُونَ حِكايَةً لِما يَلْزَمُ عَلى مَذْهَبِهِمْ، كَأنَّهُ قالَ لَهم: ما تُنْكِرُونَ أنْ يَفْعَلَهُ كَبِيرُهم، فَإنَّ مِن حَقِّ مَن يُعْبَدُ ويُدْعى إلَهًا أنْ يَقْدِرَ عَلى هَذا وأشَدَّ مِنهُ. وهَذِهِ الوُجُوهُ الثَّلاثَةُ ذَكَرَها صاحِبُ ”الكَشّافِ“ . ورابِعُها: أنَّهُ كِنايَةٌ عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ، أيْ فَعَلَهُ مَن فَعَلَهُ، وكَبِيرُهم هَذا ابْتِداءُ الكَلامِ، ويُرْوى عَنِ الكِسائِيِّ أنَّهُ كانَ يَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿بَلْ فَعَلَهُ﴾ ثُمَّ يَبْتَدِئُ ﴿كَبِيرُهم هَذا﴾ . وخامِسُها: أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ فِيهِ وقْفٌ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿كَبِيرُهُمْ﴾، ثُمَّ يَبْتَدِئُ فَيَقُولُ: ﴿هَذا فاسْألُوهُمْ﴾ والمَعْنى بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم، وعَنى نَفْسَهُ؛ لِأنَّ الإنْسانَ أكْبَرُ مِن كُلِّ صَنَمٍ. وسادِسُها: أنْ يَكُونَ في الكَلامِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ، كَأنَّهُ قالَ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم هَذا إنْ كانُوا يَنْطِقُونَ فاسْألُوهم، فَتَكُونُ إضافَةُ الفِعْلِ إلى كَبِيرِهِمْ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِمْ ناطِقِينَ، فَلَمّا لَمْ يَكُونُوا ناطِقِينَ امْتَنَعَ أنْ يَكُونُوا فاعِلِينَ. وسابِعُها: قَرَأ مُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْفَعِ: ”فَعَلَّهُ كَبِيرُهم“ أيْ فَلَعَلَّ الفاعِلَ كَبِيرُهم. القَوْلُ الثّانِي: وهو قَوْلُ طائِفَةٍ مِن أهْلِ الحِكاياتِ، أنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ؛ واحْتَجُّوا بِما (p-١٦١)رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «لَمْ يَكْذِبْ إبْراهِيمُ إلّا ثَلاثَ كَذِباتٍ كُلَّها في ذاتِ اللَّهِ تَعالى، قَوْلُهُ: ﴿إنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] وقَوْلُهُ: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم هَذا﴾ وقَوْلُهُ لِسارَّةَ: ”هي أُخْتِي“» وفي خَبَرٍ آخَرَ: ”«أنَّ أهْلَ المَوْقِفِ إذا سَألُوا إبْراهِيمَ الشَّفاعَةَ قالَ: إنِّي كَذَبْتُ ثَلاثَ كَذِباتٍ» “ ثُمَّ قَرَّرُوا قَوْلَهم مِن جِهَةِ العَقْلِ، وقالُوا: الكَذِبُ لَيْسَ قَبِيحًا لِذاتِهِ، فَإنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ إذا هَرَبَ مِن ظالِمٍ واخْتَفى في دارِ إنْسانٍ، وجاءَ الظّالِمُ وسَألَ عَنْ حالِهِ فَإنَّهُ يَجِبُ الكَذِبُ فِيهِ، وإذا كانَ كَذَلِكَ فَأيُّ بُعْدٍ في أنْ يَأْذَنَ اللَّهُ تَعالى في ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ لا يَعْرِفُها إلّا هو ؟ واعْلَمْ أنَّ هَذا القَوْلَ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، أمّا الخَبَرُ الأوَّلُ وهو الَّذِي رَوَوْهُ، فَلَأنْ يُضافَ الكَذِبُ إلى رُواتِهِ أوْلى مِن أنْ يُضافَ إلى الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، والدَّلِيلُ القاطِعُ عَلَيْهِ أنَّهُ لَوْ جازَ أنْ يَكْذِبُوا لِمَصْلَحَةٍ ويَأْذَنَ اللَّهُ تَعالى فِيهِ، فَلْنُجَوِّزْ هَذا الِاحْتِمالَ في كُلِّ ما أخْبَرُوا عَنْهُ، وفي كُلِّ ما أخْبَرَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، وذَلِكَ يُبْطِلُ الوُثُوقَ بِالشَّرائِعِ وتَطَّرَّقُ التُّهْمَةُ إلى كُلِّها، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الخَبَرَ لَوْ صَحَّ فَهو مَحْمُولٌ عَلى المَعارِيضِ عَلى ما قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «إنَّ في المَعارِيضِ لَمَندُوحَةً عَنِ الكَذِبِ» . فَأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنِّي سَقِيمٌ﴾ فَلَعَلَّهُ كانَ بِهِ سَقَمٌ قَلِيلٌ، واسْتِقْصاءُ الكَلامِ فِيهِ يَجِيءُ في مَوْضِعِهِ. * * * وأمّا قَوْلُهُ: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ فَقَطْ ظَهَرَ الجَوابُ عَنْهُ. أمّا قَوْلُهُ لِسارَّةَ: إنَّها أُخْتِي، فالمُرادُ أنَّها أُخْتُهُ في الدِّينِ، وإذا أمْكَنَ حَمْلُ الكَلامِ عَلى ظاهِرِهِ مِن غَيْرِ نِسْبَةِ الكَذِبِ إلى الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَحِينَئِذٍ لا يَحْكُمُ بِنِسْبَةِ الكَذِبِ إلَيْهِمْ إلّا زِنْدِيقٌ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَرَجَعُوا إلى أنْفُسِهِمْ فَقالُوا إنَّكم أنْتُمُ الظّالِمُونَ﴾ فَفِيهِ وُجُوهٌ؛ الأوَّلُ: أنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا نَبَّهَهم بِما أوْرَدَهُ عَلَيْهِمْ عَلى قُبْحِ طَرِيقِهِمْ تَنَبَّهُوا، فَعَلِمُوا أنَّ عِبادَةَ الأصْنامِ باطِلَةٌ، وأنَّهم عَلى غُرُورٍ وجَهْلٍ في ذَلِكَ. والثّانِي: قالَ مُقاتِلٌ: فَرَجَعُوا إلى أنْفُسِهِمْ فَلامُوها وقالُوا: إنَّكم أنْتُمُ الظّالِمُونَ لِإبْراهِيمَ حَيْثُ تَزْعُمُونَ أنَّهُ كَسَرَها مَعَ أنَّ الفَأْسَ بَيْنَ يَدَيِ الصَّنَمِ الكَبِيرِ. وثالِثُها: المَعْنى أنَّكم أنْتُمُ الظّالِمُونَ لِأنْفُسِكم حَيْثُ سَألْتُمْ مِنهُ عَنْ ذَلِكَ حَتّى أخَذَ يَسْتَهْزِئُ بِكم في الجَوابِ، والأقْرَبُ هو الأوَّلُ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ﴾ فَقالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: نَكَسَهُ قَلَبَهُ فَجَعَلَ أسْفَلَهُ أعْلاهُ، وفِيهِ مَسْألَتانِ: المَسْألَةُ الأُولى: في المَعْنى وُجُوهٌ، أحَدُها: أنَّ المُرادَ اسْتَقامُوا حِينَ رَجَعُوا إلى أنْفُسِهِمْ وأتَوْا بِالفِكْرَةِ الصّالِحَةِ، ثُمَّ انْتَكَسُوا فَقُلِبُوا عَنْ تِلْكَ الحالَةِ، فَأخَذُوا [ في ] المُجادَلَةِ بِالباطِلِ، وأنَّ هَؤُلاءِ مَعَ تَقاصُرِ حالِها عَنْ حالِ الحَيَوانِ النّاطِقِ آلِهَةٌ مَعْبُودَةٌ. وثانِيها: قُلِبُوا عَلى رُءُوسِهِمْ حَقِيقَةً لِفَرْطِ إطْراقِهِمْ خَجَلًا وانْكِسارًا وانْخِذالًا مِمّا بَهَتَهم بِهِ إبْراهِيمُ فَما أحارُوا جَوابًا إلّا ما هو حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ. وثالِثُها: قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُءُوسِهِمْ في الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِإبْراهِيمَ حِينَ جادَلَهم. أيْ قُلِبُوا في الحُجَّةِ واحْتَجُّوا عَلى إبْراهِيمَ بِما هو الحُجَّةُ لِإبْراهِيمَ عَلَيْهِمْ، فَقالُوا: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ ما هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ﴾ فَأقَرُّوا بِهَذِهِ لِلْحَيْرَةِ الَّتِي لَحِقَتْهم، قالَ: والمَعْنى نُكِسَتْ حُجَّتُهم؛ فَأُقِيمَ الخَبَرُ عَنْهم مَقامَ الخَبَرِ عَنْ حُجَّتِهِمْ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قُرِئَ ”نُكِّسُوا“ بِالتَّشْدِيدِ، ونُكِسُوا عَلى لَفْظِ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، أيْ نَكَّسُوا أنْفُسَهم عَلى رُءُوسِهِمْ، وهي قِراءَةُ رِضْوانَ بْنِ عَبْدِ المَعْبُودِ. (p-١٦٢)أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ أفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكم شَيْئًا ولا يَضُرُّكُمْ﴾ ﴿أُفٍّ لَكم ولِما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ فالمَعْنى ظاهِرٌ. قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: أُفٍّ صَوْتٌ إذا صُوِّتَ بِهِ عُلِمَ أنَّ صاحِبَهُ مُتَضَجِّرٌ، وإنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أضْجَرَهُ ما رَأى مِن ثَباتِهِمْ عَلى عِبادَتِها بَعْدَ انْقِطاعِ عُذْرِهِمْ، وبَعْدَ وُضُوحِ الحَقِّ وزُهُوقِ الباطِلِ، فَتَأفَّفَ بِهِمْ. ثُمَّ يُحْتَمَلُ أنَّهُ قالَ لَهم ذَلِكَ، وقَدْ عَرَفُوا صِحَّةَ قَوْلِهِ. ويُحْتَمَلُ أنَّهُ قالَ لَهم ذَلِكَ وقَدْ ظَهَرَتِ الحُجَّةُ وإنْ لَمْ يَعْقِلُوا. وهَذا هو الأقْرَبُ لِقَوْلِهِ: ﴿أفَتَعْبُدُونَ﴾ ولِقَوْلِهِ: ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب