الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا أرْسَلْناكَ بِالحَقِّ بَشِيرًا ونَذِيرًا ولا تُسْألُ عَنْ أصْحابِ الجَحِيمِ﴾
اعْلَمْ أنَّ القَوْمَ لَمّا أصَرُّوا عَلى العِنادِ واللَّجاجِ الباطِلِ واقْتَرَحُوا المُعْجِزاتِ عَلى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ بَيَّنَ اللَّهُ تَعالى لِرَسُولِهِ ﷺ أنَّهُ لا مَزِيدَ عَلى ما فَعَلَهُ في مَصالِحِ دِينِهِمْ مِن إظْهارِ الأدِلَّةِ وكَما بَيَّنَ ذَلِكَ بَيَّنَ أنَّهُ لا مَزِيدَ عَلى ما فَعَلَهُ الرَّسُولُ في بابِ الإبْلاغِ والتَّنْبِيهِ لِكَيْ لا يَكْثُرَ غَمُّهُ بِسَبَبِ إصْرارِهِمْ عَلى كُفْرِهِمْ وفي قَوْلِهِ: ﴿بِالحَقِّ﴾ وُجُوهٌ:
أحَدُها: أنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالإرْسالِ، أيْ أرْسَلْناكَ إرْسالًا بِالحَقِّ.
وثانِيها: أنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالبَشِيرِ والنَّذِيرِ أيْ أنْتَ مُبَشِّرٌ بِالحَقِّ ومُنْذِرٌ بِهِ.
وثالِثُها: أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ الحَقِّ الدِّينَ والقُرْآنَ، أيْ أرْسَلْناكَ بِالقُرْآنِ حالَ كَوْنِهِ بَشِيرًا لِمَن أطاعَ اللَّهَ بِالثَّوابِ ونَذِيرًا لِمَن كَفَرَ بِالعِقابِ، والأوْلى أنْ يَكُونَ البَشِيرُ والنَّذِيرُ صِفَةً لِلرَّسُولِ ﷺ فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ: إنّا أرْسَلْناكَ يا مُحَمَّدُ بِالحَقِّ لِتَكُونَ مُبَشِّرًا لِمَنِ اتَّبَعَكَ واهْتَدى بِدِينِكَ ومُنْذِرًا لِمَن كَفَرَ بِكَ وضَلَّ عَنْ دِينِكَ.
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تُسْألُ عَنْ أصْحابِ الجَحِيمِ﴾ فَفِيهِ قِراءَتانِ:
الجُمْهُورُ بِرَفْعِ التّاءِ واللّامِ عَلى الخَبَرِ، وأمّا نافِعٌ فَبِالجَزْمِ وفَتْحِ التّاءِ عَلى النَّهْيِ.
أمّا عَلى القِراءَةِ الأُولى فَفي التَّأْوِيلِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: أنَّ مَصِيرَهم إلى الجَحِيمِ فَمَعْصِيَتُهم لا تَضُرُّكَ ولَسْتَ بِمَسْئُولٍ عَنْ ذَلِكَ وهو كَقَوْلِهِ: ﴿فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ وعَلَيْنا الحِسابُ﴾ [الرَّعْدِ: ٤٠]، وقَوْلِهِ: ﴿عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وعَلَيْكم ما حُمِّلْتُمْ﴾ [النُّورِ: ٥٤] .
والثّانِي: أنَّكَ هادٍ ولَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ، فَلا تَأْسَفْ ولا تَغْتَمَّ لِكُفْرِهِمْ ومَصِيرِهِمْ إلى العَذابِ ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ﴾ [فاطِرٍ: ٨] .
الثّالِثُ: لا تَنْظُرْ إلى المُطِيعِ والعاصِي في الوَقْتِ، فَإنَّ الحالَ قَدْ يَتَغَيَّرُ فَهو غَيْبٌ فَلا تَسْألْ عَنْهُ، وفي الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ أحَدًا لا يُسْألُ عَنْ ذَنْبِ غَيْرِهِ ولا يُؤاخَذُ بِما اجْتَرَمَهُ سِواهُ سَواءٌ كانَ قَرِيبًا أوْ كانَ بَعِيدًا.
أمّا القِراءَةُ الثّانِيَةُ فَفِيها وجْهانِ:
الأوَّلُ: رُوِيَ أنَّهُ قالَ: لَيْتَ شِعْرِي ما فَعَلَ أبَوايَ ؟ فَنُهِيَ عَنِ السُّؤالِ عَنِ الكَفَرَةِ وهَذِهِ الرِّوايَةُ بَعِيدَةٌ لِأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ عالِمًا بِكُفْرِهِمْ، وكانَ عالِمًا بِأنَّ الكافِرَ مُعَذَّبٌ، فَمَعَ (p-٢٩)هَذا العِلْمِ كَيْفَ يُمْكِنُ أنْ يَقُولَ: لَيْتَ شِعْرِي ما فَعَلَ أبَوايَ.
والثّانِي: مَعْنى هَذا النَّهْيِ تَعْظِيمُ ما وقَعَ فِيهِ الكُفّارُ مِنَ العَذابِ، كَما إذا سَألْتَ عَنْ إنْسانٍ واقِعٍ في بَلِيَّةٍ فَيُقالُ لَكَ: لا تَسْألْ عَنْهُ، ووَجْهُ التَّعْظِيمِ أنَّ المَسْئُولَ يَجْزَعُ أنْ يَجْرِيَ عَلى لِسانِهِ ما هو فِيهِ لِفَظاعَتِهِ فَلا تَسْألْهُ ولا تُكَلِّفْهُ ما يُضْجِرُهُ، أوْ أنْتَ مُسْتَخْبِرٌ لا تَقْدِرُ عَلى اسْتِماعِ خَبَرِهِ لِإيحاشِهِ السّامِعَ وإضْجارِهِ، فَلا تَسْألْ، والقِراءَةُ الأُولى يُعَضِّدُها قِراءَةُ أُبَيٍّ: ”وما تُسْألُ“ وقِراءَةُ عَبْدِ اللَّهِ ”ولَنْ تُسْألَ“ .
{"ayah":"إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِیرࣰا وَنَذِیرࣰاۖ وَلَا تُسۡـَٔلُ عَنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلۡجَحِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق