الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَوْ أنَّهم آمَنُوا واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ اعْلَمْ أنَّ الضَّمِيرَ عائِدٌ إلى اليَهُودِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهم، فَإنَّهُ تَعالى لَمّا بَيَّنَ فِيهِمُ الوَعِيدَ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ﴾ أتْبَعَهُ بِالوَعْدِ جامِعًا بَيْنَ التَّرْهِيبِ والتَّرْغِيبِ؛ لِأنَّ الجَمْعَ بَيْنَهُما أدْعى إلى الطّاعَةِ والعُدُولِ عَنِ المَعْصِيَةِ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿آمَنُوا﴾ فاعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وراءَ ظُهُورِهِمْ﴾ ثُمَّ وصَفَهم بِأنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطِينُ، وأنَّهم تَمَسَّكُوا بِالسِّحْرِ. قالَ مِن بَعْدِ: ﴿ولَوْ أنَّهم آمَنُوا﴾ يَعْنِي: بِما نَبَذُوهُ مِن كِتابِ اللَّهِ. فَإنْ حَمَلْتَ ذَلِكَ عَلى القُرْآنِ جازَ، وإنْ حَمَلْتَهُ عَلى كِتابِهِمُ المُصَدِّقِ لِلْقُرْآنِ جازَ؛ وإنْ حَمَلْتَهُ عَلى الأمْرَيْنِ جازَ، والمُرادُ مِنَ التَّقْوى الِاحْتِرازُ عَنْ فِعْلِ المَنهِيّاتِ وتَرْكِ المَأْمُوراتِ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَمَثُوبَةٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ فَفِيهِ وُجُوهٌ: أحَدُها: أنَّ الجَوابَ مَحْذُوفٌ، وتَقْدِيرُهُ: ولَوْ أنَّهم آمَنُوا واتَّقَوْا لَأُثِيبُوا إلّا أنَّهُ تُرِكَتِ الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ إلى هَذِهِ الِاسْمِيَّةِ لِما في الجُمْلَةِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى ثَباتِ المَثُوبَةِ واسْتِقْرارِها. فَإنْ قِيلَ: هَلّا قِيلَ: لَمَثُوبَةُ اللَّهِ خَيْرٌ ؟ قُلْنا: لِأنَّ المُرادَ: لَشَيْءٌ مِن ثَوابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَهم. وثانِيها: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿ولَوْ أنَّهم آمَنُوا﴾ تَمَنِّيًا لِإيمانِهِمْ عَلى سَبِيلِ المَجازِ عَنْ إرادَةِ اللَّهِ إيمانَهم، كَأنَّهُ قِيلَ: ولَيْتَهم آمَنُوا، ثُمَّ ابْتَدَأ: لَمَثُوبَةٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب