الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قالَ أراغِبٌ أنْتَ عَنْ آلِهَتِي ياإبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأرْجُمَنَّكَ واهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ ﴿قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا﴾ ﴿وأعْتَزِلُكم وما تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وأدْعُو رَبِّي عَسى ألّا أكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ .
اعْلَمْ أنَّ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمّا دَعا أباهُ إلى التَّوْحِيدِ، وذَكَرَ الدَّلالَةَ عَلى فَسادِ عِبادَةِ الأوْثانِ، وأرْدَفَ تِلْكَ الدَّلالَةَ بِالوَعْظِ البَلِيغِ، وأوْرَدَ كُلَّ ذَلِكَ مَقْرُونًا بِاللُّطْفِ والرِّفْقِ، قابَلَهُ أبُوهُ بِجَوابٍ يُضادُّ ذَلِكَ، فَقابَلَ حُجَّتَهُ بِالتَّقْلِيدِ، فَإنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ في مُقابَلَةِ حُجَّتِهِ إلّا قَوْلَهُ: ﴿أراغِبٌ أنْتَ عَنْ آلِهَتِي ياإبْراهِيمُ﴾ فَأصَرَّ عَلى ادِّعاءِ إلَهِيَّتِها جَهْلًا وتَقْلِيدًا وقابَلَ وعْظَهُ بِالسَّفاهَةِ حَيْثُ هَدَّدَهُ بِالضَّرْبِ والشَّتْمِ، وقابَلَ رِفْقَهُ في قَوْلِهِ: ﴿ياأبَتِ﴾ بِالعُنْفِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ لَهُ يا بُنَيَّ بَلْ قالَ: ﴿ياإبْراهِيمُ﴾ وإنَّما حَكى اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ لِيُخَفِّفَ عَلى قَلْبِهِ ما كانَ يَصِلُ إلَيْهِ مِن أذى المُشْرِكِينَ فَيَعْلَمَ أنَّ الجُهّالَ مُنْذُ كانُوا عَلى هَذِهِ السِّيرَةِ المَذْمُومَةِ. أمّا قَوْلُهُ: ﴿أراغِبٌ أنْتَ عَنْ آلِهَتِي ياإبْراهِيمُ﴾ فَإنْ كانَ ذَلِكَ عَلى وجْهِ الِاسْتِفْهامِ فَهو خِذْلانٌ؛ لِأنَّهُ قَدْ عَرَفَ مِنهُ ما تَكَرَّرَ مِنهُ مِن وعْظِهِ وتَنْبِيهِهِ عَلى الدَّلالَةِ وهو يُفِيدُ أنَّهُ راغِبٌ عَنْ ذَلِكَ أشَدَّ رَغْبَةٍ فَما فائِدَةُ هَذا القَوْلِ ؟ . وإنْ كانَ ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ التَّعَجُّبِ فَأيُّ تَعَجُّبٍ في الإعْراضِ عَنْ حُجَّةٍ لا فائِدَةَ فِيها، وإنَّما التَّعَجُّبُ كُلُّهُ مِنَ الإقْدامِ عَلى عِبادَتِها فَإنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كَما أنَّهُ يُبْطِلُ جَوازَ عِبادَتِها فَهو يُفِيدُ التَّعَجُّبَ مِن أنَّ العاقِلَ كَيْفَ يَرْضى (p-١٩٥)بِعِبادَتِها فَكَأنَّ أباهُ قابَلَ ذَلِكَ التَّعَجُّبَ الظّاهِرَ المَبْنِيَّ عَلى الدَّلِيلِ بِتَعَجُّبٍ فاسِدٍ غَيْرِ مَبْنِيٍّ عَلى دَلِيلٍ وشُبْهَةٍ، ولا شَكَّ أنَّ هَذا التَّعَجُّبَ جَدِيرٌ بِأنْ يُتَعَجَّبَ مِنهُ، أمّا قَوْلُهُ: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأرْجُمَنَّكَ واهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: في الرَّجْمِ هَهُنا قَوْلانِ:
الأوَّلُ: أنَّهُ الرَّجْمُ بِاللِّسانِ، وهو الشَّتْمُ والذَّمُّ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ [النور: ٤] أيْ بِالشَّتْمِ، ومِنهُ الرَّجِيمُ، أيِ المَرْمِيُّ بِاللَّعْنِ، قالَ مُجاهِدٌ: الرَّجْمُ في القُرْآنِ كُلِّهِ بِمَعْنى الشَّتْمِ.
والثّانِي: أنَّهُ الرَّجْمُ بِاليَدِ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ ذَكَرُوا وُجُوهًا:
أحَدُها: لَأرْجُمَنَّكَ بِإظْهارِ أمْرِكَ لِلنّاسِ لِيَرْجُمُوكَ ويَقْتُلُوكَ.
وثانِيها: لَأرْجُمَنَّكَ بِالحِجارَةِ لِتَتَباعَدَ عَنِّي.
وثالِثُها عَنِ المُؤَرِّجِ: لَأقْتُلَنَّكَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ.
ورابِعُها: قالَ أبُو مُسْلِمٍ: لَأرْجُمَنَّكَ المُرادُ مِنهُ الرَّجْمُ بِالحِجارَةِ إلّا أنَّهُ قَدْ يُقالُ ذَلِكَ في مَعْنى الطَّرْدِ والإبْعادِ اتِّساعًا، ويَدُلُّ عَلى أنَّهُ أرادَ الطَّرْدَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ واعْلَمْ أنَّ أصْلَ الرَّجْمِ هو الرَّمْيُ بِالرِّجامِ فَحَمْلُهُ عَلَيْهِ أوْلى، فَإنْ قِيلَ: أفَما يَدُلُّ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ عَلى أنَّ المُرادَ بِهِ الرَّجْمُ بِالشَّتْمِ ؟ قُلْنا: لا، وذَلِكَ؛ لِأنَّهُ هَدَّدَهُ بِالرَّجْمِ إنْ بَقِيَ عَلى قُرْبِهِ مِنهُ، وأمَرَهُ أنْ يَبْعَدَ هَرَبًا مِن ذَلِكَ فَهو في مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿واهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ .
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: المُرادُ واهْجُرْنِي بِالقَوْلِ.
والثّانِي: بِالمُفارَقَةِ في الدّارِ والبَلَدِ وهي هِجْرَةُ الرَّسُولِ والمُؤْمِنِينَ أيْ تَباعَدْ عَنِّي لِكَيْ لا أراكَ وهَذا الثّانِي أقْرَبُ إلى الظّاهِرِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: في قَوْلِهِ: ﴿مَلِيًّا﴾ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: مَلِيًّا أيْ مُدَّةً بَعِيدَةً مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ أتى عَلى فُلانٍ مَلاوَةٌ مِنَ الدَّهْرِ أيْ زَمانٌ بَعِيدٌ.
والثّانِي: مَلِيًّا بِالذَّهابِ عَنِّي والهِجْرانِ قَبْلَ أنْ أُثْخِنَكَ بِالضَّرْبِ حَتّى لا تَقْدِرَ أنْ تَبْرَحَ يُقالُ فُلانٌ مَلِيٌّ بِكَذا إذا كانَ مُطِيقًا لَهُ مُضْطَلِعًا بِهِ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: عَطَفَ اهْجُرْنِي عَلى مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَأرْجُمَنَّكَ، أيْ فاحْذَرْنِي واهْجُرْنِي لِئَلّا أرْجُمَنَّكَ، ثُمَّ إنَّ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمّا سَمِعَ مِن أبِيهِ ذَلِكَ أجابَ عَنْ أمْرَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ وعَدَهُ التَّباعُدَ مِنهُ، وذَلِكَ لِأنَّ أباهُ لَمّا أمَرَهُ بِالتَّباعُدِ أظْهَرَ الِانْقِيادَ لِذَلِكَ الأمْرِ وقَوْلُهُ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكَ﴾ تَوادُعٌ ومُتارَكَةٌ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَنا أعْمالُنا ولَكم أعْمالُكم سَلامٌ عَلَيْكم لا نَبْتَغِي الجاهِلِينَ﴾ ﴿وإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾ وهَذا دَلِيلٌ عَلى جَوازِ مُتارَكَةِ المَنصُوحِ إذا ظَهَرَ مِنهُ اللَّجاجُ، وعَلى أنَّهُ تَحْسُنُ مُقابَلَةُ الإساءَةِ بِالإحْسانِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَدْ دَعا لَهُ بِالسَّلامَةِ اسْتِمالَةً لَهُ، ألا تَرى أنَّهُ وعَدَهُ بِالِاسْتِغْفارِ ؟ ثُمَّ إنَّهُ لَمّا ودَّعَ أباهُ بِقَوْلِهِ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكَ﴾ ضَمَّ إلى ذَلِكَ ما دَلَّ بِهِ عَلى أنَّهُ وإنْ بَعُدَ عَنْهُ فَإشْفاقُهُ باقٍ عَلَيْهِ كَما كانَ وهو قَوْلُهُ: ﴿سَأسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ واحْتَجَّ بِهَذِهِ الآيَةِ مَن طَعَنَ في عِصْمَةِ الأنْبِياءِ، وتَقْرِيرُهُ أنَّ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَعَلَ ما لا يَجُوزُ؛ لِأنَّهُ اسْتَغْفَرَ لِأبِيهِ وهو كافِرٌ والِاسْتِغْفارُ لِلْكافِرِ لا يَجُوزُ، فَثَبَتَ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ المُقَدِّماتِ أنَّ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَعَلَ ما لا يَجُوزُ، إنَّما قُلْنا إنَّهُ اسْتَغْفَرَ لِأبِيهِ لِقَوْلِهِ تَعالى حِكايَةً عَنْ إبْراهِيمَ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكَ سَأسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ وقَوْلِهِ: ﴿واغْفِرْ لِأبِي إنَّهُ كانَ مِنَ الضّالِّينَ﴾ [الشعراء: ٨٦] وأمّا أنَّ أباهُ كانَ كافِرًا فَذاكَ بِنَصِّ القُرْآنِ وبِالإجْماعِ، وأمّا أنَّ الِاسْتِغْفارَ لِلْكافِرِ لا يَجُوزُ فَلِوَجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] .
الثّانِي: قَوْلُهُ في سُورَةِ المُمْتَحَنَةِ: ﴿قَدْ كانَتْ لَكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ﴾ (p-١٩٦)إلى قَوْلِهِ ﴿لَأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ المُمْتَحَنَةِ: ٤] وأمَرَ النّاسَ إلّا في هَذا الفِعْلِ فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْصِيَةً مِنهُ، والجَوابُ: لا نِزاعَ إلّا في قَوْلِكُمُ الِاسْتِغْفارُ لِلْكافِرِ لا يَجُوزُ فَإنَّ الكَلامَ عَلَيْهِ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: أنَّ القَطْعَ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى يُعَذِّبُ الكافِرَ لا يُعْرَفُ إلّا بِالسَّمْعِ، فَلَعَلَّ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمْ يَجِدْ في شَرْعِهِ ما يَدُلُّ عَلى القَطْعِ بِعَذابِ الكافِرِ، فَلا جَرَمَ اسْتَغْفَرَ لِأبِيهِ.
وثانِيها: أنَّ الِاسْتِغْفارَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنى الِاسْتِماحَةِ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ١٤] والمَعْنى سَأسْألُ رَبِّي أنْ لا يَجْزِيَكَ بِكُفْرِكَ ما كُنْتُ حَيًّا بِعَذابِ الدُّنْيا المُعَجَّلِ.
وثالِثُها: أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - إنَّما اسْتَغْفَرَ لِأبِيهِ؛ لِأنَّهُ كانَ يَرْجُو مِنهُ الإيمانَ فَلَمّا أيِسَ مِن ذَلِكَ تَرَكَ الِاسْتِغْفارَ، ولَعَلَّ في شَرْعِهِ جَوازُ الِاسْتِغْفارِ لِلْكافِرِ الَّذِي يُرْجى مِنهُ الإيمانُ، والدَّلِيلُ عَلى وُقُوعِ هَذا الِاحْتِمالِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهم أنَّهم أصْحابُ الجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣] فَبَيَّنَ أنَّ المَنعَ مِنَ الِاسْتِغْفارِ إنَّما يَحْصُلُ بَعْدَ أنْ يَعْرِفُوا (أنَّهم مِن أصْحابِ الجَحِيمِ) .
ثُمَّ قالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿وما كانَ اسْتِغْفارُ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ إلّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وعَدَها إيّاهُ فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأ مِنهُ﴾ [التوبة: ١١٤] فَدَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّهُ وعَدَهُ بِالِاسْتِغْفارِ لَوْ آمَنَ، فَلَمّا لَمْ يُؤْمِن لَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ بَلْ تَبَرَّأ مِنهُ، فَإنْ قِيلَ فَإذا كانَ الأمْرُ كَذَلِكَ فَلِمَ مَنَعَنا مِنَ التَّأسِّي بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿قَدْ كانَتْ لَكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿إلّا قَوْلَ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ لَأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ [الممتحنة: ٤] قُلْنا الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّهُ لا يَجُوزُ لَنا التَّأسِّي بِهِ في ذَلِكَ لَكِنَّ المَنعَ مِنَ التَّأسِّي بِهِ في ذَلِكَ لا يَدُلُّ عَلى أنَّ ذَلِكَ كانَ مَعْصِيَةً.
فَإنَّ كَثِيرًا مِنَ الأشْياءِ هي مِن خَواصِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولا يَجُوزُ لَنا التَّأسِّي بِهِ مَعَ أنَّها كانَتْ مُباحَةً لَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - .
ورابِعُها: لَعَلَّ هَذا الِاسْتِغْفارَ كانَ مِن بابِ تَرْكِ الأوْلى وحَسَناتُ الأبْرارِ سَيِّئاتُ المُقَرَّبِينَ، أمّا قَوْلُهُ: ﴿إنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا﴾ أيْ لَطِيفًا رَفِيقًا يُقالُ أحْفى فُلانٌ في المَسْألَةِ بِفُلانٍ إذا لَطَفَ بِهِ وبالَغَ في الرِّفْقِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ يَسْألْكُمُوها فَيُحْفِكم تَبْخَلُوا﴾ [محمد: ٣٧] أيْ وإنْ لَطُفَتِ المَسْألَةُ والمُرادُ أنَّهُ سُبْحانَهُ لِلُطْفِهِ بِي وإنْعامِهِ عَلَيَّ عَوَّدَنِي الإجابَةَ فَإذا أنا اسْتَغْفَرْتُ لَكَ حَصَلَ المُرادُ فَكَأنَّهُ جَعَلَهُ بِذَلِكَ عَلى يَقِينٍ إنْ هو تابَ، أنْ يَحْصُلَ لَهُ الغُفْرانُ.
الجَوابُ الثّانِي مِنَ الجَوابَيْنِ: قَوْلُهُ: ﴿وأعْتَزِلُكم وما تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ الِاعْتِزالُ لِلْشَيْءِ هو التَّباعُدُ عَنْهُ والمُرادُ أنِّي أُفارِقُكم في المَكانِ وأُفارِقُكم في طَرِيقَتِكم أيْضًا وأبْعُدُ عَنْكُمُ وأتَشاغَلُ بِعِبادَةِ رَبِّيَ الَّذِي يَنْفَعُ ويَضُرُّ، والَّذِي خَلَقَنِي وأنْعَمَ عَلَيَّ فَإنَّكم بِعِبادَةِ الأصْنامِ سالِكُونَ طَرِيقَةَ الهَلاكِ، فَواجِبٌ عَلَيَّ مُجانَبَتُكم، ومَعَنى قَوْلِهِ: ﴿عَسى ألّا أكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ أرْجُو أنَ لا أكُونَ كَذَلِكَ، وإنَّما ذَكَرَ ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ التَّواضُعِ كَقَوْلِهِ: ﴿والَّذِي أطْمَعُ أنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: ٨٢] وأمّا قَوْلُهُ: ﴿شَقِيًّا﴾ مَعَ ما فِيهِ مِنَ التَّواضُعِ لِلَّهِ فَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِشَقاوَتِهِمْ في دُعاءِ آلِهَتِهِمْ عَلى ما قَرَّرَهُ أوَّلًا في قَوْلِهِ: ﴿لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ ولا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ .
{"ayahs_start":46,"ayahs":["قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنۡ ءَالِهَتِی یَـٰۤإِبۡرَ ٰهِیمُۖ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ لَأَرۡجُمَنَّكَۖ وَٱهۡجُرۡنِی مَلِیࣰّا","قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكَۖ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبِّیۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ بِی حَفِیࣰّا","وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُوا۟ رَبِّی عَسَىٰۤ أَلَّاۤ أَكُونَ بِدُعَاۤءِ رَبِّی شَقِیࣰّا"],"ayah":"قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنۡ ءَالِهَتِی یَـٰۤإِبۡرَ ٰهِیمُۖ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ لَأَرۡجُمَنَّكَۖ وَٱهۡجُرۡنِی مَلِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق