الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: (p-١١٦)﴿وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلّا إبْلِيسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ مِن دُونِي وهم لَكم عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًا﴾ ﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ ولا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ وما كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ ﴿ويَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهم فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهم وجَعَلْنا بَيْنَهم مَوْبِقًا﴾ ﴿ورَأى المُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أنَّهم مُواقِعُوها ولَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفًا﴾
وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنَّ المَقْصُودَ مِن ذِكْرِ الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ الرَّدُّ عَلى القَوْمِ الَّذِينَ افْتَخَرُوا بِأمْوالِهِمْ وأعْوانِهِمْ عَلى فُقَراءِ المُسْلِمِينَ، وهَذِهِ الآيَةُ المَقْصُودُ مِن ذِكْرِها عَيْنُ هَذا المَعْنى، وذَلِكَ لِأنَّ إبْلِيسَ إنَّما تَكَبَّرَ عَلى آدَمَ؛ لِأنَّهُ افْتَخَرَ بِأصْلِهِ ونَسَبِهِ، وقالَ: خَلَقْتَنِي مِن نارٍ وخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ فَأنا أشْرَفُ مِنهُ في الأصْلِ والنَّسَبِ، فَكَيْفَ أسْجُدُ وكَيْفَ أتَواضَعُ لَهُ ؟ وهَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ عامَلُوا فُقَراءَ المُسْلِمِينَ بِعَيْنِ هَذِهِ المُعامَلَةِ، فَقالُوا: كَيْفَ نَجْلِسُ مَعَ هَؤُلاءِ الفُقَراءِ مَعَ أنّا مِن أنْسابٍ شَرِيفَةٍ وهم مِن أنْسابٍ نازِلَةٍ، ونَحْنُ أغْنِياءُ وهم فُقَراءُ ؟ فاللَّهُ تَعالى ذَكَرَ هَذِهِ القِصَّةَ هَهُنا تَنْبِيهًا عَلى أنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ هي بِعَيْنِها طَرِيقَةُ إبْلِيسَ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى حَذَّرَ عَنْها وعَنِ الِاقْتِداءِ بِها في قَوْلِهِ: ﴿أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ﴾ فَهَذا هو وجْهُ النَّظْمِ وهو حَسَنٌ مُعْتَبَرٌ، وذَكَرَ القاضِي وجْهًا آخَرَ، فَقالَ: إنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ مِن قَبْلُ أمْرَ القِيامَةِ وما يَجْرِي عِنْدَ الحَشْرِ ووَضْعَ الكِتابِ، وكَأنَّ اللَّهَ تَعالى يُرِيدُ أنْ يَذْكُرَ هَهُنا أنَّهُ يُنادِي المُشْرِكِينَ، ويَقُولُ لَهم: أيْنَ شُرَكائِي الَّذِي زَعَمْتُمْ وكانَ قَدْ عَلِمَ تَعالى أنَّ إبْلِيسَ هو الَّذِي يَحْمِلُ الإنْسانَ عَلى إثْباتِ هَؤُلاءِ الشُّرَكاءِ، لا جَرَمَ قَدَّمَ قِصَّتَهُ في هَذِهِ الآيَةِ إتْمامًا لِذَلِكَ الغَرَضِ، ثُمَّ قالَ القاضِي: وهَذِهِ القِصَّةُ وإنْ كانَ تَعالى قَدْ كَرَّرَها في سُوَرٍ كَثِيرَةٍ إلّا أنَّ في كُلِّ مَوْضِعٍ مِنها فائِدَةً مُجَدَّدَةً.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: أنَّهُ تَعالى بَيَّنَ في هَذِهِ الآيَةِ أنَّ إبْلِيسَ كانَ مِنَ الجِنِّ ولِلنّاسِ في هَذِهِ المَسْألَةِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
الأوَّلُ: أنَّهُ مِنَ المَلائِكَةِ وكَوْنُهُ مِنَ المَلائِكَةِ لا يُنافِي كَوْنَهُ مِنَ الجِنِّ، ولَهم فِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: أنَّ قَبِيلَةً مِنَ المَلائِكَةِ يُسَمَّوْنَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وجَعَلُوا بَيْنَهُ وبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا﴾ (الصّافّاتِ: ١٥٨) ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الجِنَّ﴾ (الأنْعامِ: ١٠٠) .
والثّانِي: أنَّ الجِنَّ سُمُّوا جِنًّا لِلِاسْتِتارِ والمَلائِكَةُ كَذَلِكَ فَهم داخِلُونَ في الجِنِّ.
الثّالِثُ: أنَّهُ كانَ خازِنَ الجَنَّةِ ونُسِبَ إلى الجَنَّةِ، كَقَوْلِهِمْ: كُوفِيٌّ وبَصْرِيٌّ، وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّهُ كانَ مَنِ الجَنّانِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ في الجَنّاتِ حَيٌّ مِنَ المَلائِكَةِ يَصُوغُونَ حِلْيَةَ أهْلِ الجَنَّةِ مُذْ خُلِقُوا، رَواهُ القاضِي في تَفْسِيرِهِ عَنْ هِشامٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ مِنَ الجِنِّ الَّذِينَ هُمُ الشَّياطِينُ والَّذِينَ خُلِقُوا مِن نارٍ وهو أبُوهم.
والقَوْلُ الثّالِثُ: قَوْلُ مَن قالَ: كانَ مِنَ المَلائِكَةِ فَمُسِخَ وغُيِّرَ، وهَذِهِ المَسْألَةُ قَدْ أحْكَمْناها في سُورَةِ البَقَرَةِ وأصْلُ ما يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لَيْسَ مِنَ المَلائِكَةِ أنَّهُ تَعالى أثْبَتَ لَهُ ذُرِّيَّةً ونَسْلًا في هَذِهِ الآيَةِ وهو قَوْلُهُ: ﴿أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ مِن دُونِي﴾ والمَلائِكَةُ لَيْسَ لَهم ذُرِّيَّةٌ ولا نَسْلٌ، فَوَجَبَ أنْ لا يَكُونَ إبْلِيسُ مِنَ المَلائِكَةِ، بَقِيَ أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَ المَلائِكَةَ بِالسُّجُودِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إبْلِيسُ مِنَ المَلائِكَةِ، فَكَيْفَ تَناوَلَهُ ذَلِكَ الأمْرُ ؟ وأيْضًا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ المَلائِكَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ اسْتِثْناؤُهُ مِنهم ؟ وقَدْ أجَبْنا عَنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْصاءِ، ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ﴾ وفي ظاهِرِهِ إشْكالٌ؛ لِأنَّ الفاسِقَ لا يَفْسُقُ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ، فَلِهَذا السَّبَبِ ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا:
الأوَّلُ: قالَ الفَرّاءُ: فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ أيْ خَرَجَ عَنْ طاعَتِهِ، والعَرَبُ تَقُولُ: فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ مِن قِشْرِها أيْ خَرَجَتْ، وسُمِّيَتِ الفَأْرَةُ فُوَيْسِقَةً لِخُرُوجِها مِن جُحْرِها مِنَ البابَيْنِ، وقالَ رُؤْبَةُ:
؎يَهْوِينَ في نَجْدٍ وغَوْرٍ غائِرًا فَواسِقًا عَنْ قَصْدِها جَوائِرا
(p-١١٧)الثّانِي: حَكى الزَّجّاجُ عَنِ الخَلِيلِ وسِيبَوَيْهِ أنَّهُ قالَ: لَمّا أُمِرَ فَعَصى كانَ سَبَبُ فِسْقِهِ هو ذَلِكَ الأمْرُ، والمَعْنى أنَّهُ لَوْلا ذَلِكَ الأمْرُ السّابِقُ لَما حَصَلَ الفِسْقُ، فَلِأجْلِ هَذا المَعْنى حَسُنَ أنْ يُقالَ: فَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ.
الثّالِثُ: قالَ قُطْرُبٌ: فَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ رَدَّهُ، كَقَوْلِهِ: واسْألِ القَرْيَةَ، واسْألِ العِيرَ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ مِن دُونِي وهم لَكم عَدُوٌّ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: المَقْصُودُ مِن هَذا الكَلامِ أنَّ إبْلِيسَ تَكَبَّرَ عَلى آدَمَ وتَرَفَّعَ عَلَيْهِ لَمّا ادَّعى أنَّ أصْلَهُ أشْرَفُ مِن أصْلِ آدَمَ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ هو أشْرَفَ مِن آدَمَ، فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ لِأُولَئِكَ الكافِرِينَ الَّذِينَ افْتَخَرُوا عَلى فُقَراءِ المُسْلِمِينَ بِشَرَفِ نَسَبِهِمْ وعُلُوِّ مَنصِبِهِمْ: إنَّكم في هَذا القَوْلِ اقْتَدَيْتُمْ بِإبْلِيسَ في تَكَبُّرِهِ عَلى آدَمَ فَلَمّا عَلِمْتُمْ أنَّ إبْلِيسَ عَدُوٌّ لَكم، فَكَيْفَ تَقْتَدُونَ بِهِ في هَذِهِ الطَّرِيقَةِ المَذْمُومَةِ ؟ هَذا هو تَقْرِيرُ الكَلامِ.
فَإنْ قِيلَ: إنَّ هَذا الكَلامَ لا يَتِمُّ إلّا بِإثْباتِ مُقَدِّماتٍ:
فَأوَّلُها: إثْباتُ إبْلِيسَ.
وثانِيها: إثْباتُ ذُرِّيَّةِ إبْلِيسَ.
وثالِثُها: إثْباتُ عَداوَةٍ بَيْنَ إبْلِيسَ وذُرِّيَّتِهِ وبَيْنَ أوْلادِ آدَمَ.
ورابِعُها: أنَّ هَذا القَوْلَ الَّذِي قالَهُ أُولَئِكَ الكُفّارُ اقْتَدَوْا فِيهِ بِإبْلِيسَ.
وكُلُّ هَذِهِ المُقَدِّماتِ الأرْبَعَةِ لا سَبِيلَ إلى إثْباتِها إلّا بِقَوْلِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ -ﷺ-: فالجاهِلُ بِصِدْقِ النَّبِيِّ جاهِلٌ بِها، إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: المُخاطَبُونَ بِهَذِهِ الآياتِ هَلْ عَرَفُوا كَوْنَ مُحَمَّدٍ نَبِيًّا صادِقًا أوْ ما عَرَفُوا ذَلِكَ ؟ فَإنْ عَرَفُوا كَوْنَهُ نَبِيًّا صادِقًا قَبِلُوا قَوْلَهُ في كُلِّ ما يَقُولُهُ فَكُلَّما نَهاهُمُ النَّبِيُّ -ﷺ- عَنْ قَوْلٍ انْتَهَوْا عَنْهُ، وحِينَئِذٍ فَلا حاجَةَ إلى قِصَّةِ إبْلِيسَ وإنْ لَمْ يَعْرِفُوا كَوْنَهُ نَبِيًّا جَهِلُوا كُلَّ هَذِهِ المُقَدِّماتِ الأرْبَعَةِ، ولَمْ يَعْرِفُوا صِحَّتَها فَحِينَئِذٍ لا يَكُونُ في إيرادِها عَلَيْهِمْ فائِدَةٌ، والجَوابُ: أنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا قَدْ سَمِعُوا قِصَّةَ إبْلِيسَ وآدَمَ مِن أهْلِ الكِتابِ واعْتَقَدُوا صِحَّتَها وعَلِمُوا أنَّ إبْلِيسَ إنَّما تَكَبَّرَ عَلى آدَمَ بِسَبَبِ نَسَبِهِ، فَإذا أوْرَدْنا عَلَيْهِمْ هَذِهِ القِصَّةَ كانَ ذَلِكَ زاجِرًا لَهم عَمّا أظْهَرُوهُ مَعَ فُقَراءِ المُسْلِمِينَ مِنَ التَّكَبُّرِ والتَّرَفُّعِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ الجُبّائِيُّ: في هَذِهِ الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ تَعالى لا يُرِيدُ الكُفْرَ ولا يَخْلُقُهُ في العَبْدِ، إذْ لَوْ أرادَهُ وخَلَقَهُ فِيهِ، ثُمَّ عاقَبَهُ عَلَيْهِ، لَكانَ ضَرَرُ إبْلِيسَ أقَلَّ مِن ضَرَرِ اللَّهِ عَلَيْهِما، فَكَيْفَ يُوَبِّخُهم بِقَوْلِهِ: ﴿بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًا﴾ ؟ ! تَعالى اللَّهُ عَنْهُ عُلُوًّا كَبِيرًا، بَلْ عَلى هَذا المَذْهَبِ: لا ضَرَرَ البَتَّةَ مِن إبْلِيسَ بَلِ الضَّرَرُ كُلُّهُ مِنَ اللَّهِ. والجَوابُ: المُعارَضَةُ بِالدّاعِي والعِلْمِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: إنَّما قالَ لِلْكُفّارِ المُفْتَخِرِينَ بِأنْسابِهِمْ وأمْوالِهِمْ عَلى فُقَراءِ المُسْلِمِينَ: أفَتَتَّخِذُونَ إبْلِيسَ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ مِن دُونِ اللَّهِ؛ لِأنَّ الدّاعِيَ لَهم إلى تَرْكِ دِينِ مُحَمَّدٍ -ﷺ- هو النَّخْوَةُ وإظْهارُ العَجَبِ، فَهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ كُلَّ مَن أقْدَمَ عَلى عَمَلٍ أوْ قَوْلٍ بِناءً عَلى هَذا الدّاعِي، فَهو مُتَّبِعٌ لِإبْلِيسَ حَتّى أنَّ مَن كانَ غَرَضُهُ في إظْهارِ العِلْمِ والمُناظَرَةِ التَّفاخُرَ والتَّكَبُّرَ والتَّرَفُّعَ، فَهو مُقْتَدٍ بِإبْلِيسَ، وهو مَقامٌ صَعْبٌ غَرِقَ فِيهِ أكْثَرُ الخَلْقِ، فَنَسْألُ اللَّهَ الخَلاصَ مِنهُ، ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًا﴾ أيْ بِئْسَ البَدَلُ مِنَ اللَّهِ إبْلِيسُ لِمَنِ اسْتَبْدَلَهُ بِهِ، فَأطاعَهُ بَدَلَ طاعَتِهِ، ثُمَّ قالَ: ﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ ولا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ:
المَسْألَةُ الأُولى: اخْتَلَفُوا في أنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: ﴿ما أشْهَدْتُهُمْ﴾ إلى مَن يَعُودُ ؟ فِيهِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: -وهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الأكْثَرُونَ- أنَّ المَعْنى ما أشْهَدْتُ الَّذِي اتَّخَذْتُمُوهم أوْلِياءَ خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ، ولا أشْهَدْتُ بَعْضَهم خَلْقَ بَعْضٍ، كَقَوْلِهِ: ﴿اقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ (النِّساءِ: ٦٦) يَعْنِي ما أشْهَدْتُهم لِأعْتَضِدَ بِهِمْ، والدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿وما كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ أيْ وما كُنْتُ مُتَّخِذَهم، فَوُضِعَ الظّاهِرُ مَوْضِعَ المُضْمَرِ بَيانًا لِإضْلالِهِمْ وقَوْلُهُ: ﴿عَضُدًا﴾ أيْ أعْوانًا.
وثانِيها: -وهُوَ أقْرَبُ عِنْدِي- أنَّ الضَّمِيرَ عائِدٌ إلى الكُفّارِ الَّذِينَ قالُوا (p-١١٨)لِلرَّسُولِ -ﷺ- إنْ لَمْ تَطْرُدْ مِن مَجْلِسِكَ هَؤُلاءِ الفُقَراءَ لَمْ نُؤْمِن بِكَ، فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ: إنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أتَوْا بِهَذا الِاقْتِراحِ الفاسِدِ والتَّعَنُّتِ الباطِلِ ما كانُوا شُرَكاءَ لِي في تَدْبِيرِ العالَمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ ولا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ﴾ ولا اعْتَضَدْتُ بِهِمْ في تَدْبِيرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، بَلْ هم قَوْمٌ كَسائِرِ الخَلْقِ، فَلِمَ أقْدَمُوا عَلى هَذا الِاقْتِراحِ الفاسِدِ ؟ ونَظِيرُهُ أنَّ مَنِ اقْتَرَحَ عَلَيْكَ اقْتِراحاتٍ عَظِيمَةً، فَإنَّكَ تَقُولُ لَهُ: لَسْتَ بِسُلْطانِ البَلَدِ ولا ذُرِّيَّةِ المَمْلَكَةِ حَتّى نَقْبَلَ مِنكَ هَذِهِ الِاقْتِراحاتِ الهائِلَةَ، فَلِمَ تُقْدِمُ عَلَيْها ؟ والَّذِي يُؤَكِّدُ هَذا أنَّ الضَّمِيرَ يَجِبُ عَوْدُهُ إلى أقْرَبِ المَذْكُوراتِ، وفي هَذِهِ الآيَةِ المَذْكُورَةِ الأقْرَبُ هو ذِكْرُ أُولَئِكَ الكُفّارِ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًا﴾ والمُرادُ بِالظّالِمِينَ أُولَئِكَ الكُفّارُ.
وثالِثُها: أنْ يَكُونَ المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ ولا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ﴾ كَوْنَ هَؤُلاءِ الكُفّارِ جاهِلِينَ بِما جَرى بِهِ القَلَمُ في الأزَلِ مِن أحْوالِ السَّعادَةِ والشَّقاوَةِ. فَكَأنَّهُ قِيلَ لَهم: السَّعِيدُ مَن حَكَمَ اللَّهُ بِسَعادَتِهِ في الأزَلِ، والشَّقِيُّ مَن حَكَمَ اللَّهُ بِشَقاوَتِهِ في الأزَلِ، وأنْتُمْ غافِلُونَ عَنْ أحْوالِ الأزَلِ، كَأنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ ولا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ﴾ وإذا جَهِلْتُمْ هَذِهِ الحالَةَ فَكَيْفَ يُمْكِنُكم أنْ تَحْكُمُوا لِأنْفُسِكم بِالرِّفْعَةِ والعُلُوِّ والكَمالِ ولِغَيْرِكم بِالدَّناءَةِ والذُّلِّ ؟ بَلْ رُبَّما صارَ الأمْرُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ عَلى العَكْسِ فِيما حَكَمْتُمْ بِهِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“ قُرِئَ وما كُنْتَ بِالفَتْحِ، والخِطابُ لِرَسُولِ اللَّهِ -ﷺ-، والمَعْنى: وما صَحَّ لَكَ الِاعْتِضادُ بِهِمْ، وما يَنْبَغِي لَكَ أنْ تَعْتَزَّ بِهِمْ، وقَرَأ عَلِيٌّ رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: (مُتَّخِذًا المُضِلِّينَ) بِالتَّنْوِينِ عَلى الأصْلِ، وقَرَأ الحَسَنُ: (عُضْدًا) بِسُكُونِ الضّادِ ونَقْلِ ضَمَّتِها إلى العَيْنِ، وقُرِئَ: (عَضْدًا) بِالفَتْحِ وسُكُونِ الضّادِ (وعُضُدًا) بِضَمَّتَيْنِ (وعَضَدًا) بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ عاضِدٍ، كَخادِمٍ وخَدَمٍ، وراصِدٍ ورَصَدٍ، مِن عَضَدَهُ إذا قَوّاهُ وأعانَهُ، واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا قَرَّرَ أنَّ القَوْلَ الَّذِي قالُوهُ في الِافْتِخارِ عَلى الفُقَراءِ اقْتِداءً بِإبْلِيسَ عادَ بَعْدَهُ إلى التَّهْوِيلِ بِأحْوالِ يَوْمِ القِيامَةِ، فَقالَ: ﴿ويَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ وفِيهِ أبْحاثٌ:
البَحْثُ الأوَّلُ: قَرَأ حَمْزَةُ: (نَقُولُ) بِالنُّونِ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ: ﴿وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ و﴿أوْلِياءَ مِن دُونِي﴾ و﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ ولا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ وما كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ والباقُونَ قَرَءُوا بِالياءِ.
البَحْثُ الثّانِي: واذْكُرْ يَوْمَ نَقُولُ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ: ﴿وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا﴾ .
البَحْثُ الثّالِثُ: المَعْنى: واذْكُرْ لَهم يا مُحَمَّدُ أحْوالَهم وأحْوالَ آلِهَتِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ إذْ يَقُولُ اللَّهُ لَهم: ﴿نادُوا شُرَكائِيَ﴾ أيِ ادْعُوا مَن زَعَمْتُمْ أنَّهم شُرَكاءُ لِي حَيْثُ أهَّلْتُمُوهم لِلْعِبادَةِ، ادْعُوهم يَشْفَعُوا لَكم ويَنْصُرُوكم والمُرادُ بِالشُّرَكاءِ الجِنُّ، فَدَعَوْهم، ولَمْ يَذْكُرْ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ أنَّهم كَيْفَ دَعَوُا الشُّرَكاءَ؛ لِأنَّهُ تَعالى بَيَّنَ ذَلِكَ في آيَةٍ أُخْرى، وهو أنَّهم قالُوا: ﴿إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا﴾ (غافِرٍ: ٤٧) ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ أيْ لَمْ يُجِيبُوهم إلى ما دَعَوْهم إلَيْهِ، ولَمْ يَدْفَعُوا عَنْهم ضَرَرًا وما أوْصَلُوا إلَيْهِمْ نَفْعًا، ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وجَعَلْنا بَيْنَهم مَوْبِقًا﴾ وفِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: المَوْبِقُ المَهْلِكُ مِن وبِقَ يَبِقُ وُبُوقًا ووَبَقًا، إذا هَلَكَ وأوْبَقَهُ غَيْرُهُ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا كالمَوْرِدِ والمَوْعِدِ، وتَقْرِيرُ هَذا الوَجْهِ أنْ يُقالَ: إنَّ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً كالمَلائِكَةِ وعِيسى دَعَوْا هَؤُلاءِ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهم (p-١١٩)ثُمَّ حِيلَ بَيْنَهم وبَيْنَهم فَأدْخَلَ اللَّهُ تَعالى هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ جَهَنَّمَ، وأدْخَلَ عِيسى الجَنَّةَ، وصارَ المَلائِكَةُ إلى حَيْثُ أرادَ اللَّهُ مِن دارِ الكَرامَةِ، وحَصَلَ بَيْنَ أُولَئِكَ الكُفّارِ وبَيْنَ المَلائِكَةِ وعِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ هَذا المَوْبِقُ، وهو ذَلِكَ الوادِي في جَهَنَّمَ.
الوَجْهُ الثّانِي: قالَ الحَسَنُ: (مَوْبِقًا) أيْ عَداوَةً، والمَعْنى: عَداوَةٌ هي في شِدَّتِها هَلاكٌ، ومِنهُ قَوْلُهُ: لا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا، ولا بُغْضُكَ تَلَفًا.
الوَجْهُ الثّالِثُ: قالَ الفَرّاءُ: البَيْنُ المُواصَلَةُ أيْ جَعَلْنا مُواصَلَتَهم في الدُّنْيا هَلاكًا في يَوْمِ القِيامَةِ.
الوَجْهُ الرّابِعُ: المَوْبِقُ البَرْزَخُ البَعِيدُ أيْ جَعَلْنا بَيْنَ هَؤُلاءِ الكُفّارِ وبَيْنَ المَلائِكَةِ وعِيسى بَرْزَخًا بَعِيدًا يَهْلِكُ فِيهِ السّارِي لِفَرْطِ بُعْدِهِ؛ لِأنَّهم في قَعْرِ جَهَنَّمَ، وهم في أعْلى الجِنانِ، ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ورَأى المُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أنَّهم مُواقِعُوها﴾ وفي هَذا الظَّنِّ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: أنَّ الظَّنَّ هَهُنا بِمَعْنى العِلْمِ واليَقِينِ.
والثّانِي: وهو الأقْرَبُ أنَّ المَعْنى أنَّ هَؤُلاءِ الكُفّارَ يَرَوْنَ النّارَ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ، فَيَظُنُّونَ أنَّهم مُواقِعُوها في تِلْكَ السّاعَةِ مِن غَيْرِ تَأْخِيرٍ ومُهْلَةٍ، لِشِدَّةِ ما يَسْمَعُونَ مِن تَغَيُّظِها وزَفِيرِها، كَما قالَ: ﴿إذا رَأتْهم مِن مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظًا وزَفِيرًا﴾ (الفُرْقانِ: ١٢) وقَوْلُهُ: ﴿مُواقِعُوها﴾ أيْ مُخالِطُوها، فَإنَّ مُخالَطَةَ الشَّيْءِ لِغَيْرِهِ إذا كانَتْ قَوِيَّةً تامَّةً، يُقالُ لَها: مُواقَعَةٌ، ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿ولَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفًا﴾ أيْ لَمْ يَجِدُوا عَنِ النّارِ مَعْدِلًا إلى غَيْرِها؛ لِأنَّ المَلائِكَةَ تَسُوقُهم إلَيْها.
{"ayahs_start":50,"ayahs":["وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦۤۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّیَّتَهُۥۤ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِی وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِینَ بَدَلࣰا","۞ مَّاۤ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّینَ عَضُدࣰا","وَیَوۡمَ یَقُولُ نَادُوا۟ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَیۡنَهُم مَّوۡبِقࣰا","وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ یَجِدُوا۟ عَنۡهَا مَصۡرِفࣰا"],"ayah":"۞ مَّاۤ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّینَ عَضُدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق