الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ والجِنُّ عَلى أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كانَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ في الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنّا في سُورَةِ البَقَرَةِ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ﴾ (البَقَرَةِ: ٢٣) بالَغْنا في بَيانِ إعْجازِ القُرْآنِ، ولِلنّاسِ فِيهِ قَوْلانِ مِنهم مَن قالَ: القُرْآنُ مُعْجِزٌ في (p-٤٦)نَفْسِهِ، ومِنهم مَن قالَ إنَّهُ لَيْسَ في نَفْسِهِ مُعْجِزًا إلّا أنَّهُ تَعالى لَمّا صَرَفَ دَواعِيَهم عَنِ الإثْباتِ بِمُعارَضَتِهِ مَعَ أنَّ تِلْكَ الدَّواعِيَ كانَتْ قَوِيَّةً كانَتْ هَذِهِ الصِّرْفَةُ مُعْجِزَةً، والمُخْتارُ عِنْدَنا في هَذا البابِ أنْ نَقُولَ القُرْآنُ في نَفْسِهِ إمّا أنْ يَكُونَ مُعْجِزًا أوْ لا يَكُونَ، فَإنْ كانَ مُعْجِزًا فَقَدْ حَصَلَ المَطْلُوبُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ مُعْجِزًا بَلْ كانُوا قادِرِينَ عَلى الإتْيانِ بِمُعارَضَتِهِ وكانَتِ الدَّواعِي مُتَوَفِّرَةً عَلى الإتْيانِ بِهَذِهِ المُعارَضَةِ وما كانَ لَهم عَنْها صارِفٌ ومانِعٌ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ كانَ الإتْيانُ بِمُعارَضَتِهِ واجِبًا لازِمًا فَعَدَمُ الإتْيانِ بِهَذِهِ المُعارَضَةِ مَعَ التَّقْدِيراتِ المَذْكُورَةِ يَكُونُ نَقْضًا لِلْعادَةِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا، فَهَذا هو الطَّرِيقُ الَّذِي نَخْتارُهُ في هَذا البابِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: هَبْ أنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَجْزُ الإنْسانِ عَنْ مُعارَضَتِهِ فَكَيْفَ عَرَفْتُمْ عَجْزَ الجِنِّ عَنْ مُعارَضَتِهِ ؟ وأيْضًا فَلِمَ لا يَجُوزُ أنْ يُقالَ إنَّ هَذا الكَلامَ نَظْمُ الجِنِّ ألْقَوْهُ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ وخَصُّوهُ بِهِ عَلى سَبِيلِ السَّعْيِ في إضْلالِ الخَلْقِ فَعَلى هَذا إنَّما تَعْرِفُونَ صِدْقَ مُحَمَّدٍ ﷺ إذا عَرَفْتُمْ أنَّ مُحَمَّدًا صادِقٌ في قَوْلِهِ أنَّهُ لَيْسَ مِن كَلامِ الجِنِّ بَلْ هو مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الدَّوْرُ ولَيْسَ لِأحَدٍ أنَّ يَقُولَ كَيْفَ يُعْقَلُ أنْ يَكُونَ هَذا مِن قَوْلِ الجِنِّ لِأنّا نَقُولُ إنَّ هَذِهِ الآيَةَ دَلَّتْ عَلى وُقُوعِ التَّحَدِّي مَعَ الجِنِّ، وإنَّما يَحْسُنُ هَذا التَّحَدِّي لَوْ كانُوا فُصَحاءَ بُلَغاءَ، ومَتى كانَ الأمْرُ كَذَلِكَ كانَ الِاحْتِمالُ المَذْكُورُ قائِمًا.
أجابَ العُلَماءُ عَنِ الأوَّلِ: بِأنَّ عَجْزَ البَشَرِ عَنْ مُعارَضَتِهِ يَكْفِي في إثْباتِ كَوْنِهِ مُعْجِزًا.
وعَنِ الثّانِي: أنَّ ذَلِكَ لَوْ وقَعَ لَوَجَبَ في حِكْمَةِ اللَّهِ أنْ يُظْهِرَ ذَلِكَ التَّلْبِيسَ وحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ دَلَّ عَلى عَدَمِهِ وعَلى أنَّهُ تَعالى قَدْ أجابَ عَنْ هَذا السُّؤالِ بِالأجْوِبَةِ الشّافِيَةِ الكافِيَةِ في آخِرِ سُورَةِ الشُّعَراءِ في قَوْلِهِ: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكم عَلى مَن تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ﴾ ﴿تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ﴾ (الشُّعَراءِ: ٢٢٢) وقَدْ شَرَحْنا هَذِهِ الأجْوِبَةَ هُناكَ فَلا فائِدَةَ في الإعادَةِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قالَتِ المُعْتَزِلَةُ الآيَةُ دالَّةٌ عَلى أنَّ القُرْآنَ مَخْلُوقٌ لِأنَّ التَّحَدِّيَ بِالقَدِيمِ، وهَذِهِ المَسْألَةُ قَدْ ذَكَرْناها أيْضًا بِالِاسْتِقْصاءِ في سُورَةِ البَقَرَةِ فَلا فائِدَةَ في الإعادَةِ.
{"ayah":"قُل لَّىِٕنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰۤ أَن یَأۡتُوا۟ بِمِثۡلِ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا یَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضࣲ ظَهِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق