الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ جاءَهم رَسُولٌ مِنهم فَكَذَّبُوهُ فَأخَذَهُمُ العَذابُ وهم ظالِمُونَ﴾ ﴿فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا واشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ . اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ المَثَلَ ذَكَرَ المُمَثَّلَ، فَقالَ: ﴿ولَقَدْ جاءَهُمْ﴾ يَعْنِي أهْلَ مَكَّةَ ﴿رَسُولٌ مِنهُمْ﴾ يَعْنِي: مِن أنْفُسِهِمْ يَعْرِفُونَهُ بِأصْلِهِ ونَسَبِهِ، ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأخَذَهُمُ العَذابُ﴾، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: يَعْنِي الجُوعَ الَّذِي كانَ بِمَكَّةَ. وقِيلَ: القَتْلُ يَوْمَ بَدْرٍ، وأقُولُ: قَوْلُ ابْنُ عَبّاسٍ أوْلى؛ لِأنَّهُ تَعالى قالَ بَعْدَهُ: ﴿فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا واشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ يَعْنِي: أنَّ ذَلِكَ الجُوعَ إنَّما كانَ بِسَبَبِ كُفْرِكم فاتْرُكُوا الكُفْرَ حَتّى تَأْكُلُوا؛ فَلِهَذا السَّبَبِ قالَ: ﴿فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: فَكُلُوا يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، يُرِيدُ مِنَ الغَنائِمِ. وقالَ الكَلْبِيُّ: «إنَّ رُؤَساءَ مَكَّةَ كَلَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ جَهِدُوا وقالُوا: عادَيْتَ الرِّجالَ فَما بالُ النِّسْوانِ والصِّبْيانِ ! وكانَتِ المِيرَةُ قَدْ قُطِعَتْ عَنْهم بِأمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأذِنَ في حَمْلِ الطَّعامِ إلَيْهِمْ فَحُمِلَ إلَيْهِمُ الطَّعامُ، فَقالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا»﴾ والقَوْلُ ما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ والدَّمَ ولَحْمَ الخِنْزِيرِ وما أُهِلَّ﴾ الآيَةَ، يَعْنِي: أنَّكم لَمّا آمَنتُمْ وتَرَكْتُمُ الكُفْرَ فَكُلُوا الحَلالَ الطَّيِّبَ وهو الغَنِيمَةُ واتْرُكُوا الخَبائِثَ وهي المَيْتَةُ والدَّمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب