الباحث القرآني

ثم قال تَعالى: ﴿لَها سَبْعَةُ أبْوابٍ﴾ وفِيهِ قَوْلانِ: القَوْلُ الأوَّلُ: إنَّها سَبْعُ طَبَقاتٍ: بَعْضُها فَوْقَ البَعْضِ، وتُسَمّى تِلْكَ الطَّبَقاتُ بِالدَّرَكاتِ، ويَدُلُّ عَلى كَوْنِها كَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ في الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ﴾ [النِّساءِ: ١٤٥] . والقَوْلُ الثّانِي: إنَّ قَرارَ جَهَنَّمَ مَقْسُومٌ سَبْعَةَ أقْسامٍ: ولِكُلِّ قِسْمٍ بابٌ، وعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أوَّلُها جَهَنَّمُ، ثُمَّ لَظى، ثُمَّ الحُطَمَةُ، ثُمَّ السَّعِيرُ، ثُمَّ سَقَرُ، ثُمَّ الجَحِيمُ، ثُمَّ الهاوِيَةُ. قالَ الضَّحّاكُ: الطَّبَقَةُ الأُولى فِيها أهْلُ التَّوْحِيدِ يُعَذَّبُونَ عَلى قَدْرِ أعْمالِهِمْ ثُمَّ يُخْرَجُونَ، والثّانِيَةُ لِلْيَهُودِ، والثّالِثَةُ لِلنَّصارى، والرّابِعَةُ لِلصّابِئِينَ، والخامِسَةُ لِلْمَجُوسِ، والسّادِسَةُ لِلْمُشْرِكِينَ، والسّابِعَةُ لِلْمُنافِقِينَ. وقَوْلُهُ: ﴿لِكُلِّ بابٍ مِنهم جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ وفِيهِ مَسْألَتانِ: المسألة الأُولى: قَرَأ عاصِمٌ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: ﴿جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ والباقُونَ (جَزْ) بِتَخْفِيفِ الزّايِ. وقَرَأ الزُّهْرِيُّ: (جَزٌّ) بِالتَّشْدِيدِ، كَأنَّهُ حَذَفَ الهَمْزَةَ وألْقى حَرَكَتَها عَلى الزّايِ، كَقَوْلِكَ: خَبَّ في خَبْءٍ، ثُمَّ وقَفَ عَلَيْهِ بِالتَّشْدِيدِ. المسألة الثّانِيَةُ: الجُزْءُ بَعْضُ الشَّيْءِ، والجَمْعُ الأجْزاءُ، وجَزَّأْتُهُ جَعَلْتُهُ أجْزاءً. والمَعْنى: أنَّهُ تَعالى يُجَزِّئُ أتْباعَ إبْلِيسَ أجْزاءً، بِمَعْنى أنَّهُ يَجْعَلُهم أقْسامًا وفِرَقًا، ويُدْخِلُ في كُلِّ قِسْمٍ مِن أقْسامِ جَهَنَّمَ طائِفَةً مِن (p-١٥٢)هَؤُلاءِ الطَّوائِفِ. والسَّبَبُ فِيهِ أنَّ مَراتِبَ الكُفْرِ مُخْتَلِفَةٌ بِالغِلَظِ والخِفَّةِ، فَلا جَرَمَ صارَتْ مَراتِبُ العَذابِ والعِقابِ مُخْتَلِفَةً بِالغِلَظِ والخِفَّةِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب