الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ في شِيَعِ الأوَّلِينَ﴾ ﴿وما يَأْتِيهِمْ مِن رَسُولٍ إلّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ في قُلُوبِ المُجْرِمِينَ﴾ ﴿لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ﴾ .
اعْلَمْ أنَّ القَوْمَ لَمّا أساءُوا في الأدَبِ وخاطَبُوهُ بِالسَّفاهَةِ، وقالُوا: إنَّكَ لَمَجْنُونٌ، فاللَّهُ تَعالى ذَكَرَ أنَّ عادَةَ هَؤُلاءِ الجُهّالِ مَعَ جَمِيعِ الأنْبِياءِ هَكَذا كانَتْ، ولَكَ أُسْوَةٌ في الصَّبْرِ عَلى سَفاهَتِهِمْ وجَهالَتِهِمْ بِجَمِيعِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَهَذا هو الكَلامُ في نَظْمِ الآيَةِ، وفِيهِ مَسائِلُ:
المسألة الأُولى: في الآيَةِ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: ولَقَدْ أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا، إلّا أنَّهُ حَذَفَ ذِكْرَ الرُّسُلِ لِدَلالَةِ الإرْسالِ عَلَيْهِ.
وقَوْلُهُ: ﴿فِي شِيَعِ الأوَّلِينَ﴾ أيْ في أُمَمِ الأوَّلِينَ وأتْباعِهِمْ. قالَ الفَرّاءُ: الشِّيَعُ: الأتْباعُ، واحِدُهم شِيعَةٌ. وشِيعَةُ الرَّجُلِ أتْباعُهُ، والشِّيعَةُ الأُمَّةُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِأنَّ بَعْضَهم شايَعَ بَعْضًا وشاكَلَهُ، وذَكَرْنا الكَلامَ في هَذا الحَرْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿أوْ يَلْبِسَكم شِيَعًا﴾ [الأنعام: ٦٥] قالَ الفَرّاءُ: وقَوْلُهُ: ﴿فِي شِيَعِ الأوَّلِينَ﴾ مِن إضافَةِ الصِّفَةِ إلى المَوْصُوفِ كَقَوْلِهِ: ﴿حَقُّ اليَقِينِ﴾ [الواقعة: ٩٥] وقَوْلِهِ: ﴿بِجانِبِ الغَرْبِيِّ﴾ [القصص: ٤٤] وقَوْلِهِ: ﴿وذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥] .
* * *
أما قوله: ﴿وما يَأْتِيهِمْ مِن رَسُولٍ إلّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أيْ عادَةُ هَؤُلاءِ (p-١٢٩)الجُهّالِ مَعَ جَمِيعِ الأنْبِياءِ والرُّسُلِ ذَلِكَ الِاسْتِهْزاءُ بِهِمْ كَما فَعَلُوا بِكَ ذَكَرَهُ تَسْلِيَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ .
واعْلَمْ أنَّ السَّبَبَ الَّذِي يَحْمِلُ هَؤُلاءِ الجُهّالَ عَلى هَذِهِ العادَةِ الخَبِيثَةِ أُمُورٌ:
الأوَّلُ: أنَّهم يَسْتَثْقِلُونَ التِزامَ الطّاعاتِ والعِباداتِ والِاحْتِرازَ عَنِ الطَّيِّباتِ واللَّذّاتِ.
والثّانِي: أنَّ الرَّسُولَ يَدْعُوهم إلى تَرْكِ ما ألِفُوهُ مِن أدْيانِهِمُ الخَبِيثَةِ ومَذاهِبِهِمُ الباطِلَةِ، وذَلِكَ شاقٌّ شَدِيدٌ عَلى الطِّباعِ.
والثّالِثُ: أنَّ الرَّسُولَ مَتْبُوعٌ مَخْدُومٌ والأقْوامَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ طاعَتُهُ وخِدْمَتُهُ، وذَلِكَ أيْضًا في غايَةِ المَشَقَّةِ.
والرّابِعُ: أنَّ الرَّسُولَ ﷺ قَدْ يَكُونُ فَقِيرًا ولا يَكُونُ لَهُ أعْوانٌ وأنْصارٌ، ولا مالَ ولا جاهَ فالمُتَنَعِّمُونَ، والرُّؤَساءُ يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ خِدْمَةُ مَن يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
والخامِسُ: خِذْلانُ اللَّهِ لَهم، وإلْقاءُ دَواعِي الكُفْرِ والجَهْلِ في قُلُوبِهِمْ، وهَذا هو السَّبَبُ الأصْلِيُّ؛ فَلِهَذِهِ الأسْبابِ وما يُشْبِهُها تَقَعُ الجُهّالُ والضُّلّالُ مَعَ أكابِرِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ في هَذِهِ الأعْمالِ القَبِيحَةِ والأفْعالِ المُنْكَرَةِ.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِی شِیَعِ ٱلۡأَوَّلِینَ","وَمَا یَأۡتِیهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ","كَذَ ٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِینَ"],"ayah":"كَذَ ٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق