الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكم وسَخَّرَ لَكُمُ الفُلْكَ لِتَجْرِيَ في البَحْرِ بِأمْرِهِ وسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهارَ﴾ ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والقَمَرَ دائِبَيْنِ وسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهارَ﴾ ﴿وآتاكم مِن كُلِّ ما سَألْتُمُوهُ وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إنَّ الإنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ﴾ .
اعْلَمْ أنَّهُ لَمّا أطالَ الكَلامَ في وصْفِ أحْوالِ السُّعَداءِ وأحْوالِ الأشْقِياءِ، وكانَ العُمْدَةُ العُظْمى والمَنزِلَةُ الكُبْرى في حُصُولِ السَّعاداتِ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعالى بِذاتِهِ وبِصِفاتِهِ، وفي حُصُولِ الشَّقاوَةِ فِقْدانَ هَذِهِ المَعْرِفَةِ، لا جَرَمَ خَتَمَ اللَّهُ تَعالى وصْفَ أحْوالِ السُّعَداءِ والأشْقِياءِ بِالدَّلائِلِ الدّالَّةِ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ وكَمالِ عِلْمِهِ وقُدْرَتِهِ.
(p-١٠٠)وذَكَرَ هَهُنا عَشَرَةَ أنْواعٍ مِنَ الدَّلائِلِ:
أوَّلُها: خَلْقُ السَّماواتِ.
وثانِيها: خَلْقُ الأرْضِ، وإلَيْهِما الإشارَةُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ .
وثالِثُها: ﴿وأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾ .
ورابِعُها: قَوْلُهُ: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الفُلْكَ لِتَجْرِيَ في البَحْرِ بِأمْرِهِ﴾ .
وخامِسُها: قَوْلُهُ: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهارَ﴾ .
وسادِسُها وسابِعُها: قَوْلُهُ: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والقَمَرَ دائِبَيْنِ﴾ .
وثامِنُها وتاسِعُها: قَوْلُهُ: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهارَ﴾ .
وعاشِرُها: قَوْلُهُ: ﴿وآتاكم مِن كُلِّ ما سَألْتُمُوهُ﴾ وهَذِهِ الدَّلائِلُ العَشَرَةُ قَدْ مَرَّ ذِكْرُها في هَذا الكِتابِ وتَقْرِيرُها وتَفْسِيرُها مِرارًا وأطْوارًا، ولا بَأْسَ بِأنْ نَذْكُرَ هَهُنا بَعْضَ الفَوائِدِ. فاعْلَمْ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ﴾ مُبْتَدَأٌ، وقَوْلَهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ خَبَرُهُ. ثُمَّ إنَّهُ تَعالى بَدَأ بِذِكْرِ خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ، وقَدْ ذَكَرْنا في هَذا الكِتابِ أنَّ السَّماءَ والأرْضَ مِن كَمْ وجْهٍ تَدُلُّ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ الحَكِيمِ، وإنَّما بَدَأ بِذِكْرِهِما هَهُنا لِأنَّهُما هُما الأصْلانِ اللَّذانِ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِما سائِرُ الأدِلَّةِ المَذْكُورَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإنَّهُ قالَ بَعْدَهُ: ﴿وأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾ وفِيهِ مَباحِثُ:
البحث الأوَّلُ: لَوْلا السَّماءُ لَمْ يَصِحَّ إنْزالُ الماءِ مِنها ولَوْلا الأرْضُ لَمْ يُوجَدْ ما يَسْتَقِرُّ الماءُ فِيهِ، فَظَهَرَ أنَّهُ لا بُدَّ مِن وُجُودِهِما حَتّى يَحْصُلَ هَذا المَقْصُودُ وهَذا المَطْلُوبُ.
البحث الثّانِي: قَوْلُهُ: ﴿وأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً﴾ وفِيهِ قَوْلانِ:
الأوَّلُ: أنَّ الماءَ نَزَلَ مِنَ السَّحابِ وسُمِّيَ السَّحابُ سَماءً اشْتِقاقًا مِنَ السُّمُوِّ، وهو الِارْتِفاعُ.
والثّانِي: أنَّهُ تَعالى أنْزَلَهُ مِن نَفْسِ السَّماءِ وهَذا بَعِيدٌ، لِأنَّ الإنْسانَ رُبَّما كانَ واقِفًا عَلى قِمَّةِ جَبَلٍ عالٍ ويَرى الغَيْمَ أسْفَلَ مِنهُ، فَإذا نَزَلَ مِن ذَلِكَ الجَبَلِ يَرى ذَلِكَ الغَيْمَ ماطِرًا عَلَيْهِمْ، وإذا كانَ هَذا أمْرًا مُشاهَدًا بِالبَصَرِ كانَ النِّزاعُ فِيهِ باطِلًا.
البحث الثّالِثُ: قالَ قَوْمٌ: إنَّهُ تَعالى أخْرَجَ هَذِهِ الثَّمَراتِ بِواسِطَةِ هَذا الماءِ المُنْزَلِ مِنَ السَّماءِ عَلى سَبِيلِ العادَةِ؛ وذَلِكَ لِأنَّ في هَذا المَعْنى مَصْلَحَةً لِلْمُكَلَّفِينَ، لِأنَّهم إذا عَلِمُوا أنَّ هَذِهِ المَنافِعَ القَلِيلَةَ يَجِبُ أنْ تُتَحَمَّلَ في تَحْصِيلِها المَشاقُّ والمَتاعِبُ، فالمَنافِعُ العَظِيمَةُ الدّائِمَةُ في الدّارِ الآخِرَةِ أوْلى أنْ تُتَحَمَّلَ المَشاقُّ في طَلَبِها، وإذا كانَ المَرْءُ يَتْرُكُ الرّاحَةَ واللَّذّاتِ طَلَبًا لِهَذِهِ الخَيْراتِ الحَقِيرَةِ، فَبِأنْ يَتْرُكَ اللَّذّاتِ الدُّنْيَوِيَّةَ لِيَفُوزَ بِثَوابِ اللَّهِ تَعالى ويَتَخَلَّصَ عَنْ عِقابِهِ أوْلى. ولِهَذا السَّبَبِ لَمّا زالَ التَّكْلِيفُ في الآخِرَةِ أنالَ اللَّهُ تَعالى كُلَّ نَفْسٍ مُشْتَهاها مِن غَيْرِ تَعَبٍ ولا نَصَبٍ، هَذا قَوْلُ المُتَكَلِّمِينَ. وقالَ قَوْمٌ آخَرُونَ: إنَّهُ تَعالى يُحْدِثُ الثِّمارَ والزُّرُوعَ بِواسِطَةِ هَذا الماءِ النّازِلِ مِنَ السَّماءِ، والمسألة كَلامِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وقَدْ ذَكَرْناهُ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
البحث الرّابِعُ: قالَ أبُو مُسْلِمٍ: لَفْظُ ﴿الثَّمَراتِ﴾ يَقَعُ في الأغْلَبِ عَلى ما يَحْصُلُ عَلى الأشْجارِ، ويَقَعُ أيْضًا عَلى الزُّرُوعِ والنَّباتِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إذا أثْمَرَ وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] .
* * *
البحث الخامِسُ: قالَ تَعالى: ﴿فَأخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾ والمُرادُ أنَّهُ تَعالى إنَّما أخْرَجَ هَذِهِ الثَّمَراتِ لِأجْلِ أنْ تَكُونَ رِزْقًا لَنا، والمَقْصُودُ أنَّهُ تَعالى قَصَدَ بِتَخْلِيقِ هَذِهِ الثَّمَراتِ إيصالَ الخَيْرِ والمَنفَعَةِ إلى المُكَلَّفِينَ؛ لِأنَّ الإحْسانَ لا يَكُونُ إحْسانًا إلّا إذا قَصَدَ المُحْسِنُ بِفِعْلِهِ إيصالَ النَّفْعِ إلى المُحْسَنِ إلَيْهِ.
البحث السّادِسُ: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: قَوْلُهُ: ﴿مِنَ الثَّمَراتِ﴾ بَيانٌ لِلرِّزْقِ، أيْ أخْرَجَ بِهِ رِزْقًا هو ثَمَراتٌ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِنَ الثَّمَراتِ مَفْعُولَ أخْرَجَ ورِزْقًا حالٌ مِنَ المَفْعُولِ أوْ نَصْبًا عَلى المَصْدَرِ مِن أخْرَجَ لِأنَّهُ في مَعْنى رَزَقَ، والتَّقْدِيرُ: ورَزَقَ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكم.
(p-١٠١)فَأمّا الحُجَّةُ الرّابِعَةُ: وهي قَوْلُهُ: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الفُلْكَ لِتَجْرِيَ في البَحْرِ بِأمْرِهِ﴾ ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومِن آياتِهِ الجَوارِي في البَحْرِ كالأعْلامِ﴾ [الشورى: ٣٢] فَفِيها مَباحِثُ:
البحث الأوَّلُ: أنَّ الِانْتِفاعَ بِما يَنْبُتُ مِنَ الأرْضِ إنَّما يَكْمُلُ بِوُجُودِ الفُلْكِ الجارِي في البَحْرِ، وذَلِكَ لِأنَّهُ تَعالى خَصَّ كُلَّ طَرَفٍ مِن أطْرافِ الأرْضِ بِنَوْعٍ آخَرَ مِن أنْعُمِهِ حَتّى إنَّ نِعْمَةَ هَذا الطَّرَفِ إذا نُقِلَتْ إلى الجانِبِ الآخَرِ مِنَ الأرْضِ وبِالعَكْسِ كَثُرَ الرِّبْحُ في التِّجاراتِ، ثُمَّ إنَّ هَذا النَّقْلَ لا يُمْكِنُ إلّا بِسُفُنِ البَرِّ وهي الجِمالُ أوْ بِسُفُنِ البَحْرِ وهي الفُلْكُ المَذْكُورُ في هَذِهِ الآيَةِ. فَإنْ قِيلَ: ما مَعْنى ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الفُلْكَ﴾ مَعَ أنَّ تَرْكِيبَ السَّفِينَةِ مِن أعْمالِ العِبادِ ؟
قُلْنا: أمّا عَلى قَوْلِنا إنَّ فِعْلَ العَبْدِ خَلْقُ اللَّهِ تَعالى فَلا سُؤالَ، وأمّا عَلى مَذْهَبِ المُعْتَزِلَةِ فَقَدْ أجابَ القاضِي عَنْهُ فَقالَ: لَوْلا أنَّهُ تَعالى خَلَقَ الأشْجارَ الصُّلْبَةَ الَّتِي مِنها يُمْكِنُ تَرْكِيبُ السُّفُنِ، ولَوْلا خَلْقُهُ لِلْحَدِيدِ وسائِرِ الآلاتِ ولَوْلا تَعْرِيفُهُ العِبادَ كَيْفَ يَتَّخِذُونَهُ ولَوْلا أنَّهُ تَعالى خَلَقَ الماءَ عَلى صِفَةِ السَّيَلانِ الَّتِي بِاعْتِبارِها يَصِحُّ جَرْيُ السَّفِينَةِ، ولَوْلا خَلْقُهُ تَعالى الرِّياحَ وخَلْقُ الحَرَكاتِ القَوِيَّةِ فِيها، ولَوْلا أنَّهُ وسَّعَ الأنْهارَ وجَعَلَ فِيها مِنَ العُمْقِ ما يَجُوزُ جَرْيُ السُّفُنِ فِيها لَما وقَعَ الِانْتِفاعُ بِالسُّفُنِ؛ فَصارَ لِأجْلِ أنَّهُ تَعالى هو الخالِقُ لِهَذِهِ الأحْوالِ وهو المُدَبِّرُ لِهَذِهِ الأُمُورِ والمُسَخِّرُ لَها حَسُنَتْ إضافَةُ السُّفُنِ إلَيْهِ.
البحث الثّانِي: أنَّهُ تَعالى أضافَ ذَلِكَ التَّسْخِيرَ إلى أمْرِهِ؛ لِأنَّ المَلِكَ العَظِيمَ قَلَّما يُوصَفُ بِأنَّهُ فَعَلَ وإنَّما يُقالُ فِيهِ إنَّهُ أمَرَ بِكَذا تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، ومِنهم مَن حَمَلَهُ عَلى ظاهِرِ قَوْلِهِ: ﴿إنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إذا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠] وتَحْقِيقُ هَذا الوجه راجِعٌ إلى ما ذَكَرْناهُ.
البحث الثّالِثُ: الفُلْكُ مِنَ الجَماداتِ فَتَسْخِيرُها مَجازٌ، والمَعْنى أنَّهُ لَمّا كانَ يَجْرِي عَلى وجْهِ الماءِ كَما يَشْتَهِيهِ المَلّاحُ صارَ كَأنَّهُ حَيَوانٌ مُسَخَّرٌ لَهُ.
الحُجَّةُ الخامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهارَ﴾ واعْلَمْ أنَّ ماءَ البَحْرِ قَلَّما يُنْتَفَعُ بِهِ في الزِّراعاتِ لا جَرَمَ ذَكَرَ تَعالى إنْعامَهُ عَلى الخَلْقِ بِتَفْجِيرِ الأنْهارِ والعُيُونِ حَتّى يَنْبَعِثَ الماءُ مِنها إلى مَواضِعِ الزَّرْعِ والنَّباتِ، وأيْضًا ماءُ البَحْرِ لا يَصْلُحُ لِلشُّرْبِ، والصّالِحُ لِهَذا المُهِمِّ هو مِياهُ الأنْهارِ.
الحُجَّةُ السّادِسَةُ والسّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والقَمَرَ دائِبَيْنِ﴾ .
واعْلَمْ أنَّ الِانْتِفاعَ بِالشَّمْسِ والقَمَرِ عَظِيمٌ، وقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعالى في آياتٍ مِنها قَوْلُهُ: ﴿وجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجًا﴾ [نوح: ١٦] ومِنها قَوْلُهُ: ﴿الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ﴾ [الرحمن: ٥] ومِنها قَوْلُهُ: ﴿وجَعَلَ فِيها سِراجًا وقَمَرًا مُنِيرًا﴾ [الفرقان: ٦١] ومِنها قَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والقَمَرَ نُورًا﴾ [يونس: ٥] .
وقَوْلُهُ: ﴿دائِبَيْنِ﴾ مَعْنى الدُّءُوبِ في اللُّغَةِ مُرُورُ الشَّيْءِ في العَمَلِ عَلى عادَةٍ مُطَّرِدَةٍ يُقالُ: دَأبَ يَدْأبُ دَأبًا ودُؤُوبًا وقَدْ ذَكَرْنا هَذا في قَوْلِهِ: ﴿قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأبًا﴾ [يوسف: ٤٧] قالَ المُفَسِّرُونَ: قَوْلُهُ: ﴿دائِبَيْنِ﴾ مَعْناهُ يَدْأبانِ في سَيْرِهِما وإنارَتِهِما وتَأْثِيرِهِما في إزالَةِ الظُّلْمَةِ وفي إصْلاحِ النَّباتِ والحَيَوانِ، فَإنَّ الشَّمْسَ سُلْطانُ النَّهارِ والقَمَرَ سُلْطانُ اللَّيْلِ ولَوْلا الشَّمْسُ لَما حَصَلَتِ الفُصُولُ الأرْبَعَةُ، ولَوْلاها لاخْتَلَّتْ مَصالِحُ العالَمِ بِالكُلِّيَّةِ، وقَدْ ذَكَرْنا مَنافِعَ الشَّمْسِ والقَمَرِ بِالِاسْتِقْصاءِ في أوَّلِ هَذا الكِتابِ.
(p-١٠٢)الحُجَّةُ الثّامِنَةُ والتّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والقَمَرَ﴾ .
واعْلَمْ أنَّ مَنافِعَهُما مَذْكُورَةٌ في القُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وجَعَلْنا اللَّيْلَ لِباسًا﴾ ﴿وجَعَلْنا النَّهارَ مَعاشًا﴾ [النبأ: ١٠، ١١] وقَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ والنَّهارَ مُبْصِرًا﴾ قالَ المُتَكَلِّمُونَ: تَسْخِيرُ اللَّيْلِ والنَّهارِ مَجازٌ لِأنَّهُما عَرَضانِ، والأعْراضُ لا تُسَخَّرُ.
والحُجَّةُ العاشِرَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وآتاكم مِن كُلِّ ما سَألْتُمُوهُ﴾ ثُمَّ إنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ تِلْكَ النِّعْمَةَ العَظِيمَةَ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْها، بَلْ أعْطى عِبادَهُ مِنَ المَنافِعِ والمُراداتِ ما لا يَأْتِي عَلى بَعْضِها التَّعْدِيدُ والإحْصاءُ فَقالَ: ﴿وآتاكم مِن كُلِّ ما سَألْتُمُوهُ﴾ والمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مِن كُلِّ مَسْئُولٍ شَيْئًا، وقُرِئَ: ”مِن كُلٍّ“ بِالتَّنْوِينِ. و﴿ما سَألْتُمُوهُ﴾ نَفْيٌ، ومَحَلُّهُ نَصْبٌ عَلى الحالِ أيْ آتاكم مِن جَمِيعِ ذَلِكَ غَيْرَ سائِلِيهِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ ”ما“ مَوْصُولَةً والتَّقْدِيرُ: آتاكم مِن كُلِّ ذَلِكَ ما احْتَجْتُمْ إلَيْهِ ولَمْ تَصْلُحْ أحْوالُكم ومَعايِشُكم إلّا بِهِ، فَكَأنَّكم سَألْتُمُوهُ أوْ طَلَبْتُمُوهُ بِلِسانِ الحالِ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ هَذِهِ النِّعَمَ خَتَمَ الكَلامَ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها﴾ قالَ الواحِدِيُّ: النِّعْمَةُ هَهُنا اسْمٌ أُقِيمَ مَقامَ المَصْدَرِ يُقالُ: أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، يُنْعِمُ إنْعامًا ونِعْمَةً أُقِيَمَ الِاسْمُ مَقامَ الإنْعامِ كَقَوْلِهِ: أنْفَقْتُ عَلَيْهِ إنْفاقًا ونَفَقَةً بِمَعْنًى واحِدٍ، ولِذَلِكَ لَمْ يُجْمَعْ لِأنَّهُ في مَعْنى المَصْدَرِ، ومَعْنى قَوْلِهِ: ﴿لا تُحْصُوها﴾ أيْ لا تَقْدِرُونَ عَلى تَعْدِيدِ جَمِيعِها لِكَثْرَتِها.
واعْلَمْ أنَّ الإنْسانَ إذا أرادَ أنْ يَعْرِفَ أنَّ الوُقُوفَ عَلى أقْسامِ نِعَمِ اللَّهِ مُمْتَنِعٌ، فَعَلَيْهِ أنْ يَتَأمَّلَ في شَيْءٍ واحِدٍ لِيَعْرِفَ عَجْزَ نَفْسِهِ عَنْهُ ونَحْنُ نَذْكُرُ مِنهُ مِثالَيْنِ.
المِثالُ الأوَّلُ: أنَّ الأطِبّاءَ ذَكَرُوا أنَّ الأعْصابَ قِسْمانِ: مِنها دِماغِيَّةٌ، ومِنها نُخاعِيَّةٌ. أمّا الدِّماغِيَّةُ فَإنَّها سَبْعَةٌ ثُمَّ أتْعَبُوا أنْفُسَهم في مَعْرِفَةِ الحكم النّاشِئَةِ مِن كُلِّ واحِدٍ مِن تِلْكَ الأرْواحِ السَّبْعَةِ، ثُمَّ مِمّا لا شَكَّ فِيهِ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الأرْواحِ السَّبْعَةِ تَنْقَسِمُ إلى شُعَبٍ كَثِيرَةٍ، وكُلُّ واحِدٍ مِن تِلْكَ الشُّعَبِ أيْضًا إلى شُعَبٍ دَقِيقَةٍ أدَقَّ مِنَ الشَّعَرِ ولِكُلِّ واحِدٍ مِنها مَمَرٌّ إلى الأعْضاءِ، ولَوْ أنَّ شُعْبَةً واحِدَةً اخْتَلَّتْ إمّا بِسَبَبِ الكَمِّيَّةِ أوْ بِسَبَبِ الكَيْفِيَّةِ أوْ بِسَبَبِ الوَضْعِ لاخْتَلَّتْ مَصالِحُ البِنْيَةِ، ثُمَّ إنَّ تِلْكَ الشُّعَبَ الدَّقِيقَةَ تَكُونُ كَثِيرَةَ العَدَدِ جِدًّا، ولِكُلِّ واحِدَةٍ مِنها حِكْمَةٌ مَخْصُوصَةٌ، فَإذا نَظَرَ الإنْسانُ في هَذا المَعْنى عَرَفَ أنَّ لِلَّهِ تَعالى بِحَسَبِ كُلِّ شَظِيَّةٍ مِن تِلْكَ الشَّظايا العَصَبِيَّةِ عَلى العَبْدِ نِعْمَةً عَظِيمَةً لَوْ فاتَتْ لَعَظُمَ الضَّرَرُ عَلَيْهِ، وعَرَفَ قَطْعًا أنَّهُ لا سَبِيلَ لَهُ إلى الوُقُوفِ عَلَيْها والِاطِّلاعِ عَلى أحْوالِها وعِنْدَ هَذا يَقْطَعُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها﴾، وكَما اعْتَبَرْتَ هَذا في الشَّظايا العَصَبِيَّةِ فاعْتَبِرْ مِثْلَهُ في الشَّرايِينِ والأوْرِدَةِ، وفي كُلِّ واحِدٍ مِنَ الأعْضاءِ البَسِيطَةِ والمُرَكَّبَةِ بِحَسَبِ الكَمِّيَّةِ والكَيْفِيَّةِ والوَضْعِ والفِعْلِ والِانْفِعالِ حَتّى تَرى أقْسامَ هَذا البابِ بَحْرًا لا ساحِلَ لَهُ. وإذا اعْتَبَرْتَ هَذا في بَدَنِ الإنْسانِ الواحِدِ فاعْرِفْ أقْسامَ نِعَمِ اللَّهِ تَعالى في نَفْسِهِ ورُوحِهِ، فَإنَّ عَجائِبَ عالَمِ الأرْواحِ أكْثَرُ مِن عَجائِبِ عالَمِ الأجْسادِ، ثُمَّ لَمّا اعْتَبَرْتَ حالَةَ الحَيَوانِ الواحِدِ فَعِنْدَ ذَلِكَ اعْتَبِرْ أحْوالَ عالَمِ الأفْلاكِ والكَواكِبِ وطَبَقاتِ العَناصِرِ وعَجائِبِ البَرِّ والبَحْرِ والنَّباتِ والحَيَوانِ، وعِنْدَ هَذا تَعْرِفُ أنَّ عُقُولَ جَمِيعِ الخَلائِقِ لَوْ رُكِّبَتْ وجُعِلَتْ عَقْلًا واحِدًا ثُمَّ بِذَلِكَ العَقْلِ يَتَأمَّلُ الإنْسانُ في عَجائِبِ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعالى في أقَلِّ الأشْياءِ لَما أدْرَكَ مِنها إلّا القَلِيلَ، فَسُبْحانَهُ تَقَدَّسَ عَنْ أوْهامِ المُتَوَهِّمِينَ.
المِثالُ الثّانِي: أنَّكَ إذا أخَذْتَ اللُّقْمَةَ الواحِدَةَ لِتَضَعَها في الفَمِ فانْظُرْ إلى ما قَبْلَها وإلى ما بَعْدَها أمّا (p-١٠٣)الأُمُورُ الَّتِي قَبْلَها: فاعْرِفْ أنَّ تِلْكَ اللُّقْمَةَ مِنَ الخُبْزِ لا تَتِمُّ ولا تَكْمُلُ إلّا إذا كانَ هَذا العالَمُ بِكُلِّيَّتِهِ قائِمًا عَلى الوجه الأصْوَبِ، لِأنَّ الحِنْطَةَ لا بُدَّ مِنها، وأنَّها لا تَنْبُتُ إلّا بِمَعُونَةِ الفُصُولِ الأرْبَعَةِ، وتَرْكِيبِ الطَّبائِعِ وظُهُورِ الرِّياحِ والأمْطارِ، ولا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنها إلّا بَعْدَ دَوَرانِ الأفْلاكِ، واتِّصالِ بَعْضِ الكَواكِبِ بِبَعْضٍ عَلى وُجُوهٍ مَخْصُوصَةٍ في الحَرَكاتِ، وفي كَيْفِيَّتِها في الجِهَةِ والسُّرْعَةِ والبُطْءِ، ثُمَّ بَعْدَ أنْ تَكُونَ الحِنْطَةُ لا بُدَّ مِن آلاتِ الطَّحْنِ والخَبْزِ، وهي لا تَحْصُلُ إلّا عِنْدَ تَوَلُّدِ الحَدِيدِ في أرْحامِ الجِبالِ، ثُمَّ إنَّ الآلاتِ الحَدِيدِيَّةَ لا يُمْكِنُ إصْلاحُها إلّا بِآلاتٍ أُخْرى حَدِيدِيَّةٍ سابِقَةٍ عَلَيْها، ولا بُدَّ مِنَ انْتِهائِها إلى آلَةٍ حَدِيدِيَّةٍ هي أوَّلُ هَذِهِ الآلاتِ، فَتَأمَّلْ أنَّها كَيْفَ تَكَوَّنَتْ عَلى الأشْكالِ المَخْصُوصَةِ، ثُمَّ إذا حَصَلَتْ تِلْكَ الآلاتُ فانْظُرْ أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ اجْتِماعِ العَناصِرِ الأرْبَعَةِ، وهي الأرْضُ والماءُ والهَواءُ والنّارُ حَتّى يُمْكِنَ طَبْخُ الخُبْزِ مِن ذَلِكَ الدَّقِيقِ. فَهَذا هو النَّظَرُ فِيما تَقَدَّمَ عَلى حُصُولِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ.
وأمّا النَّظَرُ فِيما بَعْدَ حُصُولِها: فَتَأمَّلْ في تَرْكِيبِ بَدَنِ الحَيَوانِ، وهو أنَّهُ تَعالى كَيْفَ خَلَقَ الأبْدانَ حَتّى يُمْكِنَها الِانْتِفاعُ بِتِلْكَ اللُّقْمَةِ، وأنَّهُ كَيْفَ يَتَضَرَّرُ الحَيَوانُ بِالأكْلِ وفي أيِّ الأعْضاءِ تَحْدُثُ تِلْكَ المَضارُّ، ولا يُمْكِنُكَ أنْ تَعْرِفَ القَلِيلَ مِن هَذِهِ الأشْياءِ إلّا بِمَعْرِفَةِ عِلْمِ التَّشْرِيحِ وعِلْمِ الطِّبِّ بِالكُلِّيَّةِ، فَظَهَرَ بِما ذَكَرْنا أنَّ الِانْتِفاعَ بِاللُّقْمَةِ الواحِدَةِ لا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلّا بِمَعْرِفَةِ جُمْلَةِ الأُمُورِ، والعُقُولُ قاصِرَةٌ عَنْ إدْراكِ ذَرَّةٍ مِن هَذِهِ المَباحِثِ، فَظَهَرَ بِهَذا البُرْهانِ القاهِرِ صِحَّةُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها﴾، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿إنَّ الإنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ﴾ قِيلَ: يَظْلِمُ النِّعْمَةَ بِإغْفالِ شُكْرِها كَفّارٌ شَدِيدُ الكُفْرانِ لَها. وقِيلَ: ظَلُومٌ في الشِّدَّةِ يَشْكُو ويَجْزَعُ، كَفّارٌ في النِّعْمَةِ يَجْمَعُ ويَمْنَعُ، والمُرادُ مِنَ الإنْسانِ هَهُنا: الجِنْسُ؛ يَعْنِي أنَّ عادَةَ هَذا الجِنْسِ هو هَذا الَّذِي ذَكَرْناهُ، وهَهُنا بَحْثانِ:
البحث الأوَّلُ: أنَّ الإنْسانَ مَجْبُولٌ عَلى النِّسْيانِ وعَلى المَلالَةِ، فَإذا وجَدَ نِعْمَةً نَسِيَها في الحالِ وظَلَمَها بِتَرْكِ شُكْرِها، وإنْ لَمْ يَنْسَها فَإنَّهُ في الحالِ يَمَلُّها فَيَقَعُ في كُفْرانِ النِّعْمَةِ، وأيْضًا أنَّ نِعَمَ اللَّهِ كَثِيرَةٌ فَمَتى حاوَلَ التَّأمُّلَ في بَعْضِها غَفَلَ عَنِ الباقِي.
البحث الثّانِي: أنَّهُ تَعالى قالَ في هَذا المَوْضِعِ: ﴿إنَّ الإنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ﴾ وقالَ في سُورَةِ النَّحْلِ: ﴿إنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١٨] ولَمّا تَأمَّلْتُ فِيهِ لاحَتْ لِي فِيهِ دَقِيقَةٌ كَأنَّهُ يَقُولُ: إذا حَصَلَتِ النِّعَمُ الكَثِيرَةُ فَأنْتَ الَّذِي أخَذْتَها وأنا الَّذِي أعْطَيْتُها، فَحَصَلَ لَكَ عِنْدَ أخْذِها وصْفانِ: وهُما كَوْنُكَ ظَلُومًا كَفّارًا، ولِي وصْفانِ عِنْدَ إعْطائِها وهُما كَوْنِي غَفُورًا رَحِيمًا، والمَقْصُودُ كَأنَّهُ يَقُولُ: إنْ كُنْتَ ظَلُومًا فَأنا غَفُورٌ، وإنْ كُنْتَ كَفّارًا فَأنا رَحِيمٌ أعْلَمُ عَجْزَكَ وقُصُورَكَ فَلا أُقابِلُ تَقْصِيرَكَ إلّا بِالتَّوْقِيرِ ولا أُجازِي جَفاءَكَ إلّا بِالوَفاءِ، ونَسْألُ اللَّهَ حُسْنَ العاقِبَةِ والرَّحْمَةَ.
{"ayahs_start":32,"ayahs":["ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَ ٰتِ رِزۡقࣰا لَّكُمۡۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ لِتَجۡرِیَ فِی ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرَ","وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَاۤىِٕبَیۡنِۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ","وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَاۤۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لَظَلُومࣱ كَفَّارࣱ"],"ayah":"ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَ ٰتِ رِزۡقࣰا لَّكُمۡۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ لِتَجۡرِیَ فِی ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق