الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ ويُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ﴾ .
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا بَيَّنَ أنَّ صِفَةَ الكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ أنْ يَكُونَ أصْلُها ثابِتًا، وصِفَةَ الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ أنْ لا يَكُونَ لَها أصْلٌ ثابِتٌ بَلْ تَكُونُ مُنْقَطِعَةً ولا يَكُونُ لَها قَرارٌ، ذَكَرَ أنَّ ذَلِكَ القَوْلَ الثّابِتَ الصّادِرَ عَنْهم في الحَياةِ الدُّنْيا يُوجِبُ ثَباتَ كَرامَةِ اللَّهِ لَهم، وثَباتَ ثَوابِهِ عَلَيْهِمْ، والمَقْصُودُ: بَيانُ أنَّ الثَّباتَ في المَعْرِفَةِ والطّاعَةِ يُوجِبُ الثَّباتَ في الثَّوابِ والكَرامَةِ مِنَ اللَّهِ تَعالى، فَقَوْلُهُ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ﴾ أيْ عَلى الثَّوابِ والكَرامَةِ، وقَوْلُهُ: ﴿بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ أيْ بِالقَوْلِ الثّابِتِ الَّذِي كانَ يَصْدُرُ عَنْهم حالَ ما كانُوا في الحَياةِ الدُّنْيا.
ثم قال: ﴿ويُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمِينَ﴾ يَعْنِي كَما أنَّ الكَلِمَةَ الخَبِيثَةَ ما كانَ لَها أصْلٌ ثابِتٌ ولا فَرْعٌ باسِقٌ، فَكَذَلِكَ أصْحابُ الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ وهُمُ الظّالِمُونَ يُضِلُّهُمُ اللَّهُ عَنْ كَراماتِهِ ويَمْنَعُهم عَنِ الفَوْزِ بِثَوابِهِ. وفي الآيَةِ قَوْلٌ آخَرُ وهو القَوْلُ المَشْهُورُ: أنَّ هَذِهِ الآيَةَ ورَدَتْ في سُؤالِ المَلَكَيْنِ في القَبْرِ، وتَلْقِينِ اللَّهِ المُؤْمِنَ كَلِمَةَ الحَقِّ في القَبْرِ عِنْدَ السُّؤالِ وتَثْبِيتِهِ إيّاهُ عَلى الحَقِّ. «وعَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ في قَوْلِهِ: ﴿بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾ قالَ: ”حِينَ يُقالُ لَهُ في القَبْرِ: مَن رَبُّكَ ؟ وما دِينُكَ ؟ ومِن نَبِيُّكَ ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ ودِينَيَ الإسْلامُ ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ ﷺ“» . والمُرادُ في الباءِ في قَوْلِهِ: ﴿بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ هو أنَّ اللَّهَ تَعالى إنَّما (p-٩٧)يُثَبِّتُهم في القَبْرِ بِسَبَبِ مُواظَبَتِهِمْ في الحَياةِ الدُّنْيا عَلى هَذا القَوْلِ، ولِهَذا الكَلامِ تَقْرِيرٌ عَقْلِيٌّ وهو أنَّهُ كُلَّما كانَتِ المُواظَبَةُ عَلى الفِعْلِ أكْثَرَ كانَ رُسُوخُ تِلْكَ الحالَةِ في العَقْلِ والقَلْبِ أقْوى، فَكُلَّما كانَتْ مُواظَبَةُ العَبْدِ عَلى ذِكْرِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وعَلى التَّأمُّلِ في حَقائِقِها ودَقائِقِها أكْمَلَ وأتَمَّ كانَ رُسُوخُ هَذِهِ المَعْرِفَةِ في عَقْلِهِ وقَلْبِهِ بَعْدَ المَوْتِ أقْوى وأكْمَلَ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مَن داوَمَ عَلى الشَّهادَةِ في الحَياةِ الدُّنْيا يُثَبِّتُهُ اللَّهُ عَلَيْها في قَبْرِهِ ويُلَقِّنُهُ إيّاها. وإنَّما فَسَّرَ ”﴿الآخِرَةِ﴾“ هَهُنا بِالقَبْرِ؛ لِأنَّ المَيِّتَ انْقَطَعَ بِالمَوْتِ عَنْ أحْكامِ الدُّنْيا ودَخَلَ في أحْكامِ الآخِرَةِ. وقَوْلُهُ: ﴿ويُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمِينَ﴾ يَعْنِي أنَّ الكُفّارَ إذا سُئِلُوا في قُبُورِهِمْ قالُوا: لا نَدْرِي. وإنَّما قالَ ذَلِكَ لِأنَّ اللَّهَ أضَلَّهُ. وقَوْلُهُ: ﴿ويَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ﴾ يَعْنِي إنْ شاءَ هَدى وإنْ شاءَ أضَلَّ، ولا اعْتِراضَ عَلَيْهِ في فِعْلِهِ البَتَّةَ.
{"ayah":"یُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَیُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِینَۚ وَیَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق