الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها في السَّماءِ﴾ ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّها ويَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ ﴿ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ﴾ .
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا شَرَحَ أحْوالَ الأشْقِياءِ وأحْوالَ السُّعَداءِ، ذَكَرَ مِثالًا يُبَيِّنُ الحالَ في حُكْمِ هَذَيْنِ القِسْمَيْنِ، وهو هَذا المَثَلُ. وفِيهِ مَسائِلُ:
المسألة الأُولى: اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى ذَكَرَ شَجَرَةً مَوْصُوفَةً بِصِفاتٍ أرْبَعَةٍ ثُمَّ شَبَّهَ الكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ بِها.
فالصِّفَةُ الأُولى لِتِلْكَ الشَّجَرَةِ: كَوْنُها طَيِّبَةً، وذَلِكَ يَحْتَمِلُ أُمُورًا:
أحَدُها: كَوْنُها طَيِّبَةَ المَنظَرِ والصُّورَةِ والشَّكْلِ.
وثانِيها: كَوْنُها طَيِّبَةَ الرّائِحَةِ.
وثالِثُها: كَوْنُها طَيِّبَةَ الثَّمَرَةِ يَعْنِي أنَّ الفَواكِهَ المُتَوَلِّدَةَ مِنها تَكُونُ لَذِيذَةً مُسْتَطابَةً.
ورابِعُها: كَوْنُها طَيِّبَةً بِحَسَبِ المَنفَعَةِ يَعْنِي أنَّها كَما يُسْتَلَذُّ بِأكْلِها فَكَذَلِكَ يَعْظُمُ الِانْتِفاعُ بِها، ويَجِبُ حَمْلُ قَوْلِهِ: شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، عَلى مَجْمُوعِ هَذِهِ الوُجُوهِ؛ لِأنَّ اجْتِماعَها يُحَصِّلُ كَمالَ الطِّيبِ.
والصِّفَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿أصْلُها ثابِتٌ﴾ أيْ راسِخٌ باقٍ آمِنُ الِانْقِلاعِ والِانْقِطاعِ والزَّوالِ والفَناءِ؛ وذَلِكَ لِأنَّ الشَّيْءَ الطَّيِّبَ إذا كانَ في مَعْرِضِ الِانْقِراضِ والِانْقِضاءِ، فَهو وإنْ كانَ يَحْصُلُ الفَرَحُ بِسَبَبِ وِجْدانِهِ إلّا أنَّهُ يَعْظُمُ الحُزْنُ بِسَبَبِ الخَوْفِ مِن زَوالِهِ وانْقِضائِهِ. أمّا إذا عُلِمَ مِن حالِهِ أنَّهُ باقٍ دائِمٌ لا يَزُولُ ولا يَنْقَضِي فَإنَّهُ يَعْظُمُ الفَرَحُ بِوِجْدانِهِ ويَكْمُلُ السُّرُورُ بِسَبَبِ الفَوْزِ بِهِ.
والصِّفَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وفَرْعُها في السَّماءِ﴾ وهَذا الوَصْفُ يَدُلُّ عَلى كَمالِ حالِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ ارْتِفاعَ الأغْصانِ وقُوَّتَها في التَّصاعُدِ يَدُلُّ عَلى ثَباتِ الأصْلِ ورُسُوخِ العُرُوقِ.
والثّانِي: أنَّها مَتّى كانَتْ مُتَصاعِدَةً مُرْتَفِعَةً كانَتْ بَعِيدَةً عَنْ عُفُوناتِ الأرْضِ وقاذُوراتِ الأبْنِيَةِ فَكانَتْ ثَمَراتُها نَقِيَّةً طاهِرَةً طَيِّبَةً عَنْ جَمِيعِ الشَّوائِبِ.
والصِّفَةُ الرّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّها﴾ والمُرادُ: أنَّ الشَّجَرَةَ المَذْكُورَةَ كانَتْ مَوْصُوفَةً (p-٩٣)بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وهي أنَّ ثَمَرَتَها لا بُدَّ أنْ تَكُونَ حاضِرَةً دائِمَةً في كُلِّ الأوْقاتِ، ولا تَكُونُ مِثْلَ الأشْجارِ الَّتِي يَكُونُ ثِمارُها حاضِرًا في بَعْضِ الأوْقاتِ دُونَ بَعْضٍ، فَهَذا شَرْحُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الَّتِي ذَكَرَها اللَّهُ تَعالى في هَذا الكِتابِ الكَرِيمِ، ومِنَ المَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أنَّ الرَّغْبَةَ في تَحْصِيلِ مِثْلِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَجِبُ أنْ تَكُونَ عَظِيمَةً، وأنَّ العاقِلَ مَتى أمْكَنَهُ تَحْصِيلُها وتَمَلُّكُها فَإنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ أنْ يَتَغافَلَ عَنْها وأنْ يَتَساهَلَ في الفَوْزِ بِها.
إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعالى والِاسْتِغْراقُ في مَحَبَّتِهِ وفي خِدْمَتِهِ وطاعَتِهِ، تُشْبِهُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ في هَذِهِ الصِّفاتِ الأرْبَعِ.
أمّا الصِّفَةُ الأُولى: وهي كَوْنُها طَيِّبَةً فَهي حاصِلَةٌ، بَلْ نَقُولُ: لا طَيِّبَ ولا لَذِيذَ في الحَقِيقَةِ إلّا هَذِهِ المَعْرِفَةُ؛ وذَلِكَ لِأنَّ اللَّذَّةَ الحاصِلَةَ بِتَناوُلِ الفاكِهَةِ المُعَيَّنَةِ إنَّما حَصَلَتْ لِأنَّ إدْراكَ تِلْكَ الفاكِهَةِ أمْرٌ مُلائِمٌ لِمِزاجِ البَدَنِ، فَلِأجْلِ حُصُولِ تِلْكَ المُلاءَمَةِ والمُناسَبَةِ حَصَلَتْ تِلْكَ اللَّذَّةُ العَظِيمَةُ، وهَهُنا المُلائِمُ لِجَوْهَرِ النَّفْسِ النُّطْقِيَّةِ والرُّوحِ القُدُسِيَّةِ لَيْسَ إلّا مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعالى ومَحَبَّتَهُ والِاسْتِغْراقَ في الِابْتِهاجِ بِهِ، فَوَجَبَ أنْ تَكُونَ هَذِهِ المَعْرِفَةُ لَذِيذَةً جِدًّا، بَلْ نَقُولُ: اللَّذَّةُ الحاصِلَةُ مِن إدْراكِ الفاكِهَةِ يَجِبُ أنْ تَكُونَ أقَلَّ حالًا مِنَ اللَّذَّةِ الحاصِلَةِ بِسَبَبِ إشْراقِ جَوْهَرِ النَّفْسِ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ، وبَيانُ هَذا التَّفاوُتِ مِن وُجُوهٍ:
الوجه الأوَّلُ: أنَّ المُدْرَكاتِ المَحْسُوسَةَ إنَّما تَصِيرُ مُدْرَكَةً بِسَبَبِ أنَّ سَطْحَ الحاسِّ يُلاقِي سَطْحَ المَحْسُوسِ فَقَطْ، فَأمّا أنْ يُقالَ إنَّ جَوْهَرَ المَحْسُوسِ نَفَذَ في جَوْهَرِ الحاسِّ فَلَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ؛ لِأنَّ الأجْسامَ يَمْتَنِعُ تَداخُلُها. أمّا هَهُنا فَمَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعالى وذَلِكَ النُّورُ وذَلِكَ الإشْراقُ صارَ سارِيًا في جَوْهَرِ النَّفْسِ مُتَّحِدًا بِهِ، وكَأنَّ النَّفْسَ عِنْدَ حُصُولِ ذَلِكَ الإشْراقِ تَصِيرُ غَيْرَ النَّفْسِ الَّتِي كانَتْ قَبْلَ حُصُولِ ذَلِكَ الإشْراقِ، فَهَذا فَرْقٌ عَظِيمٌ بَيْنَ البابَيْنِ.
والوجه الثّانِي: في الفَرْقِ أنَّ في الِالتِذاذِ بِالفاكِهَةِ المُدْرِكَ هو القُوَّةُ الذّائِقَةُ، والمَحْسُوسَ هو الطَّعْمُ المَخْصُوصُ، وهَهُنا المُدْرِكُ هو جَوْهَرُ النَّفْسِ القُدُسِيَّةِ، والمَعْلُومُ والمَشْعُورُ بِهِ هو ذاتُ الحَقِّ جَلَّ جَلالُهُ، وصِفاتُ جَلالِهِ وإكْرامِهِ، فَوَجَبَ أنْ تَكُونَ نِسْبَةُ إحْدى اللَّذَّتَيْنِ إلى الأُخْرى كَنِسْبَةِ أحَدِ المُدْرَكَيْنِ إلى الآخَرِ.
الوجه الثّالِثُ: في الفَرْقِ أنَّ اللَّذّاتِ الحاصِلَةَ بِتَناوُلِ الفاكِهَةِ الطَّيِّبَةِ كُلَّما حَصَلَتْ زالَتْ في الحالِ لِأنَّها كَيْفِيَّةٌ سَرِيعَةُ الِاسْتِحالَةِ شَدِيدَةُ التَّغَيُّرِ. أمّا كَمالُ الحَقِّ وجَلالُهُ فَإنَّهُ مُمْتَنِعُ التَّغَيُّرِ والتَّبَدُّلِ، واسْتِعْدادُ جَوْهَرِ النَّفْسِ لِقَبُولِ تِلْكَ السَّعادَةِ أيْضًا مُمْتَنِعُ التَّغَيُّرِ، فَظَهَرَ الفَرْقُ العَظِيمُ مِن هَذا الوجه.
واعْلَمْ أنَّ الفَرْقَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ يَقْرُبُ أنْ يَكُونَ مِن وُجُوهٍ غَيْرِ مُتَناهِيَةٍ فَلْيُكْتَفَ بِهَذِهِ الوُجُوهِ الثَّلاثَةِ تَنْبِيهًا لِلْعَقْلِ السَّلِيمِ عَلى سائِرِها.
وأمّا الصِّفَةُ الثّانِيَةُ وهي كَوْنُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ثابِتَةَ الأصْلِ، فَهَذِهِ الصِّفَةُ في شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعالى أقْوى وأكْمَلُ؛ وذَلِكَ لِأنَّ عُرُوقَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ راسِخَةٌ في جَوْهَرِ النَّفْسِ القُدُسِيَّةِ، وهَذا الجَوْهَرُ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الكَوْنِ والفَسادِ بَعِيدٌ عَنِ التَّغَيُّرِ والفَناءِ، وأيْضًا مَدَدُ هَذا الرُّسُوخِ إنَّما هو مِن تَجَلِّي جَلالِ اللَّهِ تَعالى، وهَذا التَّجَلِّي مِن لَوازِمِ كَوْنِهِ سُبْحانَهُ في ذاتِهِ نُورَ النُّورِ ومَبْدَأ الظُّهُورِ، وذَلِكَ مِمّا يَمْتَنِعُ عَقْلًا زَوالُهُ لِأنَّهُ سُبْحانَهُ واجِبُ الوُجُودِ لِذاتِهِ، وواجِبُ الوُجُودِ في جَمِيعِ صِفاتِهِ، والتَّغَيُّرُ والفَناءُ والتَّبَدُّلُ والزَّوالُ والبُخْلُ والمَنعُ مُحالٌ في حَقِّهِ، فَثَبَتَ أنَّ الشَّجَرَةَ المَوْصُوفَةَ بِكَوْنِها ثابِتَةَ الأصْلِ لَيْسَتْ إلّا هَذِهِ الشَّجَرَةَ.
الصِّفَةُ الثّالِثَةُ لِهَذِهِ الشَّجَرَةِ: كَوْنُها بِحَيْثُ يَكُونُ فَرْعُها في السَّماءِ.
(p-٩٤)واعْلَمْ أنَّ شَجَرَةَ المَعْرِفَةِ لَها أغْصانٌ صاعِدَةٌ في هَواءِ العالَمِ الإلَهِيِّ، وأغْصانٌ صاعِدَةٌ في هَواءِ العالَمِ الجُسْمانِيِّ.
وأمّا النوع الأوَّلُ: فَهي أقْسامٌ كَثِيرَةٌ ويَجْمَعُها قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ”«التَّعْظِيمُ لِأمْرِ اللَّهِ» “ ويَدْخُلُ فِيهِ التَّأمُّلُ في دَلائِلِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعالى في عالَمِ الأرْواحِ، وفي عالَمِ الأجْسامِ، وفي أحْوالِ عالَمِ الأفْلاكِ والكَواكِبِ، وفي أحْوالِ العالَمِ السُّفْلِيِّ، ويَدْخُلُ فِيهِ: مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعالى والشَّوْقُ إلى اللَّهِ تَعالى والمُواظَبَةُ عَلى ذِكْرِ اللَّهِ تَعالى والِاعْتِمادُ بِالكُلِّيَّةِ عَلى اللَّهِ تَعالى، والِانْقِطاعُ بِالكُلِّيَّةِ عَمّا سِوى اللَّهِ تَعالى، والِاسْتِقْصاءُ في ذِكْرِ هَذِهِ الأقْسامِ غَيْرُ مَطْمُوعٍ فِيهِ لِأنَّها أحْوالٌ غَيْرُ مُتَناهِيَةٍ.
وأمّا النوع الثّانِي: فَهي أقْسامٌ كَثِيرَةٌ ويَجْمَعُها قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ”«والشَّفَقَةُ عَلى خَلْقِ اللَّهِ» “ ويَدْخُلُ فِيهِ: الرَّحْمَةُ والرَّأْفَةُ والصَّفْحُ والتَّجاوُزُ عَنِ الذُّنُوبِ، والسَّعْيُ في إيصالِ الخَيْرِ إلَيْهِمْ، ودَفْعِ الشَّرِّ عَنْهم، ومُقابَلَةُ الإساءَةِ بِالإحْسانِ. وهَذِهِ الأقْسامُ أيْضًا غَيْرُ مُتَناهِيَةٍ، وهي فُرُوعٌ ثابِتَةٌ مِن شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعالى فَإنَّ الإنْسانَ كُلَّما كانَ أكْثَرَ تَوَغُّلًا في مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعالى كانَتْ هَذِهِ الأحْوالُ عِنْدَهُ أكْمَلَ وأقْوى وأفْضَلَ.
وأمّا الصِّفَةُ الرّابِعَةُ: فَهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّها﴾ فَهَذِهِ الشَّجَرَةُ أوْلى بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِنَ الأشْجارِ الجُسْمانِيَّةِ؛ لِأنَّ شَجَرَةَ المَعْرِفَةِ مُوجِبَةٌ لِهَذِهِ الأحْوالِ ومُؤَثِّرَةٌ في حُصُولِها، والسَّبَبُ لا يَنْفَكُّ عَنِ المُسَبَّبِ فَأثَرُ رُسُوخِ شَجَرَةِ المَعْرِفَةِ في أرْضِ القَلْبِ أنْ يَكُونَ نَظَرُهُ بِالعِبْرَةِ كَما قالَ: ﴿فاعْتَبِرُوا ياأُولِي الأبْصارِ﴾ [الحشر: ٢]، وأنْ يَكُونَ سَماعُهُ بِالحِكْمَةِ كَما قالَ: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ﴾ [الزمر: ١٨] ونُطْقُهُ بِالصِّدْقِ والصَّوابِ كَما قالَ: ﴿كُونُوا قَوّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ [النساء: ١٣٥] وقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ”«قُولُوا الحَقَّ ولَوْ عَلى أنْفُسِكم» “ وهَذا الإنْسانُ كُلَّما كانَ رُسُوخُ شَجَرَةِ المَعْرِفَةِ في أرْضِ قَلْبِهِ أقْوى وأكْمَلَ، كانَ ظُهُورُ هَذِهِ الآثارِ عِنْدَهُ أكْثَرَ، ورُبَّما تَوَغَّلَ في هَذا البابِ فَيَصِيرُ بِحَيْثُ كَلَّما لاحَظَ شَيْئًا لاحَظَ الحَقَّ فِيهِ، ورُبَّما عَظُمَ تَرَقِّيهِ فِيهِ فَيَصِيرُ لا يَرى شَيْئًا إلّا وقَدْ كانَ قَدْ رَأى اللَّهَ تَعالى قَبْلَهُ. فَهَذا هو المُرادُ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّها﴾ وأيْضًا فَما ذَكَرْناهُ إشارَةٌ إلى الإلْهاماتِ النَّفْسانِيَّةِ والمَلَكاتِ الرُّوحانِيَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ في جَواهِرِ الأرْواحِ، ثُمَّ لا يَزالُ يَصْعَدُ مِنها في كُلِّ حِينٍ ولَحْظَةٍ ولَمْحَةٍ كَلامٌ طَيِّبٌ وعَمَلٌ صالِحٌ وخُضُوعٌ وخُشُوعٌ وبُكاءٌ وتَذَلُّلٌ، كَثَمَرَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ.
وأما قوله: ﴿بِإذْنِ رَبِّها﴾ فَفِيهِ دَقِيقَةٌ عَجِيبَةٌ؛ وذَلِكَ لِأنَّ عِنْدَ حُصُولِ هَذِهِ الأحْوالِ السَّنِيَّةِ والدَّرَجاتِ العالِيَةِ قَدْ يَفْرَحُ الإنْسانُ بِها مِن حَيْثُ هي هي، وقَدْ يَتَرَقّى فَلا يَفْرَحُ بِها مِن حَيْثُ هي هي، وإنَّما يَفْرَحُ بِها مِن حَيْثُ إنَّها مِنَ المَوْلى، وعِنْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ فَرَحُهُ في الحَقِيقَةِ بِالمَوْلى لا بِهَذِهِ الأحْوالِ، ولِذَلِكَ قالَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ: ”مَن آثَرَ العِرْفانَ لِلْعِرْفانِ فَقَدْ قالَ بِالفانِي، ومَن آثَرَ العِرْفانَ لا لِلْعِرْفانِ، بَلْ لِلْمَعْرُوفِ فَقَدْ خاضَ لُجَّةَ الوُصُولِ، فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذا التَّقْرِيرِ الَّذِي شَرَحْناهُ والبَيانِ الَّذِي فَصَّلْناهُ أنَّ هَذا المِثالَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعالى في هَذا الكِتابِ مِثالٌ هادٍ إلى عالَمِ القُدُسِ، وحَضْرَةِ الجَلالِ، وسُرادِقاتِ الكِبْرِياءِ، فَنَسْألُ اللَّهَ تَعالى مَزِيدَ الِاهْتِداءِ والرَّحْمَةِ إنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ، وذَكَرَ بَعْضُهم في تَقْرِيرِ هَذا المِثالِ كَلامًا لا بَأْسَ بِهِ، فَقالَ: إنَّما مَثَّلَ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى الإيمانَ بِالشَّجَرَةِ، لِأنَّ الشَّجَرَةَ لا تَسْتَحِقُّ أنْ تُسَمّى شَجَرَةً، إلّا بِثَلاثَةِ أشْياءَ: عِرْقٌ راسِخٌ، (p-٩٥)وأصْلٌ قائِمٌ، وأغْصانٌ عالِيَةٌ. كَذَلِكَ الإيمانُ لا يَتِمُّ إلّا بِثَلاثَةِ أشْياءَ: مَعْرِفَةٌ في القَلْبِ، وقَوْلٌ بِاللِّسانِ، وعَمَلٌ بِالأبْدانِ. واللَّهُ أعْلَمُ.
المسألة الثّانِيَةُ: قالَ صاحِبُ الكَشّافِ: في نَصْبِ قَوْلِهِ: ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ وجْهانِ:
الأوَّلُ: أنَّهُ مَنصُوبٌ بِمُضْمَرٍ والتَّقْدِيرُ: جَعَلَ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، وهو تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا﴾ .
الثّانِي: قالَ ويَجُوزُ أنْ يَنْتَصِبَ“ مَثَلًا ”، و“ كَلِمَةً ”بِضَرَبَ، أيْ ضَرَبَ كَلِمَةً طَيِّبَةً مَثَلًا بِمَعْنى جَعَلَها مَثَلًا. وقَوْلُهُ: ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، والتَّقْدِيرُ: هي كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ.
الثّالِثُ: قالَ صاحِبُ“ حَلِّ العَقْدِ ”أظُنُّ أنَّ الأوْجَهَ أنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: ﴿كَلِمَةً﴾ عَطْفَ بَيانٍ، والكافُ في قَوْلِهِ: ﴿كَشَجَرَةٍ﴾ في مَحَلِّ النَّصْبِ بِمَعْنى مِثْلَ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ.
المسألة الثّالِثَةُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ هي قَوْلُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، والشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ هي النَّخْلَةُ في قَوْلِ الأكْثَرِينَ. وقالَ صاحِبُ“ الكَشّافِ ": إنَّها كُلُّ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ طَيِّبَةِ الثِّمارِ كالنَّخْلَةِ وشَجَرَةِ التِّينِ والعِنَبِ والرُّمّانِ، وأرادَ بِشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ الثَّمَرَةَ، إلّا أنَّهُ لَمْ يَذْكُرْها لِدَلالَةِ الكَلامِ عَلَيْها.
﴿أصْلُها﴾ أيْ أصْلُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ ثابِتٌ. ﴿وفَرْعُها﴾ أيْ أعْلاها في السَّماءِ، والمُرادُ الهَواءُ؛ لِأنَّ كُلَّ ما سَماكَ وعَلاكَ فَهو سَماءٌ. ﴿تُؤْتِي﴾ أيْ هَذِهِ الشَّجَرَةُ ﴿أُكُلَها﴾ أيْ ثَمَرَها وما يُؤْكَلُ مِنها ﴿كُلَّ حِينٍ﴾، واخْتَلَفُوا في تَفْسِيرِ هَذا الحِينِ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: سِتَّةُ أشْهُرٍ؛ لِأنَّ بَيْنَ حَمْلِها إلى صِرامِها سِتَّةَ أشْهُرٍ. جاءَ رَجُلٌ إلى ابْنِ عَبّاسٍ فَقالَ: نَذَرْتُ أنْ لا أُكَلِّمَ أخِي حَتّى حِينٍ، فَقالَ: الحِينُ سِتَّةُ أشْهُرٍ، وتَلا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ﴾، وقالَ مُجاهِدٌ وابْنُ زَيْدٍ: سَنَةٌ لِأنَّ الشَّجَرَةَ مِنَ العامِ إلى العامِ تَحْمِلُ الثَّمَرَةَ. وقالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: شَهْرانِ؛ لِأنَّ مُدَّةَ إطْعامِ النَّخْلَةِ شَهْرانِ. وقالَ الزَّجّاجُ: جَمِيعُ مَن شاهَدْنا مِن أهْلِ اللُّغَةِ يَذْهَبُونَ إلى أنَّ الحِينَ اسْمٌ كالوَقْتِ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الأزْمانِ كُلِّها طالَتْ أمْ قَصُرَتْ، والمُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ﴾ أنَّهُ يُنْتَفَعُ بِها في كُلِّ وقْتٍ وفي كُلِّ ساعَةٍ لَيْلًا أوْ نَهارًا أوْ شِتاءً أوْ صَيْفًا. قالُوا: والسَّبَبُ فِيهِ أنَّ النَّخْلَةَ إذا تَرَكُوا عَلَيْها الثَّمَرَ مِنَ السَّنَةِ إلى السَّنَةِ انْتَفَعُوا بِها في جَمِيعِ أوْقاتِ السَّنَةِ.
وأقُولُ: هَؤُلاءِ وإنْ أصابُوا في البحث عَنْ مُفْرَداتِ ألْفاظِ الآيَةِ، إلّا أنَّهم بَعُدُوا عَنْ إدْراكِ المَقْصُودِ؛ لِأنَّهُ تَعالى وصَفَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ بِالصِّفاتِ المَذْكُورَةِ، ولا حاجَةَ بِنا إلى أنَّ تِلْكَ الشَّجَرَةَ هي النَّخْلَةُ أمْ غَيْرُها، فَإنّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أنَّ الشَّجَرَةَ المَوْصُوفَةَ بِالصِّفاتِ الأرْبَعِ المَذْكُورَةِ شَجَرَةٌ شَرِيفَةٌ يَنْبَغِي لِكُلِّ عاقِلٍ أنْ يَسْعى في تَحْصِيلِها وتَمَلُّكِها لِنَفْسِهِ سَواءً كانَ لَها وُجُودٌ في الدُّنْيا أوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ أمْرٌ مَطْلُوبُ التَّحْصِيلِ، واخْتِلافُهم في تَفْسِيرِ الحِينِ أيْضًا مِن هَذا البابِ. واللَّهُ أعْلَمُ بِالأُمُورِ.
ثم قال: ﴿ويَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ والمَعْنى: أنَّ في ضَرْبِ الأمْثالِ زِيادَةَ إفْهامٍ وتَذْكِيرٍ وتَصْوِيرٍ لِلْمَعانِي؛ وذَلِكَ لِأنَّ المَعانِيَ العَقْلِيَّةَ المَحْضَةَ لا يَقْبَلُها الحِسُّ والخَيالُ والوَهْمُ، فَإذا ذُكِرَ ما يُساوِيها مِنَ المَحْسُوساتِ تَرَكَ الحِسُّ والخَيالُ والوَهْمُ تِلْكَ المُنازَعَةَ وانْطَبَقَ المَعْقُولُ عَلى المَحْسُوسِ وحَصَلَ بِهِ الفَهْمُ التّامُّ والوُصُولُ إلى المَطْلُوبِ.
* * *
وأما قوله تَعالى: ﴿ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ﴾ .
فاعْلَمْ أنَّ الشَّجَرَةَ الخَبِيثَةَ هي الجَهْلُ بِاللَّهِ، فَإنَّهُ أوَّلُ الآفاتِ وعُنْوانُ المُخالَفاتِ ورَأْسُ الشَّقّاواتِ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى شَبَّهَها بِشَجَرَةٍ مَوْصُوفَةٍ بِصِفاتٍ ثَلاثَةٍ:
الصِّفَةُ الأُولى: أنَّها تَكُونُ خَبِيثَةً. فَمِنهم مَن قالَ: إنَّها الثُّومُ؛ لِأنَّهُ ﷺ وصَفَ الثُّومَ بِأنَّها شَجَرَةٌ خَبِيثَةٌ. (p-٩٦)وقِيلَ: إنَّها الكُرّاثُ. وقِيلَ: إنَّها شَجَرَةُ الحَنْظَلِ لِكَثْرَةِ ما فِيها مِنَ المَضارِّ. وقِيلَ: إنَّها شَجَرَةُ الشَّوْكِ.
واعْلَمْ أنَّ هَذا التَّفْصِيلَ لا حاجَةَ إلَيْهِ، فَإنَّ الشَّجَرَةَ قَدْ تَكُونُ خَبِيثَةً بِحَسَبِ الرّائِحَةِ وقَدْ تَكُونُ بِحَسَبِ الطَّعْمِ، وقَدْ تَكُونُ بِحَسَبِ الصُّورَةِ والمَنظَرِ، وقَدْ تَكُونُ بِحَسَبِ اشْتِمالِها عَلى المَضارِّ الكَثِيرَةِ. والشَّجَرَةُ الجامِعَةُ لِكُلِّ هَذِهِ الصِّفاتِ وإنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً، إلّا أنَّها لَمّا كانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّفَةِ كانَ التَّشْبِيهُ بِها نافِعًا في المَطْلُوبِ.
والصِّفَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ﴾ وهَذِهِ الصِّفَةُ في مُقابَلَةِ قَوْلِهِ: ﴿أصْلُها ثابِتٌ﴾ ومَعْنى اجْتُثَّتِ اسْتُؤْصِلَتْ، وحَقِيقَةُ الِاجْتِثاثِ أخْذُ الجُثَّةِ كُلِّها، وقَوْلُهُ: ﴿مِن فَوْقِ الأرْضِ﴾ مَعْناهُ: لَيْسَ لَها أصْلٌ ولا عِرْقٌ، فَكَذَلِكَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعالى لَيْسَ لَهُ حُجَّةٌ ولا ثَباتٌ ولا قُوَّةٌ.
والصِّفَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ ﴿ما لَها مِن قَرارٍ﴾ وهَذِهِ الصِّفَةُ كالمُتَمِّمَةِ لِلصِّفَةِ الثّانِيَةِ، والمَعْنى أنَّهُ لَيْسَ لَها اسْتِقْرارٌ. يُقالُ: قَرَّ الشَّيْءُ قَرارًا كَقَوْلِكَ: ثَبَتَ ثَباتًا، شَبَّهَ بِها القَوْلَ الَّذِي لَمْ يُعَضَّدْ بِحُجَّةٍ فَهو داحِضٌ غَيْرُ ثابِتٍ.
واعْلَمْ أنَّ هَذا المِثالَ في صِفَةِ الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ في غايَةِ الكَمالِ؛ وذَلِكَ لِأنَّهُ تَعالى بَيَّنَ كَوْنَها مَوْصُوفَةً بِالمَضارِّ الكَثِيرَةِ، وخالِيَةً عَنْ كُلِّ المَنافِعِ. أمّا كَوْنُها مَوْصُوفَةً بِالمَضارِّ فَإلَيْهِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿خَبِيثَةٍ﴾، وأمّا كَوْنُها خالِيَةً عَنْ كُلِّ المَنافِعِ فَإلَيْهِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ﴾ . واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayahs_start":24,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا كَلِمَةࣰ طَیِّبَةࣰ كَشَجَرَةࣲ طَیِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتࣱ وَفَرۡعُهَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ","تُؤۡتِیۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِینِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَیَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَذَكَّرُونَ","وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةࣲ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارࣲ"],"ayah":"وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةࣲ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق