الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ ويَقْدِرُ وفَرِحُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا وما الحَياةُ الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلّا مَتاعٌ﴾ . اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا حَكَمَ عَلى مَن نَقَضَ عَهْدَ اللَّهِ في قَبُولِ التَّوْحِيدِ والنُّبُوَّةِ بِأنَّهم مَلْعُونُونَ في الدُّنْيا ومُعَذَّبُونَ في الآخِرَةِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: لَوْ كانُوا أعْداءَ اللَّهِ لَما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أبْوابَ النِّعَمِ واللَّذّاتِ في الدُّنْيا، فَأجابَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ بِهَذِهِ الآيَةِ وهو أنَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ عَلى البَعْضِ ويُضَيِّقُهُ عَلى البَعْضِ ولا تَعَلُّقَ لَهُ بِالكُفْرِ والإيمانِ، فَقَدْ يُوجَدُ الكافِرُ مُوَسَّعًا عَلَيْهِ دُونَ المُؤْمِنِ، ويُوجَدُ المُؤْمِنُ مُضَيَّقًا عَلَيْهِ دُونَ الكافِرِ، فالدُّنْيا دارُ امْتِحانٍ. قالَ الواحِدِيُّ: مَعْنى القَدْرِ في اللُّغَةِ: قَطْعُ الشَّيْءِ عَلى مُساواةِ غَيْرِهِ مِن غَيْرِ زِيادَةٍ ولا نُقْصانٍ. وقالَ المُفَسِّرُونَ: مَعْنى [يَقْدِرُ] هاهُنا يُضَيِّقُ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ [الطَّلاقِ: ٧] أيْ ضُيِّقَ، ومَعْناهُ: أنَّهُ يُعْطِيهِ بِقَدْرِ كِفايَتِهِ لا يَفْضُلُ عَنْهُ شَيْءٌ. وأما قوله: ﴿وفَرِحُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا﴾ فَهو راجِعٌ إلى مَن بَسَطَ اللَّهُ لَهُ رِزْقَهُ، وبَيَّنَ تَعالى أنَّ ذَلِكَ لا يُوجِبُ الفَرَحَ؛ لِأنَّ الحَياةَ العاجِلَةَ بِالنِّسْبَةِ إلى الآخِرَةِ كالحَقِيرِ القَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إلى ما لا نِهايَةَ لَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب