الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ والَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهم بِشَيْءٍ إلّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إلى الماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وما هو بِبالِغِهِ وما دُعاءُ الكافِرِينَ إلّا في ضَلالٍ﴾ .
اعْلَمْ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ﴾ أيْ لِلَّهِ دَعْوَةُ الحَقِّ، وفِيهِ بَحْثانِ:
البحث الأوَّلُ: في أقْوالِ المُفَسِّرِينَ، وهي أُمُورٌ:
أحَدُها: ما رَوى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّهُ قالَ: ﴿دَعْوَةُ الحَقِّ﴾ قَوْلُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
وثانِيها: قَوْلُ الحَسَنِ: إنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ، فَدُعاؤُهُ هو الحَقُّ، كَأنَّهُ يُومِئُ إلى أنَّ الِانْقِطاعَ إلَيْهِ في الدُّعاءِ هو الحَقُّ.
وثالِثُها: أنَّ عِبادَتَهُ هي الحَقُّ والصِّدْقُ.
واعْلَمْ أنَّ الحَقَّ هو المَوْجُودُ، والمَوْجُودُ قِسْمانِ:
قِسْمٌ يَقْبَلُ العَدَمَ، وهو حَقٌّ يُمْكِنُ أنْ يَصِيرَ باطِلًا، وقِسْمٌ لا يَقْبَلُ العَدَمَ، فَلا يُمْكِنُ أنْ يَصِيرَ باطِلًا، وذَلِكَ هو الحَقُّ الحَقِيقِيُّ، وإذا كانَ واجِبَ الوُجُودِ لِذاتِهِ مَوْجُودًا لا يَقْبَلُ العَدَمَ كانَ أحَقَّ المَوْجُوداتِ بِأنْ يَكُونَ حَقًّا هو هو، وكانَ أحَقُّ الِاعْتِقاداتِ وأحَقُّ الأذْكارِ بِأنْ يَكُونَ حَقًّا هو (p-٢٤)اعْتِقادَ ثُبُوتِهِ وذِكْرَ وجُودِهِ، فَثَبَتَ بِهَذا أنَّ وُجُودَهُ هو الحَقُّ في المَوْجُوداتِ، واعْتِقادُ وُجُودِهِ هو الحَقُّ في الِاعْتِقاداتِ، وذِكْرُهُ بِالثَّناءِ والإلَهِيَّةِ والكَمالِ هو الحَقُّ في الأذْكارِ، فَلِهَذا قالَ: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ﴾ .
البحث الثّانِي: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“ ﴿دَعْوَةُ الحَقِّ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنْ تُضافَ الدَّعْوَةُ إلى الحَقِّ الَّذِي هو نَقِيضُ الباطِلِ، كَما تُضافُ إلَيْهِ الكَلِمَةُ في قَوْلِهِ: [كَلِمَةُ الحَقِّ] والمَقْصُودُ مِنهُ الدَّلالَةُ عَلى كَوْنِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ مُخْتَصَّةً بِكَوْنِها حَقَّةً، وكَوْنِها خالِيَةً عَنْ أماراتِ كَوْنِهِ باطِلًا، وهَذا مِن بابِ إضافَةِ الشَّيْءِ إلى صِفَتِهِ.
والثّانِي: أنْ تُضافَ إلى الحَقِّ الَّذِي هو اللَّهُ سُبْحانَهُ عَلى مَعْنى: دَعْوَةُ المَدْعُوِّ الحَقِّ الَّذِي يَسْمَعُ فَيُجِيبُ، وعَنِ الحَسَنِ: الحَقُّ هو اللَّهُ وكُلُّ دُعاءٍ إلَيْهِ فَهو دَعْوَةُ الحَقِّ.
ثم قال تَعالى: ﴿والَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ﴾ يَعْنِي الآلِهَةَ الَّذِينَ يَدْعُونَهُمُ الكُفّارُ مِن دُونِ اللَّهِ: ﴿لا يَسْتَجِيبُونَ لَهم بِشَيْءٍ﴾ مِمّا يَطْلُبُونَهُ إلّا اسْتِجابَةً كاسْتِجابَةِ باسِطِ كَفَّيْهِ إلى الماءِ، والماءُ جَمادٌ لا يَشْعُرُ بِبَسْطِ كَفَّيْهِ ولا بِعَطَشِهِ وحاجَتِهِ إلَيْهِ، ولا يَقْدِرُ أنْ يُجِيبَ دُعاءَهُ ويَبْلُغَ فاهُ، فَكَذَلِكَ ما يَدْعُونَهُ جَمادٌ، لا يُحِسُّ بِدُعائِهِمْ ولا يَسْتَطِيعُ إجابَتَهم، ولا يَقْدِرُ عَلى نَفْعِهِمْ، وقِيلَ شُبِّهُوا في قِلَّةِ فائِدَةِ دُعائِهِمْ لِآلِهَتِهِمْ، بِمَن أرادَ أنْ يَغْرِفَ الماءَ بِيَدَيْهِ لِيَشْرَبَهُ فَيَبْسُطُها ناشِرًا أصابِعَهُ ولَمْ تَصِلْ كَفّاهُ إلى ذَلِكَ الماءِ ولَمْ يَبْلُغْ مَطْلُوبَهُ مِن شُرْبِهِ، وقُرِئَ [تَدْعُونَ] بِالتّاءِ [كَباسِطٍ كَفَّيْهِ] بِالتَّنْوِينِ، ثم قال: ﴿وما دُعاءُ الكافِرِينَ إلّا في ضَلالٍ﴾ أيْ إلّا في ضَياعٍ لا مَنفَعَةَ فِيهِ؛ لِأنَّهم إنْ دَعَوُا اللَّهَ لَمْ يُجِبْهم، وإنْ دَعَوُا الآلِهَةَ لَمْ تَسْتَطِعْ إجابَتَهم.
{"ayah":"لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا یَسۡتَجِیبُونَ لَهُم بِشَیۡءٍ إِلَّا كَبَـٰسِطِ كَفَّیۡهِ إِلَى ٱلۡمَاۤءِ لِیَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَـٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَاۤءُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ إِلَّا فِی ضَلَـٰلࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق