الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَمّا فَتَحُوا مَتاعَهم وجَدُوا بِضاعَتَهم رُدَّتْ إلَيْهِمْ قالُوا ياأبانا ما نَبْغِي هَذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إلَيْنا ونَمِيرُ أهْلَنا ونَحْفَظُ أخانا ونَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾
اعْلَمْ أنَّ المَتاعَ ما يَصْلُحُ لِأنْ يُسْتَمْتَعَ بِهِ، وهو عامٌّ في كُلِّ شَيْءٍ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ هَهُنا الطَّعامُ الَّذِي حَمَلُوهُ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ أوْعِيَةُ الطَّعامِ.
* * *
ثُمَّ قالَ: ﴿وجَدُوا بِضاعَتَهم رُدَّتْ إلَيْهِمْ﴾ واخْتَلَفَ القُرّاءُ في ﴿رُدَّتْ﴾ فالأكْثَرُونَ بِضَمِّ الرّاءِ، وقَرَأ عَلْقَمَةُ بِكَسْرِ الرّاءِ.
قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: كَسْرَةُ الدّالِ المُدْغَمَةِ نُقِلَتْ إلى الرّاءِ كَما في قِيلَ وبِيعَ.
وحَكى قُطْرُبٌ أنَّهم قالُوا في قَوْلِنا: ضُرِبَ زَيْدٌ عَلى نَقْلِ كَسْرَةِ الرّاءِ فِيمَن سَكَّنَها إلى الضّادِ، وأمّا قَوْلُهُ: ﴿ما نَبْغِي﴾ فَفي كَلِمَةِ (ما) قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّها لِلنَّفْيِ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ فَفِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: أنَّهم كانُوا قَدْ وصَفُوا يُوسُفَ بِالكَرَمِ واللُّطْفِ وقالُوا: إنّا قَدِمْنا عَلى رَجُلٍ في غايَةِ الكَرَمِ أنْزَلَنا وأكْرَمَنا كَرامَةً لَوْ كانَ رَجُلًا مِن آلِ يَعْقُوبَ لَما فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهم: ﴿ما نَبْغِي﴾ أيْ بِهَذا الوَصْفِ الَّذِي ذَكَرْناهُ كَذِبًا ولا ذِكْرَ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ.
الثّانِي: أنَّهُ بَلَغَ في الإكْرامِ إلى غايَةٍ ما وراءَها شَيْءٌ آخَرُ، فَإنَّهُ بَعْدَ أنْ بالَغَ في إكْرامِنا أمَرَ بِبِضاعَتِنا فَرُدَّتْ إلَيْنا.
الثّالِثُ: المَعْنى أنَّهُ رَدَّ بِضاعَتَنا إلَيْنا، فَنَحْنُ لا نَبْغِي مِنهُ عِنْدَ رُجُوعِنا إلَيْهِ بِضاعَةً أُخْرى، فَإنَّ هَذِهِ الَّتِي مَعَنا كافِيَةٌ لَنا.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ كَلِمَةَ ”ما“ هَهُنا لِلِاسْتِفْهامِ، والمَعْنى: لَمّا رَأوْا أنَّهُ رَدَّ إلَيْهِمْ بِضاعَتَهم قالُوا: ما نَبْغِي بَعْدَ هَذا ؟ أيْ أعْطانا الطَّعامَ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْنا ثَمَنَ الطَّعامِ عَلى أحْسَنِ الوُجُوهِ، فَأيَّ شَيْءٍ نَبْغِي وراءَ ذَلِكَ ؟
واعْلَمْ أنّا إذا حَمَلْنا ”ما“ عَلى الِاسْتِفْهامِ صارَ التَّقْدِيرُ: أيُّ شَيْءٍ نَبْغِي فَوْقَ هَذا الإكْرامِ ؟ إنَّ الرَّجُلَ رَدَّ دَراهِمَنا إلَيْنا، فَإذا ذَهَبْنا إلَيْهِ نَمِيرُ أهْلَنا ونَحْفَظُ أخانا ونَزْدادُ كَيْلَ بِعِيرٍ بِسَبَبِ حُضُورِ أخِينا.
قالَ الأصْمَعِيُّ: يُقالُ: مارَهُ يَمِيرُهُ مَيْرًا، إذا أتاهُ بِمِيرَةٍ أيْ: بِطَعامٍ، ومِنهُ يُقالُ: ما عِنْدَهُ خَيْرٌ ولا مَيْرٌ، وقَوْلُهُ: ﴿ونَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ مَعْناهُ: أنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ يَكِيلُ لِكُلِّ رَجُلٍ حِمْلَ بَعِيرٍ، فَإذا حَضَرَ أخُوهُ فَلا بُدَّ وأنْ يَزْدادَ ذَلِكَ الحِمْلُ، وأمّا إذا حَمَلْنا كَلِمَةَ ”ما“ عَلى النَّفْيِ؛ كانَ المَعْنى لا نَبْغِي شَيْئًا آخَرَ؛ هَذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إلَيْنا، فَهي كافِيَةٌ لِثَمَنِ الطَّعامِ في الذَّهابِ الثّانِي، ثُمَّ نَفْعَلُ كَذا وكَذا.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ فَفِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: قالَ مُقاتِلٌ: ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ عَلى هَذا الرَّجُلِ المُحْسِنِ لِسَخائِهِ وحِرْصِهِ عَلى البَذْلِ، وهو اخْتِيارُ الزَّجّاجِ.
والثّانِي: ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ، أيْ قَصِيرُ المُدَّةِ؛ لَيْسَ سَبِيلُ مِثْلِهِ أنْ تَطُولَ مُدَّتُهُ بِسَبَبِ الحَبْسِ والتَّأْخِيرِ.
والثّالِثُ: أنْ يَكُونَ المُرادُ: ذَلِكَ الَّذِي يُدْفَعُ إلَيْنا دُونَ أخِينا شَيْءٌ يَسِيرٌ قَلِيلٌ؛ فابْعَثْ أخانا مَعَنا حَتّى نَتَبَدَّلَ تِلْكَ القِلَّةَ بِالكَثْرَةِ.
{"ayah":"وَلَمَّا فَتَحُوا۟ مَتَـٰعَهُمۡ وَجَدُوا۟ بِضَـٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَیۡهِمۡۖ قَالُوا۟ یَـٰۤأَبَانَا مَا نَبۡغِیۖ هَـٰذِهِۦ بِضَـٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَیۡنَاۖ وَنَمِیرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَیۡلَ بَعِیرࣲۖ ذَ ٰلِكَ كَیۡلࣱ یَسِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق