الباحث القرآني
(p-٣٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا ياشُعَيْبُ أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أوْ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ إنَّكَ لَأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ .
فِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ ”أصَلاتُكَ“ بِغَيْرِ واوٍ. والباقُونَ ”أصَلَواتُكَ“ عَلى الجَمْعِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: اعْلَمْ أنَّ شُعَيْبًا - عَلَيْهِ السَّلامُ - أمَرَهم بِشَيْئَيْنِ، بِالتَّوْحِيدِ وتَرْكِ البَخْسِ، فالقَوْمُ أنْكَرُوا عَلَيْهِ أمْرَهُ بِهَذَيْنَ النَّوْعَيْنِ مِنَ الطّاعَةِ، فَقَوْلُهُ: ﴿أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ إشارَةٌ إلى أنَّهُ أمَرَهم بِالتَّوْحِيدِ وقَوْلُهُ: ﴿أوْ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ﴾ إشارَةٌ إلى أنَّهُ أمَرَهم بِتَرْكِ البَخْسِ.
أمّا الأوَّلُ: فَقَدْ أشارُوا فِيهِ إلى التَّمَسُّكِ بِطَرِيقَةِ التَّقْلِيدِ؛ لِأنَّهُمُ اسْتَبْعَدُوا مِنهُ أنْ يَأْمُرَهم بِتَرْكِ عِبادَةِ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُهم، يَعْنِي الطَّرِيقَةَ الَّتِي أخَذْناها مِن آبائِنا وأسْلافِنا كَيْفَ نَتْرُكُها، وذَلِكَ تَمَسُّكٌ بِمَحْضِ التَّقْلِيدِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: في لَفْظِ الصَّلاةِ وهَهُنا قَوْلانِ:
الأوَّلُ: المُرادُ مِنهُ الدِّينُ والإيمانُ؛ لِأنَّ الصَّلاةَ أظْهَرُ شِعارِ الدِّينِ، فَجَعَلُوا ذِكْرَ الصَّلاةِ كِنايَةً عَنِ الدِّينِ، أوْ نَقُولُ: الصَّلاةُ أصْلُها مِنَ الِاتِّباعِ، ومِنهُ أُخِذَ المُصَلِّي مِنَ الخَيْلِ الَّذِي يَتْلُو السّابِقَ؛ لِأنَّ رَأْسَهُ يَكُونُ عَلى صِلْوَيِ السّابِقِ، وهُما ناحِيَتا الفَخِذَيْنِ، والمُرادُ: دِينُكَ يَأْمُرُكَ بِذَلِكَ.
والثّانِي: أنَّ المُرادَ مِنهُ هَذِهِ الأعْمالُ المَخْصُوصَةُ، رُوِيَ أنَّ شُعَيْبًا كانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ، وكانَ قَوْمُهُ إذا رَأوْهُ يُصَلِّي تَغامَزُوا وتَضاحَكُوا، فَقَصَدُوا بِقَوْلِهِمْ: ”أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ“ السُّخْرِيَةَ والهَزْءَ، وكَما أنَّكَ إذا رَأيْتَ مَعْتُوهًا يُطالِعُ كُتُبًا ثُمَّ يَذْكُرُ كَلامًا فاسِدًا فَيُقالُ لَهُ: هَذا مِن مُطالَعَةِ تِلْكَ الكُتُبِ - عَلى سَبِيلِ الهَزْءِ والسُّخْرِيَةِ، فَكَذا هَهُنا.
فَإنْ قِيلَ: تَقْدِيرُ الآيَةِ: أصَلَواتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ، وهم إنَّما ذَكَرُوا هَذا الكَلامَ عَلى سَبِيلِ الإنْكارِ، وهم ما كانُوا يُنْكِرُونَ كَوْنَهم فاعِلِينَ في أمْوالِهِمْ ما يَشاءُونَ، فَكَيْفَ وجْهُ التَّأْوِيلِ ؟
قُلْنا: فِيهِ وجْهانِ:
الأوَّلُ: التَّقْدِيرُ: أصَلَواتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا، وأنْ نَتْرُكَ فِعْلَ ما نَشاءُ، وعَلى هَذا فَقَوْلُهُ: ﴿أوْ أنْ نَفْعَلَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى ما في قَوْلِهِ: ﴿ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ .
والثّانِي: أنْ تُجْعَلَ الصَّلاةُ آمِرَةً وناهِيَةً، والتَّقْدِيرُ: أصَلَواتُكَ تَأْمُرُكَ بِأنْ نَتْرُكَ عِبادَةَ الأوْثانِ، وتَنْهاكَ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ، وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: ”أوْ أنْ تَفْعَلَ في أمْوالِنا ما تَشاءُ“ بِتاءِ الخِطابِ فِيهِما، وهو ما كانَ يَأْمُرُهم بِهِ مِن تَرْكِ التَّطْفِيفِ، والبَخْسِ، والِاقْتِناعِ بِالحَلالِ القَلِيلِ، وأنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الحَرامِ الكَثِيرِ.
ثُمَّ قالَ تَعالى حِكايَةً عَنْهم: ﴿إنَّكَ لَأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ وفِيهِ وُجُوهٌ:
الوَجْهُ الأوَّلُ: أنْ يَكُونَ المَعْنى: إنَّكَ لَأنْتَ السَّفِيهُ الجاهِلُ، إلّا أنَّهم عَكَسُوا ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِهْزاءِ والسُّخْرِيَةِ بِهِ، كَما يُقالُ لِلْبَخِيلِ الخَسِيسِ: لَوْ رَآكَ حاتِمٌ لَسَجَدَ لَكَ.
والوَجْهُ الثّانِي: أنْ يَكُونَ المُرادُ: إنَّكَ مَوْصُوفٌ عِنْدَ نَفْسِكَ وعِنْدَ قَوْمِكَ بِالحِلْمِ والرُّشْدِ.
والوَجْهُ الثّالِثُ: أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كانَ مَشْهُورًا عِنْدَهم بِأنَّهُ حَلِيمٌ رَشِيدٌ، فَلَمّا أمَرَهم بِمُفارَقَةِ طَرِيقَتِهِمْ قالُوا لَهُ: إنَّكَ لَأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ المَعْرُوفُ الطَّرِيقَةَ في هَذا البابِ، فَكَيْفَ تَنْهانا عَنْ دِينٍ ألْفَيْناهُ مِن آبائِنا وأسْلافِنا، والمَقْصُودُ اسْتِبْعادُ مِثْلِ هَذا العَمَلِ مِمَّنْ كانَ مَوْصُوفًا بِالحِلْمِ والرُّشْدِ، وهَذا الوَجْهُ أصْوَبُ الوُجُوهِ.
{"ayah":"قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق