الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَتْ ياوَيْلَتى أألِدُ وأنا عَجُوزٌ وهَذا بَعْلِي شَيْخًا إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ ﴿قالُوا أتَعْجَبِينَ مِن أمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ عَلَيْكم أهْلَ البَيْتِ إنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ .
فِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قالَ الفَرّاءُ: أصْلُ الوَيْلِ: ”ويْ“، وهو الخِزْيُ، ويُقالُ: ويْ لِفُلانٍ، أيْ خِزْيٌ لَهُ، فَقَوْلُهُ: ويْلَكَ، أيْ خِزْيٌ لَكَ، وقالَ سِيبَوَيْهِ: ويْحَ زَجْرٌ لِمَن أشْرَفَ عَلى الهَلاكِ، ووَيْلٌ لِمَن وقَعَ فِيهِ، قالَ الخَلِيلُ: ولَمْ أسْمَعْ عَلى بِنائِهِ إلّا ويْحَ، ووَيْكَ، ووَيْهَ، وهَذِهِ الكَلِماتُ مُتَقارِبَةٌ في المَعْنى، وأمّا قَوْلُهُ: ﴿ياوَيْلَتا﴾ فَمِنهم مَن قالَ: هَذِهِ الألِفُ ألِفُ النُّدْبَةِ، وقالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: الألِفُ في ويْلَتا مُبْدَلَةٌ مِن ياءِ الإضافَةِ في ”يا ويْلَتِي“، وكَذَلِكَ في: يا لَهَفا، ويا عَجَبا، ثُمَّ أُبْدِلَ مِنَ الياءِ والكَسْرَةِ الألِفُ والفَتْحَةُ؛ لِأنَّ الفَتْحَ والألِفَ أخَفُّ مِنَ الياءِ والكَسْرَةِ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿أألِدُ وأنا عَجُوزٌ وهَذا بَعْلِي شَيْخًا﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو: ”آلِدُ“ بِهَمْزَةٍ ومَدَّةٍ، والباقُونَ بِهَمْزَتَيْنِ بِلا مَدٍّ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: إنَّها تَعَجَّبَتْ مِن قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى، والتَّعَجُّبُ مِن قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى يُوجِبُ الكُفْرَ، بَيانُ المُقَدِّمَةِ الأُولى مِن ثَلاثَةِ أوْجُهٍ:
أوَّلُها: قَوْلُهُ تَعالى حِكايَةً عَنْها في مَعْرِضِ التَّعَجُّبِ: ﴿أألِدُ وأنا عَجُوزٌ﴾ .
وثانِيها: قَوْلُهُ: ﴿إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ .
وثالِثُها: قَوْلُ المَلائِكَةِ لَها: ﴿أتَعْجَبِينَ مِن أمْرِ اللَّهِ﴾ .
وأما بَيانُ أنَّ التَّعَجُّبَ مِن قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى يُوجِبُ الكُفْرَ؛ فَلِأنَّ هَذا التَّعَجُّبَ يَدُلُّ عَلى جَهْلِها بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى، وذَلِكَ يُوجِبُ الكُفْرَ.
والجَوابُ: أنَّها إنَّما تَعَجَّبَتْ بِحَسَبِ العُرْفِ والعادَةِ، لا بِحَسَبِ القُدْرَةِ، فَإنَّ الرَّجُلَ المُسْلِمَ لَوْ أخْبَرَهُ مُخْبِرٌ صادِقٌ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقْلِبُ هَذا الجَبَلَ ذَهَبًا إبْرِيزًا، فَلا شَكَّ أنَّهُ يَتَعَجَّبُ؛ نَظَرًا إلى أحْوالِ العادَةِ، لا لِأجْلِ أنَّهُ اسْتَنْكَرَ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعالى عَلى ذَلِكَ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وهَذا بِعْلِي شَيْخًا﴾ فاعْلَمْ أنَّ ﴿شَيْخًا﴾ مَنصُوبٌ عَلى الحالِ، قالَ الواحِدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وهَذا مِن لَطائِفِ النَّحْوِ وغامِضِهِ، فَإنَّ كَلِمَةَ هَذا لِلْإشارَةِ، فَكَأنَّ قَوْلَهُ: ﴿وهَذا بَعْلِي شَيْخًا﴾ قائِمٌ مَقامَ أنْ يُقالَ: أُشِيرَ إلى بَعْلِي حالَ كَوْنِهِ شَيْخًا، والمَقْصُودُ تَعْرِيفُ هَذِهِ الحالَةِ المَخْصُوصَةِ وهي الشَّيْخُوخَةُ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: قَرَأ بَعْضُهم ”وهَذا بَعْلِي شَيْخٌ“ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ هَذا بَعْلِي وهو شَيْخٌ، أوْ ”بَعْلِي“ بَدَلٌ مِنَ المُبْتَدَأِ، و”شَيْخٌ“ خَبَرٌ، أوْ يَكُونانِ مَعًا خَبَرَيْنِ، ثُمَّ حَكى تَعالى أنَّ المَلائِكَةَ قالُوا: ﴿أتَعْجَبِينَ مِن﴾ (p-٢٤)﴿أمْرِ اللَّهِ﴾ والمَعْنى: أنَّهم تَعَجَّبُوا مِن تَعَجُّبِها، ثُمَّ قالُوا: ﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ عَلَيْكم أهْلَ البَيْتِ﴾ والمَقْصُودُ مِن هَذا الكَلامِ ذِكْرُ ما يُزِيلُ ذَلِكَ التَّعَجُّبَ، وتَقْدِيرُهُ: إنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكم مُتَكاثِرَةٌ، وبَرَكاتِهِ لَدَيْكم مُتَوالِيَةٌ مُتَعاقِبَةٌ، وهي النُّبُوَّةُ، والمُعْجِزاتُ القاهِرَةُ، والتَّوْفِيقُ لِلْخَيْراتِ العَظِيمَةِ، فَإذا رَأيْتِ أنَّ اللَّهَ خَرَقَ العاداتِ في تَخْصِيصِكم بِهَذِهِ الكَراماتِ العالِيَةِ الرَّفِيعَةِ، وفي إظْهارِ خَوارِقِ العاداتِ، وإحْداثِ البَيِّناتِ والمُعْجِزاتِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ التَّعَجُّبُ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿أهْلَ البَيْتِ﴾ فَإنَّهُ مَدْحٌ لَهم، فَهو نَصْبٌ عَلى النِّداءِ أوْ عَلى الِاخْتِصاصِ، ثُمَّ أكَّدُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: ﴿إنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ والحَمِيدُ هو المَحْمُودُ، وهو الَّذِي تُحْمَدُ أفْعالُهُ، والمَجِيدُ: الماجِدُ، وهو ذُو الشَّرَفِ والكَرَمِ، ومِن مَحامِدِ الأفْعالِ إيصالُ العَبْدِ المُطِيعِ إلى مُرادِهِ ومَطْلُوبِهِ، ومِن أنْواعِ الفَضْلِ والكَرَمِ أنْ لا يُمْنَعَ الطّالِبُ عَنْ مَطْلُوبِهِ، فَإذا كانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّهُ تَعالى قادِرٌ عَلى الكُلِّ، وأنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، فَكَيْفَ يَبْقى هَذا التَّعَجُّبُ في نَفْسِ الأمْرِ، فَثَبَتَ أنَّ المَقْصُودَ مِن ذِكْرِ هَذِهِ الكَلِماتِ إزالَةُ التَّعَجُّبِ.
{"ayahs_start":72,"ayahs":["قَالَتۡ یَـٰوَیۡلَتَىٰۤ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزࣱ وَهَـٰذَا بَعۡلِی شَیۡخًاۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَیۡءٌ عَجِیبࣱ","قَالُوۤا۟ أَتَعۡجَبِینَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۖ رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَـٰتُهُۥ عَلَیۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَیۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِیدࣱ مَّجِیدࣱ"],"ayah":"قَالَتۡ یَـٰوَیۡلَتَىٰۤ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزࣱ وَهَـٰذَا بَعۡلِی شَیۡخًاۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَیۡءٌ عَجِیبࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق