الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكم في البَرِّ والبَحْرِ حَتّى إذا كُنْتُمْ في الفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وجاءَهُمُ المَوْجُ مِن كُلِّ مَكانٍ وظَنُّوا أنَّهم أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ ﴿فَلَمّا أنْجاهم إذا هم يَبْغُونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ ياأيُّها النّاسُ إنَّما بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكم مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إلَيْنا مَرْجِعُكم فَنُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
فِي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿وإذا أذَقْنا النّاسَ رَحْمَةً مِن بَعْدِ ضَرّاءَ مَسَّتْهم إذا لَهم مَكْرٌ في آياتِنا﴾ كانَ هَذا الكَلامُ كَلامًا كُلِّيًّا لا يَنْكَشِفُ مَعْناهُ تَمامَ الِانْكِشافِ إلّا بِذِكْرِ مِثالٍ كامِلٍ، فَذَكَرَ اللَّهُ تَعالى لِنَقْلِ الإنْسانِ مِنَ الضُّرِّ الشَّدِيدِ إلى الرَّحْمَةِ مِثالًا، ولِمَكْرِ الإنْسانِ مِثالًا، حَتّى تَكُونَ هَذِهِ الآيَةُ كالمُفَسِّرَةِ لِلْآيَةِ (p-٥٥)الَّتِي قَبْلَها، وذَلِكَ لِأنَّ المَعْنى الكُلِّيَّ لا يَصِلُ إلى أفْهامِ السّامِعِينَ إلّا بِذِكْرِ مِثالٍ جَلِيٍّ واضِحٍ يَكْشِفُ عَنْ حَقِيقَةِ ذَلِكَ المَعْنى الكُلِّيِّ.
واعْلَمْ أنَّ الإنْسانَ إذا رَكِبَ السَّفِينَةَ ووَجَدَ الرِّيحَ الطَّيِّبَةَ المُوافِقَةَ لِلْمَقْصُودِ حَصَلَ لَهُ الفَرَحُ التّامُّ والمَسَرَّةُ القَوِيَّةُ، ثُمَّ قَدْ تَظْهَرُ عَلاماتُ الهَلاكِ دُفْعَةً واحِدَةً. فَأوَّلُها: أنْ تَجِيئَهُمُ الرِّياحُ العاصِفَةُ الشَّدِيدَةُ. وثانِيها: أنْ تَأْتِيَهُمُ الأمْواجُ العَظِيمَةُ مِن كُلِّ جانِبٍ. وثالِثُها: أنْ يَغْلِبَ عَلى ظُنُونِهِمْ أنَّ الهَلاكَ واقِعٌ، وأنَّ النَّجاةَ لَيْسَتْ مُتَوَقَّعَةً، ولا شَكَّ أنَّ الِانْتِقالَ مِن تِلْكَ الأحْوالِ الطَّيِّبَةِ المُوافِقَةِ إلى هَذِهِ الأحْوالِ القاهِرَةِ الشَّدِيدَةِ يُوجِبُ الخَوْفَ العَظِيمَ والرُّعْبَ الشَّدِيدَ، وأيْضًا مُشاهَدَةُ هَذِهِ الأحْوالِ والأهْوالِ في البَحْرِ مُخْتَصَّةٌ بِإيجابِ مَزِيدِ الرُّعْبِ والخَوْفِ، ثُمَّ إنَّ الإنْسانَ في هَذِهِ الحالَةِ لا يَطْمَعُ إلّا في فَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ، ويَصِيرُ مُنْقَطِعَ الطَّمَعِ عَنْ جَمِيعِ الخَلْقِ، ويَصِيرُ بِقَلْبِهِ ورُوحِهِ وجَمِيعِ أجْزائِهِ مُتَضَرِّعًا إلى اللَّهِ تَعالى، ثُمَّ إذا نَجّاهُ اللَّهُ تَعالى مِن هَذِهِ البَلِيَّةِ العَظِيمَةِ، ونَقَلَهُ مِن هَذِهِ المَضَرَّةِ القَوِيَّةِ إلى الخَلاصِ والنَّجاةِ، فَفي الحالِ يَنْسى تِلْكَ النِّعْمَةَ ويَرْجِعُ إلى ما ألِفَهُ واعْتادَهُ مِنَ العَقائِدِ الباطِلَةِ والأخْلاقِ الذَّمِيمَةِ، فَظَهَرَ أنَّهُ لا يُمْكِنُ تَقْرِيرُ ذَلِكَ المَعْنى الكُلِّيِّ المَذْكُورِ في الآيَةِ المُتَقَدِّمَةِ بِمِثالٍ أحْسَنَ وأكْمَلَ مِنَ المِثالِ المَذْكُورِ في هَذِهِ الآيَةِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: يُحْكى أنَّ واحِدًا قالَ لِجَعْفَرٍ الصّادِقِ: اذْكُرْ لِي دَلِيلًا عَلى إثْباتِ الصّانِعِ، فَقالَ: أخْبِرْنِي عَنْ حِرْفَتِكَ، فَقالَ: أنا رَجُلٌ أتَّجِرُ في البَحْرِ، فَقالَ: صِفْ لِي كَيْفِيَّةَ حالِكَ. فَقالَ: رَكِبْتُ البَحْرَ فانْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ وبَقِيتُ عَلى لَوْحٍ واحِدٍ مِن ألْواحِها، وجاءَتِ الرِّياحُ العاصِفَةُ، فَقالَ جَعْفَرٌ: هَلْ وجَدْتَ في قَلْبِكَ تَضَرُّعًا ودُعاءً ؟ فَقالَ: نَعَمْ. فَقالَ جَعْفَرٌ: فَإلَهُكَ هو الَّذِي تَضَرَّعْتَ إلَيْهِ في ذَلِكَ الوَقْتِ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قَرَأ ابْنُ عامِرٍ ”يَنْشُرُكم“ مِنَ النَّشْرِ الَّذِي هو خِلافُ الطَّيِّ، كَأنَّهُ أخَذَهُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فانْتَشِرُوا في الأرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠] والباقُونَ قَرَءُوا ”يُسَيِّرُكم“ مِنَ التَّسْيِيرِ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: احْتَجَّ أصْحابُنا بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى أنَّ فِعْلَ العَبْدِ يَجِبُ أنْ يَكُونَ خَلْقًا لِلَّهِ تَعالى. قالُوا: دَلَّتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى أنَّ سَيْرَ العِبادِ مِنَ اللَّهِ تَعالى، ودَلَّ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا في الأرْضِ﴾ [الأنعام: ١١] عَلى أنَّ سَيْرَهم مِنهم، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ سَيْرَهم مِنهم ومِنَ اللَّهِ، فَيَكُونُ كَسْبِيًّا لَهم وخَلْقًا لِلَّهِ. ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ﴾ [الأنفال: ٥] وقالَ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿إذْ أخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [التوبة: ٤٠] وقالَ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا ولْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾ [التوبة: ٨٢] ثُمَّ قالَ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿وأنَّهُ هو أضْحَكَ وأبْكى﴾ [النجم: ٤٣] وقالَ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿وما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ رَمى﴾ [الأنفال: ١٧] قالَ الجُبّائِيُّ: أمّا كَوْنُهُ تَعالى مُسَيِّرًا لَهم في البَحْرِ عَلى الحَقِيقَةِ فالأمْرُ كَذَلِكَ. وأمّا سَيْرُهم في البَرِّ فَإنَّما أُضِيفَ إلى اللَّهِ تَعالى عَلى التَّوَسُّعِ. فَما كانَ مِنهُ طاعَةً فَبِأمْرِهِ وتَسْهِيلِهِ، وما كانَ مِنهُ مَعْصِيَةً فَلِأنَّهُ تَعالى هو الَّذِي أقْدَرَهُ عَلَيْهِ. وزادَ القاضِي فِيهِ: يَجُوزُ أنْ يُضافَ ذَلِكَ إلَيْهِ تَعالى مِن حَيْثُ أنَّهُ تَعالى سَخَّرَ لَهُمُ المَرْكِبَ في البَرِّ، وسَخَّرَ لَهُمُ الأرْضَ الَّتِي يَتَصَرَّفُونَ عَلَيْها بِإمْساكِهِ لَها؛ لِأنَّهُ تَعالى لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمُ السَّيْرُ. وقالَ القَفّالُ: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكم في البَرِّ والبَحْرِ﴾ أيْ: هو اللَّهُ الهادِي لَكم إلى السَّيْرِ في البَرِّ والبَحْرِ طَلَبًا لِلْمَعاشِ لَكم، وهو المُسَيِّرُ لَكم، لِأجْلِ أنَّهُ هَيَّأ لَكم أسْبابَ ذَلِكَ السَّيْرِ. هَذا جُمْلَةُ ما قِيلَ في الجَوابِ عَنْهُ. ونَحْنُ نَقُولُ: لا شَكَّ أنَّ المُسَيِّرَ في البَحْرِ هو اللَّهُ تَعالى؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى هو المُحْدِثُ لِتِلْكَ الحَرَكاتِ في أجْزاءِ السَّفِينَةِ، ولا شَكَّ (p-٥٦)أنَّ إضافَةَ الفِعْلِ إلى الفاعِلِ هو الحَقِيقَةُ. فَنَقُولُ: وجَبَ أيْضًا أنْ يَكُونَ مُسَيِّرًا لَهم في البَرِّ بِهَذا التَّفْسِيرِ، إذْ لَوْ كانَ مُسَيِّرًا لَهم في البَرِّ بِمَعْنى إعْطاءِ الآلاتِ والأدَواتِ لَكانَ مَجازًا بِهَذا الوَجْهِ، فَيَلْزَمُ كَوْنُ اللَّفْظِ الواحِدِ حَقِيقَةً ومَجازًا دُفْعَةً واحِدَةً، وذَلِكَ باطِلٌ.
واعْلَمْ أنَّ مَذْهَبَ الجُبّائِيِّ أنَّهُ لا امْتِناعَ في كَوْنِ اللَّفْظِ حَقِيقَةً ومَجازًا بِالنِّسْبَةِ إلى المَعْنى الواحِدِ. وأمّا أبُو هاشِمٍ فَإنَّهُ يَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، إلّا أنَّهُ يَقُولُ: لا يَبْعُدُ أنْ يُقالَ: إنَّهُ تَعالى تَكَلَّمَ بِهِ مَرَّتَيْنِ.
واعْلَمْ أنَّ قَوْلَ الجُبّائِيِّ قَدْ أبْطَلْناهُ في أُصُولِ الفِقْهِ، وقَوْلَ أبِي هاشِمٍ أنَّهُ تَعالى تَكَلَّمَ بِهِ مَرَّتَيْنِ أيْضًا بَعِيدٌ. لِأنَّ هَذا قَوْلٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أحَدٌ مِنَ الأُمَّةِ مِمَّنْ كانُوا قَبْلَهُ، فَكانَ هَذا عَلى خِلافِ الإجْماعِ فَيَكُونُ باطِلًا.
* * *
واعْلَمْ أنَّهُ بَقِيَ في هَذِهِ الآيَةِ سُؤالاتٌ:
السُّؤالُ الأوَّلُ: كَيْفَ جَعَلَ الكَوْنَ في الفُلْكِ غايَةً لِلتَّسْيِيرِ في البَحْرِ، مَعَ أنَّ الكَوْنَ في الفُلْكِ مُتَقَدِّمٌ لا مَحالَةَ عَلى التَّسْيِيرِ في البَحْرِ ؟
والجَوابُ: لَمْ يَجْعَلِ الكَوْنَ في الفُلْكِ غايَةً لِلتَّسْيِيرِ، بَلْ تَقْدِيرُ الكَلامِ كَأنَّهُ قِيلَ: هو الَّذِي يُسَيِّرُكم حَتّى إذا وقَعَ في جُمْلَةِ تِلْكَ التَّسْيِيراتِ الحُصُولُ في الفُلْكِ كانَ كَذا وكَذا.
السُّؤالُ الثّانِي: ما جَوابُ ﴿إذا﴾ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا كُنْتُمْ في الفُلْكِ﴾ ؟ .
الجَوابُ: هو أنَّ جَوابَها هو قَوْلُهُ: ﴿جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ﴾ ثُمَّ قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“:
* * *
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿دَعَوُا اللَّهَ﴾ فَهو بَدَلٌ مِن (ظَنُّوا) لِأنَّ دُعاءَهم مِن لَوازِمِ ظَنِّهِمُ الهَلاكَ. وقالَ بَعْضُ الأفاضِلِ: لَوْ حُمِلَ قَوْلُهُ: ﴿دَعَوُا اللَّهَ﴾ عَلى الِاسْتِئْنافِ كانَ أوْضَحَ، كَأنَّهُ لَمّا قِيلَ: ﴿جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وجاءَهُمُ المَوْجُ مِن كُلِّ مَكانٍ وظَنُّوا أنَّهم أُحِيطَ بِهِمْ﴾ قالَ قائِلٌ: فَما صَنَعُوا ؟ فَقِيلَ: ﴿دَعَوُا اللَّهَ﴾ .
السُّؤالُ الثّالِثُ: ما الفائِدَةُ في صَرْفِ الكَلامِ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ ؟
الجَوابُ: فِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: المَقْصُودُ هو المُبالَغَةُ كَأنَّهُ تَعالى يَذْكُرُ حالَهم لِغَيْرِهِمْ لِتَعْجِيبِهِمْ مِنها، ويَسْتَدْعِي مِنهم مَزِيدَ الإنْكارِ والتَّقْبِيحِ.
الثّانِي: قالَ أبُو عَلِيٍّ الجُبّائِيُّ: إنَّ مُخاطَبَتَهُ تَعالى لِعِبادِهِ، هي عَلى لِسانِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَهي بِمَنزِلَةِ الخَبَرِ عَنِ الغائِبِ. وكُلُّ مَن أقامَ الغائِبَ مَقامَ المُخاطَبِ حَسُنَ مِنهُ أنْ يَرُدَّهُ مَرَّةً أُخْرى إلى الغائِبِ.
الثّالِثِ: وهو الَّذِي خَطَرَ بِالبالِ في الحالِ، أنَّ الِانْتِقالَ في الكَلامِ مِن لَفْظِ الغَيْبَةِ إلى لَفْظِ الحُضُورِ فَإنَّهُ يَدُلُّ عَلى مَزِيدِ التَّقَرُّبِ والإكْرامِ. وأمّا ضِدُّهُ وهو الِانْتِقالُ مِن لَفْظِ الحُضُورِ إلى لَفْظِ الغَيْبَةِ، يَدُلُّ عَلى المَقْتِ والتَّبْعِيدِ.
أمّا الأوَّلُ: فَكَما في سُورَةِ الفاتِحَةِ، فَإنَّ قَوْلَهُ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ٢، ٣] كُلُّهُ مَقامُ الغَيْبَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنها إلى قَوْلِهِ: ﴿إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ العَبْدَ كَأنَّهُ انْتَقَلَ مِن مَقامِ الغَيْبَةِ إلى مَقامِ الحُضُورِ، وهو يُوجِبُ عُلُوَّ الدَّرَجَةِ، وكَمالَ القُرْبِ مِن خِدْمَةِ رَبِّ العالَمِينَ.
وأمّا الثّانِي: فَكَما في هَذِهِ الآيَةِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿حَتّى إذا كُنْتُمْ في الفُلْكِ﴾ خِطابُ الحُضُورِ، وقَوْلَهُ: ﴿وجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ مَقامُ الغَيْبَةِ، فَهاهُنا انْتَقَلَ مِن مَقامِ الحُضُورِ إلى مَقامِ الغَيْبَةِ، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى المَقْتِ والتَّبْعِيدِ (p-٥٧)والطَّرْدِ، وهو اللّائِقُ بِحالِ هَؤُلاءِ؛ لِأنَّ مَن كانَ صِفَتُهُ أنَّهُ يُقابِلُ إحْسانَ اللَّهِ تَعالى إلَيْهِ بِالكُفْرانِ، كانَ اللّائِقُ بِهِ ما ذَكَرْناهُ.
السُّؤالُ الرّابِعُ: كَمِ القُيُودُ المُعْتَبَرَةُ في الشَّرْطِ والقُيُودُ المُعْتَبَرَةُ في الجَزاءِ ؟
الجَوابُ: أمّا القُيُودُ المُعْتَبَرَةُ في الشَّرْطِ فَثَلاثَةٌ، أوَّلُها الكَوْنُ في الفُلْكِ، وثانِيها جَرْيُ الفُلْكِ بِالرِّيحِ الطَّيِّبَةِ، وثالِثُها فَرَحُهم بِها. وأمّا القُيُودُ المُعْتَبَرَةُ في الجَزاءِ فَثَلاثَةٌ أيْضًا، أوَّلُها قَوْلُهُ: ﴿جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ﴾ وفِيهِ سُؤالانِ:
السُّؤالُ الأوَّلُ: الضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿جاءَتْها﴾ عائِدٌ إلى الفُلْكِ وهو ضَمِيرُ الواحِدِ، والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿وجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ عائِدٌ إلى الفُلْكِ وهو الضَّمِيرُ الجَمْعُ، فَما السَّبَبُ فِيهِ ؟
الجَوابُ عَنْهُ مِن وجْهَيْنِ، الأوَّلُ: أنّا لا نُسَلِّمُ أنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: ﴿جاءَتْها﴾ عائِدٌ إلى الفُلْكِ، بَلْ نَقُولُ: إنَّهُ عائِدٌ إلى الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ المَذْكُورَةِ في قَوْلِهِ: ﴿وجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ الثّانِي: لَوْ سَلَّمْنا ما ذَكَرْتُمْ إلّا أنَّ لَفْظَ ”الفُلْكِ“ يَصْلُحُ لِلْواحِدِ والجَمْعِ، فَحَسُنَ الضَّمِيرانِ.
السُّؤالُ الثّانِي: ما العاصِفُ ؟
الجَوابُ: قالَ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ: يُقالُ: رِيحٌ عاصِفٌ وعاصِفَةٌ، وقَدْ عَصَفَتْ عُصُوفًا وأعْصَفَتْ، فَهي مُعْصِفٌ ومُعْصِفَةٌ. قالَ الفَرّاءُ: والألِفُ لُغَةُ بَنِي أسَدٍ، ومَعْنى عَصَفَتِ الرِّيحُ: اشْتَدَّتْ، وأصْلُ العَصْفِ السُّرْعَةُ، يُقالُ: ناقَةٌ عاصِفٌ وعَصُوفٌ: سَرِيعَةٌ، وإنَّما قِيلَ: ﴿رِيحٌ عاصِفٌ﴾ لِأنَّهُ يُرادُ: ذاتُ عُصُوفٍ، كَما قِيلَ: لابِنٌ وتامِرٌ، أوْ لِأجْلِ أنَّ لَفْظَ الرِّيحِ مُذَكَّرٌ.
أمّا القَيْدُ الثّانِي: فَهو قَوْلُهُ: ﴿وجاءَهُمُ المَوْجُ مِن كُلِّ مَكانٍ﴾ والمَوْجُ ما ارْتَفَعَ مِنَ الماءِ فَوْقَ البَحْرِ.
أمّا القَيْدُ الثّالِثُ: فَهو قَوْلُهُ: ﴿وظَنُّوا أنَّهم أُحِيطَ بِهِمْ﴾ والمُرادُ أنَّهم ظَنُّوا القُرْبَ مِنَ الهَلاكِ، وأصْلُهُ أنَّ العَدُوَّ إذا أحاطَ بِقَوْمٍ أوْ بَلَدٍ، فَقَدْ دَنَوْا مِنَ الهَلاكِ.
السُّؤالُ الخامِسُ: ما المُرادُ مِنَ الإخْلاصِ في قَوْلِهِ: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ .
والجَوابُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ تَرَكُوا الشِّرْكَ، ولَمْ يُشْرِكُوا بِهِ مِن آلِهَتِهِمْ شَيْئًا، وأقَرُّوا لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ والوَحْدانِيَّةِ. قالَ الحَسَنُ: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ﴾ الإخْلاصُ: الإيمانُ، لَكِنْ لِأجْلِ العِلْمِ بِأنَّهُ لا يُنَجِّيهِمْ مِن ذَلِكَ إلّا اللَّهُ تَعالى، فَيَكُونُ جارِيًا مَجْرى الإيمانِ الِاضْطِرارِيِّ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ ما يَدْعُونَ، فَإذا جاءَ الضُّرُّ والبَلاءُ لَمْ يَدْعُوا إلّا اللَّهَ. وعَنْ أبِي عُبَيْدَةَ أنَّ المُرادَ مِن ذَلِكَ الدُّعاءِ قَوْلُهم: أهْيا شَراهْيا، تَفْسِيرُهُ: يا حَيُّ يا قَيُّومُ.
السُّؤالُ السّادِسُ: ما الشَّيْءُ المُشارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ”هَذِهِ“ في قَوْلِهِ: ﴿لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ﴾ .
والجَوابُ: المُرادُ: لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ الرِّيحِ العاصِفَةِ، وقِيلَ: المُرادُ: لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ الأمْواجِ، أوْ مِن هَذِهِ الشَّدائِدِ، وهَذِهِ الألْفاظُ وإنْ لَمْ يَسْبِقْ ذِكْرُها إلّا أنَّهُ سَبَقَ ذِكْرُ ما يَدُلُّ عَلَيْها.
السُّؤالُ السّابِعُ: هَلْ يُحْتاجُ في هَذِهِ الآيَةِ إلى إضْمارٍ ؟
الجَوابُ: نَعَمْ، والتَّقْدِيرُ: دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ مُرِيدِينَ أنْ يَقُولُوا: لَئِنْ أنْجَيْتَنا، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ: (p-٥٨)لا حاجَةَ إلى الإضْمارِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿دَعَوُا اللَّهَ﴾ يَصِيرُ مُفَسَّرًا بِقَوْلِهِ: ﴿لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ فَهم في الحَقِيقَةِ ما قالُوا إلّا هَذا القَوْلَ.
واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا حَكى عَنْهم هَذا التَّضَرُّعَ الكامِلَ بَيَّنَ أنَّهم بَعْدَ الخَلاصِ مِن تِلْكَ البَلِيَّةِ والمِحْنَةِ أقْدَمُوا في الحالِ عَلى البَغْيِ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ بِهِ الفَسادَ والتَّكْذِيبَ والجَراءَةَ عَلى اللَّهِ تَعالى، ومَعْنى البَغْيِ قَصْدُ الِاسْتِعْلاءِ بِالظُّلْمِ. قالَ الزَّجّاجُ: البَغْيُ: التَّرَقِّي في الفَسادِ، قالَ الأصْمَعِيُّ: يُقالُ: بَغى الجُرْحُ يَبْغِي بَغْيًا: إذا تَرَقّى إلى الفَسادِ، وبَغَتِ المَرْأةُ: إذا فَجَرَتْ، قالَ الواحِدِيُّ: أصْلُ هَذا اللَّفْظِ مِنَ الطَّلَبِ.
* * *
فَإنْ قِيلَ: فَما مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ والبَغْيُ لا يَكُونُ بِحَقٍّ ؟
قُلْنا: البَغْيُ قَدْ يَكُونُ بِالحَقِّ، وهو اسْتِيلاءُ المُسْلِمِينَ عَلى أرْضِ الكَفَرَةِ وهَدْمُ دُورِهِمْ وإحْراقُ زُرُوعِهِمْ وقَطْعُ أشْجارِهِمْ، كَما فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِبَنِي قُرَيْظَةَ. ثُمَّ إنَّهُ تَعالى بَيَّنَ أنَّ هَذا البَغْيَ أمْرٌ باطِلٌ يَجِبُ عَلى العاقِلِ أنْ يَحْتَرِزَ مِنهُ فَقالَ: ﴿ياأيُّها النّاسُ إنَّما بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكم مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ الأكْثَرُونَ: (مَتاعُ) بِرَفْعِ العَيْنِ، وقَرَأ حَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: ﴿مَتاعَ﴾ بِنَصْبِ العَيْنِ، أمّا الرَّفْعُ فَفِيهِ وجْهانِ، الأوَّلُ: أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ مُبْتَدَأً، وقَوْلُهُ: (مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا) خَبَرًا. والمُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ بَغْيُ بَعْضِكم عَلى بَعْضٍ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿فاقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤] ومَعْنى الكَلامِ أنَّ بَغْيَ بَعْضِكم عَلى بَعْضٍ مَنفَعَةُ الحَياةِ الدُّنْيا ولا بَقاءَ لَها. والثّانِي: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿بَغْيُكُمْ﴾ مُبْتَدَأٌ، وقَوْلَهُ: ﴿عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ خَبَرُهُ، وقَوْلُهُ: (مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، والتَّقْدِيرُ: هو مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا. وأمّا القِراءَةُ بِالنَّصْبِ فَوَجْهُها أنْ نَقُولَ: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿بَغْيُكُمْ﴾ مُبْتَدَأٌ، وقَوْلَهُ: ﴿عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ خَبَرُهُ، وقَوْلَهُ: ﴿مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ في مَوْضِعِ المَصْدَرِ المُؤَكِّدِ، والتَّقْدِيرُ: تَتَمَتَّعُونَ مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: البَغْيُ مِن مُنْكَراتِ المَعاصِي. قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”«أسْرَعُ الخَيْرِ ثَوابًا صِلَةُ الرَّحِمِ، وأعْجَلُ الشَّرِّ عِقابًا البَغْيُ واليَمِينُ الفاجِرَةُ» “ ورُوِيَ: ”«ثِنْتانِ يُعَجِّلُهُما اللَّهُ في الدُّنْيا: البَغْيُ وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ» “ وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: لَوْ بَغى جَبَلٌ عَلى جَبَلٍ لانْدَكَّ الباغِي. وكانَ المَأْمُونُ يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ البَيْتَيْنِ في أخِيهِ:
؎يا صاحِبَ البَغْيِ إنَّ البَغْيَ مَصْرَعَةٌ فارْبِعْ فَخَيْرُ فِعالِ المَرْءِ أعْدَلُهُ
؎فَلَوْ بَغى جَبَلٌ يَوْمًا عَلى جَبَلٍ ∗∗∗ لانْدَكَّ مِنهُ أعالِيهِ وأسْفَلُهُ
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ: ثَلاثٌ مَن كُنْ فِيهِ كُنَّ عَلَيْهِ: البَغْيُ والنَّكْثُ والمَكْرُ، قالَ تَعالى: ﴿إنَّما بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ .
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: حاصِلُ الكَلامِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها النّاسُ إنَّما بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ أيْ: لا يَتَهَيَّأُ لَكم بَغْيُ بَعْضِكِمْ عَلى بَعْضٍ إلّا أيّامًا قَلِيلَةً، وهي مُدَّةُ حَياتِكم مَعَ قِصَرِها وسُرْعَةِ انْقِضائِها ﴿ثُمَّ إلَيْنا﴾ أيْ ما وعَدْنا مِنَ المُجازاةِ عَلى أعْمالِكم ﴿مَرْجِعُكم فَنُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ في الدُّنْيا، والإنْباءُ هو الإخْبارُ، وهو في هَذا المَوْضِعِ وعِيدٌ بِالعَذابِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِغَيْرِهِ: سَأُخْبِرُكَ بِما فَعَلْتَ.
{"ayahs_start":22,"ayahs":["هُوَ ٱلَّذِی یُسَیِّرُكُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا كُنتُمۡ فِی ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَیۡنَ بِهِم بِرِیحࣲ طَیِّبَةࣲ وَفَرِحُوا۟ بِهَا جَاۤءَتۡهَا رِیحٌ عَاصِفࣱ وَجَاۤءَهُمُ ٱلۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانࣲ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ أُحِیطَ بِهِمۡ دَعَوُا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ لَىِٕنۡ أَنجَیۡتَنَا مِنۡ هَـٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِینَ","فَلَمَّاۤ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ یَبۡغُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّۗ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡیُكُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۖ مَّتَـٰعَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ ثُمَّ إِلَیۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"هُوَ ٱلَّذِی یُسَیِّرُكُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا كُنتُمۡ فِی ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَیۡنَ بِهِم بِرِیحࣲ طَیِّبَةࣲ وَفَرِحُوا۟ بِهَا جَاۤءَتۡهَا رِیحٌ عَاصِفࣱ وَجَاۤءَهُمُ ٱلۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانࣲ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ أُحِیطَ بِهِمۡ دَعَوُا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ لَىِٕنۡ أَنجَیۡتَنَا مِنۡ هَـٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق