الباحث القرآني

(واخْتَلَفُوا) فِي: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ فَقَرَأ المَدَنِيّانِ، وابْنُ ذَكْوانَ بِكَسْرِ الهاءِ وفَتْحِ التاءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ. (واخْتُلِفَ) عَنْ هِشامٍ، فَرَوى (p-٢٩٤)الحُلْوانِيُّ وحْدَهُ مِن جَمِيعِ طُرُقِهِ عَنْهُ كَذَلِكَ إلّا أنَّهُ هَمَزَ، وهي الَّتِي قَطَعَ بِها الدانِيُّ في التَيْسِيرِ والمُفْرَداتِ، ولَمْ يَذْكُرْ مَكِّيٌّ، ولا المَهْدَوِيُّ، ولا ابْنُ سُفْيانَ، ولا ابْنُ شُرَيْحٍ، ولا صاحِبُ العُنْوانِ، ولا كُلُّ مَن ألَّفَ في القِراءاتِ مِنَ المَغارِبَةِ عَنْ هِشامٍ سِواها، وأجْمَعَ العِراقِيُّونَ أيْضًا عَلَيْها عَنْ هِشامٍ مِن طَرِيقِ الحُلْوانِيِّ، ولَمْ يَذْكُرُوا سِواها، وقالَ الدانِيُّ في جامِعِ البَيانِ: وما رَواهُ الحُلْوانِيُّ مِن فَتْحِ التاءِ مَعَ الهَمْزَةِ وهْمٌ لِكَوْنِ هَذِهِ الكَلِمَةِ إذا هُمِزَتْ صارَتْ مِنَ التَهَيُّئِ، فالتاءُ فِيها ضَمِيرُ الفاعِلِ المُسْنَدُ إلَيْهِ الفِعْلُ، فَلا يَجُوزُ غَيْرُ ضَمِّها. (قُلْتُ): وهَذا القَوْلُ تَبِعَ فِيهِ الدانِيُّ أبا عَلِيٍّ الفارِسِيَّ فَإنَّهُ قالَ في كِتابِهِ الحُجَّةِ: يُشْبِهُ أنْ يَكُونَ الهَمْزُ وفَتْحُ التاءِ وهْمًا مِنَ الراوِي ؛ لِأنَّ الخِطابَ مِنَ المَرْأةِ لِيُوسُفَ. ٢٣ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَها بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﴿وَراوَدَتْهُ﴾، وكَذا تَبِعَهُ عَلى هَذا القَوْلِ جَماعَةٌ، وقالَ الإمامُ أبُو عَبْدِ اللَهِ مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الفارِسِيُّ: والقِراءَةُ صَحِيحَةٌ، وراوِيها غَيْرُ واهِمٍ، ومَعْناها تَهَيَّأ لِي أمْرُكَ ؛ لِأنَّها ما كانَتْ تَقْدِرُ عَلى الخَلْوَةِ بِهِ في كُلِّ وقْتٍ، أوْ حَسُنَتْ هَيْئَتُكَ. ولَكَ عَلى الوَجْهَيْنِ بَيانٌ، أيْ: لَكَ أقُولُ. (قُلْتُ): ولَيْسَ الأمْرُ كَما زَعَمَ أبُو عَلِيٍّ، ومَن تَبِعَهُ، والحُلْوانِيُّ ثِقَةٌ كَبِيرٌ حُجَّةٌ خُصُوصًا فِيما رَواهُ عَنْ هِشامٍ وقالُونَ عَلى أنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِها عَلى زَعْمِ مَن زَعَمَ، بَلْ هي رِوايَةُ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عامِرٍ، ورَوى الداجُونِيُّ عَنْ أصْحابِهِ عَنْ هِشامٍ بِكَسْرِ الهاءِ مَعَ الهَمْزِ وضَمِّ التاءِ، وهي رِوايَةُ إبْراهِيمَ بْنِ عَبّادٍ عَنْ هِشامٍ قالَ الدانِيُّ في جامِعِهِ: وهَذا هو الصَوابُ. (قُلْتُ): ولِذَلِكَ جَمَعَ الشاطِبِيُّ بَيْنَ هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ عَنْ هِشامٍ في قَصِيدَتِهِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ كِتابِهِ لِتَحَرِّي الصَوابِ، وانْفَرَدَ الهُذَلِيُّ عَنْ هِشامٍ مِن طَرِيقِ الحُلْوانِيِّ بَعْدَ الهَمْزِ كابْنِ ذَكْوانَ، ولَمْ يُتابِعْهُ عَلى ذَلِكَ أحَدٌ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ بِفَتْحِ الهاءِ وضَمِّ التاءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ، وقَرَأ الباقُونَ بِفَتْحِ الهاءِ والتاءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ فِيها، ووَرَدَ فِيها كَسْرُ الهاءِ وضَمُّ التاءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ، قِراءَةُ ابْنِ مُحَيْصِنٍ وزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وابْنِ بَحْرِيَّةَ، وغَيْرِهِمْ، وفَتْحُ الهاءِ وكَسْرُ التاءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ - قِراءَةُ الحَسَنِ، ورُوِّيناها عَنِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ وابْنِ عَبّاسٍ، وغَيْرِهِمْ، والصَوابُ أنَّ هَذِهِ السَبْعَ القِراءاتِ (p-٢٩٥)كُلَّها في لُغاتٍ في هَذِهِ الكَلِمَةِ، وهي اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنى هَلُمَّ، ولَيْسَتْ في شَيْءٍ مِنها فِعْلًا، ولا التاءُ فِيها ضَمِيرُ مُتَكَلِّمٍ ولا مُخاطَبٍ، وقالَ: الفَرّاءُ والكِسائِيُّ، ﴿هَيْتَ﴾ لُغَةٌ وقَعَتْ لِأهْلِ الحِجازِ فَتَكَلَّمُوا بِها ومَعْناها تَعالَ; وقالَ الأُسْتاذُ أبُو حَيّانَ،: ولا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنِ اسْمٍ، كَما اشْتَقُّوا مِنَ الحَمْدِ نَحْوَ سَبْحَلَ وحَمْدَلَ، ولا يَبْرُزُ ضَمِيرُهُ لِأنَّهُ اسْمُ فِعْلٍ، بَلْ يَتَبَيَّنُ المُخاطَبُ بِالضَمِيرِ الَّذِي يَتَّصِلُ بِاللامِ نَحْوَ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ ولَكِ ولَكُما ولَكم ولَكُنَّ وَتَقَدَّمَ ﴿مَثْوايَ﴾ في بابِ الإمالَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب