الباحث القرآني

(واخْتَلَفُوا) فِي: ﴿وَإنَّ كُلًّا﴾ فَقَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو بَكْرٍ (p-٢٩١)بِإسْكانِ النُونِ مُخَفَّفَةً، وقَرَأ الباقُونَ بِتَشْدِيدِها. (واخْتَلَفُوا) فِي: ﴿لِما﴾ هُنا، ويس، والزُخْرُفِ، والطارِقِ فَقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ وابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ وحَمْزَةُ بِتَشْدِيدِ المِيمِ هُنا والطارِقِ، وشَدَّدَها في يس ﴿لَمّا جَمِيعٌ﴾ [يس: ٣٢] ابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ وحَمْزَةُ وابْنُ جَمّازٍ وشَدَّدَها في الزُخْرُفِ ﴿لَمّا مَتاعُ﴾ [الزخرف: ٣٥] عاصِمٌ وحَمْزَةُ وابْنُ جَمّازٍ; واخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ هِشامٍ، فَرَوى عَنْهُ المَشارِقَةُ قاطِبَةً، وأكْثَرُ المَغارِبَةِ تَشْدِيدَها كَذَلِكَ مِن جَمِيعِ طُرُقِهِ إلّا أنَّ الحافِظَ أبا عَمْرٍو الدانِيَّ أثْبَتَ لَهُ الوَجْهَيْنِ أعْنِي بِالتَخْفِيفِ والتَشْدِيدِ في جامِعِ البَيانِ وأطْلَقَ الخِلافَ لَهُ في التَيْسِيرِ واقْتَصَرَ لَهُ عَلى الخِلافِ فَقَطْ في مُفْرَداتِهِ. قالَ في جامِعِهِ: وبِذَلِكَ - يَعْنِي التَخْفِيفَ - قَرَأْتُ عَلى أبِي الفَتْحِ في رِوايَةِ الحُلْوانِيِّ وابْنِ عَبّادٍ عَنْ هِشامٍ، وقالَ لِيَ: التَشْدِيدُ اخْتِيارٌ مِن هِشامٍ. (قُلْتُ): والوَجْهانِ صَحِيحانِ عَنْ هِشامٍ، فالتَخْفِيفُ رَواهُ إبْراهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ وابْنُ أبِي حَسّانَ نَصًّا عَنْ هِشامٍ عَنِ ابْنِ عامِرٍ، ورَواهُ الدانِيُّ عَلى شَيْخِهِ أبِي القاسِمِ عَبْدِ العَزِيزِ الفارِسِيِّ عَنْ أبِي طاهِرِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أبِي حَسّانَ عَنْ هِشامٍ فَخَرَجَ عَنْ أنْ يَكُونَ مِن أفْرادِ فارِسٍ ولَكِنَّ الكُتُبَ مُطْبِقَةٌ شَرْقًا وغَرْبًا عَلى التَشْدِيدِ لَهُ بِلا خِلافٍ، وبِهِ قَرَأ الدانِيُّ عَلى شَيْخِهِ أبِي الحَسَنِ وأبِي القاسِمِ، وقَرَأ الباقُونَ بِتَخْفِيفِ المِيمِ في السُوَرِ الأرْبَعَةِ وَوَجْهُ تَخْفِيفِ ﴿إنْ﴾ في هَذِهِ السُورَةِ أنَّها المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَقِيلَةِ، وإعْمالُها مَعَ التَخْفِيفِ لُغَةٌ لِبَعْضِ العَرَبِ كَما نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ. وَوَجْهُ تَخْفِيفِ ﴿لَما﴾ هُنا أنَّ اللامَ هي الداخِلَةُ في خَبَرِ ﴿إنْ﴾ المُخَفَّفَةِ والمُشَدَّدَةِ و﴿ما﴾ زائِدَةٌ واللامُ في ﴿لَيُوَفِّيَنَّهُمْ﴾ جَوابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وذَلِكَ القَسَمُ في مَوْضِعِ خَبَرِ ﴿إنْ﴾ و﴿لَيُوَفِّيَنَّهُمْ﴾ جَوابُ ذَلِكَ القَسَمِ المَحْذُوفِ، والتَقْدِيرُ: وإنْ كُلًّا لَأُقْسِمُ لَيُوَفِّيَنَّهم. وَوَجْهُ تَشْدِيدِ ﴿لَمّا﴾ أنَّها لَمّا الجازِمَةُ، وحُذِفَ الفِعْلُ المَجْزُومُ لِدَلالَةِ المَعْنى عَلَيْهِ، والتَقْدِيرُ: وإنَّ كُلًّا لَمّا يُنْقَصْ مِن جَزاءِ عَمَلِهِ. ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿لَيُوَفِّيَنَّهم رَبُّكَ أعْمالَهُمْ﴾ لَمّا أخْبَرَ بِانْتِقاصِ جَزاءِ أعْمالِهِمْ أكَّدَهُ بِالقَسَمِ. قالَتِ العَرَبُ: (قارَبْتُ المَدِينَةَ ولَمّا)، أيْ: ولَمّا أدْخُلْها، فَحُذِفَ (أدْخُلْها) لِدَلالَةِ المَعْنى عَلَيْهِ - واللَهُ أعْلَمُ -.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب