الباحث القرآني

﴿فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ ﴿إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ أيْ: إنَّ مَعَ الشِدَّةِ الَّتِي أنْتَ فِيها مِن مَقاساةِ بَلاءِ المُشْرِكِينَ يُسْرًا بِإظْهارِي إيّاكَ عَلَيْهِمْ، حَتّى تَغْلِبَهُمْ، وقِيلَ: كانَ المُشْرِكُونَ يُعَيِّرُونَ رَسُولَ اللهِ والمُؤْمِنِينَ بِالفَقْرِ، حَتّى سَبَقَ إلى وهْمِهِ أنَّهم رَغِبُوا عَنِ الإسْلامِ لِافْتِقارِ أهْلِهِ، فَذَكَّرَهُ ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِن جَلائِلِ النِعَمِ، ثُمَّ قالَ: " ﴿إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ "، كَأنَّهُ قالَ: "خَوَّلْناكَ ما خَوَّلْناكَ فَلا تَيْأسْ مِن فَضْلِ اللهِ، فَإنَّ مَعَ العُسْرِ الَّذِي أنْتُمْ فِيهِ يُسْرًا"، وجِيءَ بِلَفْظِ "مَعَ"، لِغايَةِ مُقارَبَةِ اليُسْرِ العُسْرَ، زِيادَةً في التَسْلِيَةِ، ولِتَقْوِيَةِ القُلُوبِ، وإنَّما قالَ ﷺ عِنْدَ نُزُولِها: " «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ"، » لِأنَّ العُسْرَ أُعِيدَ مُعَرَّفًا، فَكانَ واحِدًا، لِأنَّ المَعْرِفَةَ إذا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً، كانَتِ الثانِيَةُ عَيْنَ الأُولى، واليُسْرَ أُعِيدَ نَكِرَةً، والنَكِرَةُ إذا أُعِيدَتْ نَكِرَةً، كانَتِ الثانِيَةُ غَيْرَ الأُولى، فَصارَ المَعْنى: "إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَيْنِ"، قالَ أبُو مُعاذٍ: يُقالُ: "إنَّ مَعَ الأمِيرِ غُلامًا، إنَّ مَعَ الأمِيرِ غُلامًا"، فالأمِيرُ واحِدٌ، ومَعَهُ غُلامانِ، وإذا قالَ: "إنَّ مَعَ أمِيرٍ غُلامًا، وإنَّ مَعَ الأمِيرِ الغُلامَ"، فالأمِيرُ واحِدٌ والغُلامُ واحِدٌ"، وإذا قِيلَ: "إنَّ مَعَ أمِيرٍ غُلامًا، وإنَّ مَعَ أمِيرٍ غُلامًا"، فَهُما أمِيرانِ، وغُلامانِ، كَذا في "شَرْحُ التَأْوِيلاتِ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب