الباحث القرآني

﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ في مَواطِنَ كَثِيرَةٍ﴾ كَوَقْعَةِ بَدْرٍ، وقُرَيْظَةَ، والنَضِيرِ، والحُدَيْبِيَةِ، وخَيْبَرَ، وفَتْحِ مَكَّةَ، وقِيلَ: إنَّ المَواطِنَ الَّتِي نَصَرَ اللهُ فِيها النَبِيَّ ﷺ والمُؤْمِنِينَ ثَمانُونَ مَوْطِنًا، ومَواطِنُ الحَرْبِ: مَقاماتُها، ومَواقِفُها. ﴿وَيَوْمَ﴾ أيْ: "وَ" اذْكُرُوا " يَوْم حُنَيْنٍ " "حُنَيْنٍ" وادٍ بَيْنَ مَكَّةَ والطائِفِ، كانَتْ فِيهِ الواقِعَةُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وهُمُ اثْنا عَشَرَ ألْفًا، وبَيْنَ هَوازِنَ وثَقِيفٍ، وهم أرْبَعَةُ آلافٍ، فَلَمّا التَقَوْا قالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: لَنْ نُغْلَبَ اليَوْمَ مِن قِلَّةٍ، فَساءَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ ﴿إذْ﴾ بَدَلٌ مِن "يَوْمَ" ﴿أعْجَبَتْكم كَثْرَتُكُمْ﴾ فَأدْرَكَتِ المُسْلِمِينَ كَلِمَةُ الإعْجابِ بِالكَثْرَةِ، وزَلَّ عَنْهم أنَّ اللهَ هو الناصِرُ لا كَثْرَةُ الجُنُودِ، فانْهَزَمُوا حَتّى بَلَغَ فَلُّهم مَكَّةَ، وبَقِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وحْدَهُ، وهو ثابِتٌ في مَرْكَزِهِ، لَيْسَ مَعَهُ إلّا عَمُّهُ العَبّاسُ آخِذًا بِلِجامِ دابَّتِهِ، وأبُو سُفْيانَ بْنُ الحارِثِ ابْنُ عَمِّهِ آخِذًا بِرِكابِهِ، «فَقالَ لِلْعَبّاسِ: "صِحْ بِالناسِ" -وَكانَ صَيِّتًا- فَنادى: يا أصْحابَ الشَجَرَةِ، فاجْتَمَعُوا وهم يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، ونَزَلَتِ المَلائِكَةُ عَلَيْهِمُ الثِيابُ البِيضُ عَلى خُيُولٍ بُلْقٍ، فَأخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كَفًّا مِن تُرابٍ فَرَماهم بِهِ، ثُمَّ قالَ: "انْهَزَمُوا ورَبِّ الكَعْبَةِ". فانْهَزَمُوا، وكانَ مِن دُعائِهِ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ يَوْمَئِذٍ: "اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، وإلَيْكَ المُشْتَكى، وأنْتَ المُسْتَعانُ". » وهَذا دُعاءُ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ يَوْمَ انْفِلاقِ البَحْرِ ﴿فَلَمْ تُغْنِ عَنْكم شَيْئًا وضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ﴾ "ما" مَصْدَرِيَّةٌ، والباءُ بِمَعْنى مَعَ، أيْ: مَعَ رُحْبِها، وحَقِيقَتُهُ مُلْتَبِسَةٌ بِرُحْبِها، عَلى أنَّ الجارَّ والمَجْرُورَ في مَوْضِعِ الحالِ، كَقَوْلِكَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِثِيابِ السَفَرِ، أيْ: مُلْتَبِسًا بِها، والمَعْنى: لَمْ تَجِدُوا مَوْضِعًا لِفِرارِكم عَنْ أعْدائِكُمْ، فَكَأنَّها ضاقَتْ عَلَيْكم ﴿ثُمَّ ولَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ ثُمَّ انْهَزَمْتُمْ. (p-٦٧٣)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب