الباحث القرآني

﴿وَإنْ نَكَثُوا أيْمانَهم مِن بَعْدِ عَهْدِهِمْ﴾ أيْ: نَقَضُوا العُهُودَ المُؤَكَّدَةَ بِالأيْمانِ ﴿وَطَعَنُوا في دِينِكُمْ﴾ وعابُوهُ ﴿فَقاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْرِ﴾ فَقاتِلُوهُمْ، فَوَضَعَ ﴿أئِمَّةَ الكُفْرِ﴾ مَوْضِعَ ضَمِيرِ "هُمْ" وهَمَ رُؤَساءُ الشِرْكِ، أوْ زُعَماءُ قُرَيْشٍ الَّذِينَ هَمُّوا بِإخْراجِ الرَسُولِ، وقالُوا: إذا طَعَنَ الذِمِّيُّ في دِينِ الإسْلامِ طَعْنًا ظاهِرًا جازَ قَتْلُهُ، لِأنَّ العَهْدَ مَعْقُودٌ مَعَهُ عَلى ألّا يَطْعَنَ، فَإذا طَعَنَ فَقَدْ نَكَثَ عَهْدَهُ، وخَرَجَ مِنَ الذِمَّةِ. (أئِمَّةَ) بِهَمْزَتَيْنِ: كُوفِيٌّ، وشامِيٌّ. الباقُونَ بِهَمْزَةٍ واحِدَةٍ غَيْرِ مَمْدُودَةٍ بَعْدَها ياءٌ مَكْسُورَةٌ. أصْلُها: أأْمِمَةٌ، لِأنَّها جَمْعُ إمامٍ، كَعِمادٍ وأعْمِدَةٍ، فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ المِيمِ الأُولى إلى الهَمْزَةِ الساكِنَةِ، وأُدْغِمَتْ في المِيمِ الأُخْرى، فَمَن حَقَّقَ الهَمْزَتَيْنِ أخْرَجَهُما عَلى الأصْلِ، ومَن قَلَبَ الثانِيَةَ ياءً فَلِكَسْرَتِها ﴿إنَّهم لا أيْمانَ لَهُمْ﴾ وإنَّما أثْبَتَ لَهُمُ الإيمانَ في قَوْلِهِ: ﴿وَإنْ نَكَثُوا أيْمانَهُمْ﴾ لِأنَّهُ أرادَ أيْمانَهُمُ الَّتِي أظْهَرُوها، ثُمَّ قالَ: ﴿لا أيْمانَ لَهُمْ﴾ عَلى الحَقِيقَةِ. وهو دَلِيلٌ لَنا عَلى أنَّ يَمِينَ الكافِرِ لا تَكُونُ يَمِينًا، ومَعْناهُ عِنْدَ الشافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: أنَّهم لا يُوفُونَ بِها، لِأنَّ يَمِينَهم يَمِينٌ عِنْدَهُ حَيْثُ وصَفَها بِالنَكْثِ، (لا أيْمانَ): شامِيٌّ، أيْ: لا إسْلامَ. ﴿لَعَلَّهم يَنْتَهُونَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِـ ﴿فَقاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْرِ﴾ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ، أيْ: لِيَكُنْ غَرَضُكم في مُقاتَلَتِهِمُ انْتِهاءَهم عَمّا هم عَلَيْهِ بَعْدَ ما وُجِدَ مِنهم مَنِ العَظائِمِ، وهَذا مِن غايَةِ كَرَمِهِ عَلى المُسِيءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب