الباحث القرآني

﴿وَلَمّا رَجَعَ مُوسى﴾ مِنَ الطُورِ ﴿إلى قَوْمِهِ﴾ بَنِي إسْرائِيلَ ﴿غَضْبانَ﴾ حالٌ مِن مُوسى. ﴿أسِفًا﴾ حالٌ أيْضًا، أيْ: حَزِينًا ﴿قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي﴾ قُمْتُمْ مَقامِي، وكُنْتُمْ خُلَفائِي. ﴿مِن بَعْدِي﴾ والخِطابُ لِعَبَدَةِ العِجْلِ مِنَ السامِرِيِّ وأشْياعِهِ، أوْ لِهارُونَ ومَن مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿اخْلُفْنِي في قَوْمِي﴾ [الأعْرافُ: ١٤٢]. والمَعْنى: ﴿بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي﴾ حَيْثُ عَبَدْتُمُ العِجْلَ مَكانَ عِبادَةِ اللهِ، أوْ حَيْثُ لَمْ تَكُفُّوا عَنْ عِبادَةِ غَيْرِ اللهِ، وفاعِلُ "بِئْسَ" مُضْمَرٌ يُفَسِّرُهُ: " ما خلفتمونِي " والمَخْصُوصُ بِالذَمِّ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: بِئْسَ خِلافَةً خَلَفْتُمُونِيها مِن بَعْدِي خِلافَتُكُمْ، ومَعْنى: ﴿مِن بَعْدِي﴾ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿خَلَفْتُمُونِي﴾ مِن بَعْدِ ما رَأيْتُمْ مِنِّي مِن تَوْحِيدِ اللهِ، ونَفْيِ الشُرَكاءِ عَنْهُ، أوْ مِن بَعْدِ ما كُنْتُ أحْمِلُ بَنِي إسْرائِيلَ عَلى التَوْحِيدِ، وأكُفُّهم عَنْ عِبادَةِ البَقَرَةِ، حِينَ قالُوا: ﴿اجْعَلْ لَنا إلَهًا كَما لَهم آلِهَةٌ﴾ [الأعْرافُ: ١٣٨] ومِن حَقِّ الخُلَفاءِ أنْ يَسِيرُوا بِسِيرَةِ المُسْتَخْلِفِ ﴿أعَجِلْتُمْ﴾ أسَبَقْتُمْ بِعِبادَةِ العِجْلِ ﴿أمْرَ رَبِّكُمْ﴾ وهُوَ: (p-٦٠٧)إتْيانِي لَكم بِالتَوْراةِ بَعْدَ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، وأصْلُ العَجَلَةِ: طَلَبُ الشَيْءِ قَبْلَ حِينِهِ، وقِيلَ: عَجِلْتُمْ بِمَعْنى تَرَكْتُمْ، ﴿وَألْقى الألْواحَ﴾ ضَجَرًا عِنْدَ اسْتِماعِهِ حَدِيثَ العِجْلِ غَضَبًا لِلَّهِ، كانَ في نَفْسِهِ شَدِيدَ الغَضَبِ، وكانَ هارُونُ ألْيَنَ مِنهُ جانِبًا، ولِذَلِكَ كانَ أحَبَّ إلى بَنِي إسْرائِيلَ مِن مُوسى، فَتَكَسَّرَتْ، فَرُفِعَتْ سِتَّةُ أسِباعِها، وبَقِيَ سُبُعٌ واحِدٌ، وكانَ فِيما رُفِعَ تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ، وفِيما بَقِيَ هُدًى ورَحْمَةٌ ﴿وَأخَذَ بِرَأْسِ أخِيهِ﴾ بِشَعْرِ رَأْسِهِ غَضَبًا عَلَيْهِ، حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْهم عَنْ عِبادَةِ العِجْلِ ﴿يَجُرُّهُ إلَيْهِ﴾ عِتابًا عَلَيْهِ لا هَوانًا بِهِ، وهو حالٌ مِن مُوسى ﴿قالَ ابْنَ أُمَّ﴾ بُنِيَ الِابْنُ مَعَ الأُمِّ عَلى الفَتْحِ كَخَمْسَةَ عَشَرَ، وبِكَسْرِ المِيمِ: حَمْزَةُ، وعَلِيٌّ، وشامِيٌّ، لِأنَّ أصْلَهُ أُمِّي، فَحَذَفَ الياءَ اجْتِزاءً عَنْها بِالكَسْرَةِ، وكانَ ابْنُ أُمِّهِ وأبِيهِ، وإنَّما ذَكَرَ الأُمَّ، لِأنَّها كانَتْ مُؤْمِنَةً، ولِأنَّ ذِكْرَها أدْعى إلى العَطْفِ. ﴿إنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وكادُوا يَقْتُلُونَنِي﴾ أيْ: إنِّي لَمْ آلُ جَهْدًا في كَفِّهِمْ بِالوَعْظِ والإنْذارِ، ولَكِنَّهُمُ اسْتَضْعَفُونِي، وهَمُّوا بِقَتْلِي. ﴿فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْداءَ﴾ الَّذِينَ عَبَدُوا العِجْلَ، أيْ: لا تَفْعَلْ بِي ما هو أُمْنِيَتُهم مِنَ الِاسْتِهانَةِ بِي، والإساءَةِ إلَيَّ، ﴿وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظالِمِينَ﴾ أيْ: قَرِينًا لَهم بِغَضَبِكَ عَلَيَّ. فَلَمّا اتَّضَحَ لَهُ عُذْرُ أخِيهِ قالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب