الباحث القرآني

وَلَمّا أمَرَ النَبِيَّ ﷺ بِإنْذارِ غَيْرِ المُتَّقِينَ لِيَتَّقُوا، أمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَقْرِيبِ المُتَّقِينَ، ونَهى عَنْ طَرْدِهِمْ ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهم بِالغَداةِ والعَشِيِّ﴾ وأثْنى عَلَيْهِمْ بِأنَّهم يُواصِلُونَ دُعاءَ رَبِّهِمْ، أيْ: عِبادَتَهُ، ويُواظِبُونَ عَلَيْها. والمُرادُ بِذْكْرِ الغَداةِ والعَشِيِّ الدَوامُ، أوْ مَعْناهُ: يُصَلُّونَ صَلاةَ الصُبْحِ والعَصْرِ، أوِ الصَلَواتِ الخَمْسَ. (بِالغُدْوَةِ) شامِيٌّ. ووَسَمَهم بِالإخْلاصِ في عِبادَتِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿يُرِيدُونَ وجْهَهُ﴾ فالوَجْهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ ذاتِ الشَيْءِ، وحَقِيقَتِهِ. «نَزَلَتْ في الفُقَراءِ: بِلالٍ، وصُهَيْبٍ، وعَمّارٍ، وأضْرابِهِمْ، حِينَ قالَ رُؤَساءُ المُشْرِكِينَ: لَوْ طَرَدْتَ هَؤُلاءِ السُقّاطَ لَجالَسْناكَ. فَقالَ ﷺ: "ما أنا بِطارِدِ المُؤْمِنِينَ". فَقالُوا: اجْعَلْ لَنا يَوْمًا ولَهم يَوْمًا، وطَلَبُوا بِذَلِكَ كِتابًا، فَدَعا عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِيَكْتُبَ، فَقامَ الفُقَراءُ، وجَلَسُوا ناحِيَةً، فَنَزَلَتْ. فَرَمى ﷺ بِالصَحِيفَةِ، وأتى الفُقَراءَ، فَعانَقَهم. ﴿ما عَلَيْكَ مِن حِسابِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ » كَقَوْلِهِ: ﴿إنْ حِسابُهم إلا عَلى رَبِّي﴾ [الشُعَراءُ: ١١٣] ﴿وَما مِن حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ وذَلِكَ أنَّهم طَعَنُوا في دِينِهِمْ وإخْلاصِهِمْ، فَقالَ: حِسابُهم عَلَيْهِمْ لازِمٌ لَهُمْ، لا يَتَعَدّاهم إلَيْكَ، كَما أنَّ (p-٥٠٧)حِسابَكَ عَلَيْكَ لا يَتَعَدّاكَ إلَيْهِمْ ﴿فَتَطْرُدَهُمْ﴾ جَوابُ النَفْيِ، وهو ﴿ما عَلَيْكَ مِن حِسابِهِمْ﴾ ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظالِمِينَ﴾ جَوابُ النَهْيِ وهو ﴿وَلا تَطْرُدِ﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى "فَتَطْرُدَهُمْ" عَلى وجْهِ التَسْبِيبِ، لِأنَّ كَوْنَهُ ظالِمًا مُسَبَّبٌ عَنْ طَرْدِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب