الباحث القرآني

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أشْرَكُوا﴾ إخْبارٌ بِما سَوْفَ يَقُولُونَهُ ﴿لَوْ شاءَ اللهُ﴾ ألّا نُشْرِكَ ﴿ما أشْرَكْنا ولا آباؤُنا ولا حَرَّمْنا مِن شَيْءٍ﴾ ولَكِنْ شاءَ، فَهَذا عُذْرُنا، يَعْنُونَ: أنَّ شِرْكَهم وشِرْكَ آبائِهِمْ وتَحْرِيمَهم ما أحَلَّ اللهُ لَهم بِمَشِيئَتِهِ، ولَوْلا مَشِيئَتُهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ أيْ: كَتَكْذِيبِهِمْ إيّاكَ كانَ تَكْذِيبُ المُقَدَّمِينَ وتَشَبَّثُوا بِمِثْلِ هَذا، فَلَمْ يَنْفَعْهم ذَلِكَ إذْ لَمْ يَقُولُوهُ عَنِ اعْتِقادٍ، بَلْ قالُوا ذَلِكَ اسْتِهْزاءً، ولِأنَّهم جَعَلُوا مَشِيئَتَهُ حُجَّةً لَهم عَلى أنَّهم مَعْذُورُونَ بِهِ. وهَذا مَرْدُودٌ، لا الإقْرارُ بِالمَشِيئَةِ، أوْ مَعْنى المَشِيئَةِ هُنا: الرِضا، كَما قالَ الحَسَنُ، أيْ: رَضِيَ اللهُ مِنّا ومِن آبائِنا الشِرْكَ، والشِرْكُ مُرادٌ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ. ألا تَرى أنَّهُ قالَ: ﴿فَلَوْ شاءَ لَهَداكم أجْمَعِينَ﴾ أخْبَرَ أنَّهُ لَوْ شاءَ مِنهُمُ الهُدى لَآمَنَ كُلُّهُمْ، ولَكِنْ لَمْ يَشَأْ مِنَ الكُلِّ الإيمانَ، بَلْ شاءَ مِنَ البَعْضِ الإيمانَ ومِنَ البَعْضِ الكُفْرَ، فَيَجِبُ حَمْلُ المَشِيئَةِ هُنا عَلى ما ذَكَرْنا دَفْعًا لِلتَّناقُضِ ﴿حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا﴾ حَتّى أنْزَلْنا عَلَيْهِمُ العَذابَ ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكم مِن عِلْمٍ﴾ مِن أمْرٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ الِاحْتِجاجُ بِهِ فِيما قُلْتُمْ ﴿فَتُخْرِجُوهُ لَنا﴾ فَتُظْهِرُوهُ ﴿إنْ تَتَّبِعُونَ إلا الظَنَّ وإنْ أنْتُمْ إلا تَخْرُصُونَ﴾ تَكْذِبُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب