(p-٤٥٣)﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ يُوادُّونَ﴾، هو مَفْعُولٌ ثانٍ لِـ "تَجِدُ"، أوْ حالٌ، أوْ صِفَةٌ لِـ "قَوْمًا"، "تَجِدُ"، بِمَعْنى: تَصادِفُ عَلى هَذا،
﴿مَن حادَّ اللهَ﴾، خالَفَهُ، وعاداهُ،
﴿وَرَسُولَهُ﴾ أيْ: مِنَ المُمْتَنِعِ أنْ تَجِدَ قَوْمًا مُؤْمِنِينَ يُوالُونَ المُشْرِكِينَ، والمُرادُ أنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ ذَلِكَ، وحَقُّهُ أنْ يُمْتَنَعَ، ولا يُوجَدَ بِحالٍ، مُبالَغَةً في الزَجْرِ عَنْ مُجانَبَةِ أعْداءِ اللهِ، ومُباعَدَتِهِمْ، والِاحْتِرازِ عَنْ مُخالَطَتِهِمْ، ومُعاشَرَتِهِمْ، وزادَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا، وتَشْدِيدًا، بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ كانُوا آباءَهم أوْ أبْناءَهم أوْ إخْوانَهم أوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾، وبِقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الإيمانَ﴾ أيْ: وأثْبَتَهُ فِيها، وبِمُقابَلَةِ قَوْلِهِ: "أُولَئِكَ حِزْبُ الشَيْطانِ"، بِقَوْلِهِ: "أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ"،
﴿وَأيَّدَهم بِرُوحٍ مِنهُ﴾ أيْ: بِكِتابٍ أنْزَلَهُ، فِيهِ حَياةٌ لَهُمْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الضَمِيرُ لِلْإيمانِ، أيْ: بِرُوحٍ مِنَ الإيمانِ، عَلى أنَّهُ في نَفْسِهِ رُوحٌ لِحَياةِ القُلُوبِ بِهِ، وعَنِ الثَوْرِيِّ أنَّهُ قالَ: "كانُوا يَرَوْنَ أنَّها نَزَلَتْ فِيمَن يَصْحَبُ السُلْطانَ"، وعَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أبِي رَوّادٍ أنَّهُ لَقِيَهُ المَنصُورُ، فَلَمّا عَرَفَهُ هَرَبَ مِنهُ، وتَلاها، وقالَ سَهْلٌ: "مَن صَحَّحَ إيمانَهُ، وأخْلَصَ تَوْحِيدَهُ، فَإنَّهُ لا يَأْنَسُ بِمُبْتَدِعٍ، ولا يُجالِسُهُ، ويُظْهِرُ لَهُ مِن نَفْسِهِ العَداوَةَ، ومَن داهَنَ مُبْتَدِعًا سَلَبَهُ اللهُ حَلاوَةَ السُنَنِ، ومَن أجابَ مُبْتَدِعًا لِطَلَبِ عِزِّ الدُنْيا، أوْ غِناها، أذَلَّهُ اللهُ بِذَلِكَ العِزِّ، وأفْقَرَهُ بِذَلِكَ الغِنى، ومَن ضَحِكَ إلى مُبْتَدِعٍ نَزَعَ اللهُ نُورَ الإيمانِ مِن قَلْبِهِ، ومَن لَمْ يُصَدِّقْ فَلْيُجَرِّبْ"،
﴿وَيُدْخِلُهم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ﴾، بِتَوْحِيدِهِمُ الخالِصِ، وطاعَتِهِمْ،
﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾، بِثَوابِهِ الجَسِيمِ في الآخِرَةِ، أوْ بِما قَضى عَلَيْهِمْ في الدُنْيا،
﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ﴾، أنْصارُ حَقِّهِ، ورُعاةُ خَلْقِهِ،
﴿ألا إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾، اَلْباقُونَ في النَعِيمِ المُقِيمِ، الفائِزُونَ بِكُلِّ مَحْبُوبٍ، الآمِنُونَ مِن كُلِّ مَرْهُوبٍ.
{"ayah":"لَّا تَجِدُ قَوۡمࣰا یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ یُوَاۤدُّونَ مَنۡ حَاۤدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ ءَابَاۤءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَاۤءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَ ٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِیرَتَهُمۡۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِیمَـٰنَ وَأَیَّدَهُم بِرُوحࣲ مِّنۡهُۖ وَیُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ رَضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ حِزۡبُ ٱللَّهِۚ أَلَاۤ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ"}